بخلاف الكثير من التوقعات والتخمينات، جاءت التشكيلة الحكومية التي وضع رئيس الجمهورية الثقة فيها بوجوه جديدة وأخرى يشهد لها الرأي العام بالكفاءة والاقتدار، بل إن القاضي الأوّل في البلاد لجأ في خياراته إلى رجال ميدان كانوا إلى وقت قريب في مناصب وزارية، وهو ما يترك الانطباع بأن الجهاز التنفيذي بقيادة «عبد المالك سلال» يتوفر على كل عوامل النجاح. أكثر ما يثير الاهتمام في تشكيلة الحكومة التي تمّ الإعلان عنها مساء الثلاثاء، هو قدوم 15 وزيرا جديدا اختارهم رئيس الجمهورية ليتولوا تسيير العديد من القطاعات الحسّاسة، ويأتي على رأس القائمة «عبد اللطيف بابا أحمد» الذي جاء لتسيير شؤون حقيبة وزارة التربية الوطنية ليخلف بذلك الوزير المنهية مهامه «بوبكر بن بوزيد» ويرث ملفات ثقيلة وشائكة، وقد كان «بابا أحمد» أمينا عاما بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي وشغل لآخر مرة مهام رئاسة جامعة البليدة. ومن بين الأسماء التي عادت كذلك إلى واجهة الأحداث نذكر الرئيس السابق للمجلس الشعبي الوطني، «عبد العزيز زياري»، الذي أصبح وزيرا للصحة، علما أنه كان قبل تشريعيات 17 ماي 2007 وزيرا منتدبا مكلفا بالعلاقات مع البرلمان، وقد ساعد تكوين «زياري» في مجال الطب على تكليفه بهذا المنصب ليخلف «جمال ولد عباس». وبدوره يعود «محمد شرفي» إلى وزارة العدل، وكان قبل مستشارا برئاسة الجمهورية، ومعروف أنه شغل الحقيبة الوزارية ذاتها في عهد رئيس الحكومة الأسبق «علي بن فليس». كما سجّل «عبد المجيد تبون» عودته هو الآخر إلى الجهاز التنفيذي، وتحديدا إلى منصبه سبق أن شغله وهو السكن والعمران، ويُحسب على هذا الرجل أنه مقرّب من الرئيس «عبد العزيز بوتفليقة»، وقد كان وزيرا للاتصال بداية العشرية الماضية ثم وزيرا منتدبا لدى وزير الداخلية مكلفا بالجماعات المحلية، وما تعيينه الجديد إلا تأكيد على أنه رجل ميدان. ويُمثّل تكليف «محند أوبلعيد السعيد»، رئيس حزب الحرية والعدالة، بوزارة الاتصال أكبر المفاجآت في التعديل الحكومي لكون الرجل محسوبا على المعارضة، لكن مواقفه المعارضة للسياسات الرسمية كانت متزنة إلى حدّ بعيد، وهو ما يبرّر اختياره على رأس هذه الوزارة خاصة وأنه رجل مهنة متمرّس جدّا، ويراهن عليه الرئيس «بوتفليقة» من أجل إعادة قطار القطاع إلى سكته الصحيحة وتجاوز التراكمات التي خلّفها سلفه «ناصر مهل». كما أن تعيين «عمار بن يونس» وزيرا للتهيئة العمرانية والبيئة لم يكن مفاجئا البتة قياسا بالدور الذي لعبه في السنوات الأخيرة في دعم برنامج رئيس الجمهورية، بل إنه ساهم عن قرب في إدارة حملة المترشح «عبد العزيز بوتفليقة» الانتخابية لرئاسيات 2009، لكن الجديد هو أن «بن يونس» يعود إلى الجهاز التنفيذي بثوب آخر غير السياسي المعارض مثلما كان عليه الحالي في العام 2000 لما عُيّن وزيرا للصحة عن حزب «الأرسيدي». وستكون «دليلة بوجمعة» إلى جانب «بن يونس» لأنها كلّفت بمنصب كاتبة دولة لدى وزير التهيئة العمرانية والبيئة مكلفة بالبيئة وهي التي تنتسب إلى هذا القطاع كونها شغلت منصب مديرة مركزية بهذه الوزارة لسنوات عديدة. وبالمقابل شكل تعيين «بلقاسم ساحلي»، الأمين العام لحزب التحالف الوطني الجمهوري، في منصب كاتب دولة لدى وزير الخارجية مكلف بالجالية الوطنية بالخارج، مفاجأة أخرى لأن اسم ابن مدينة سطيف الذي يشغل منصب نائب في المجلس الشعبي الوطني بعد أن حصد حزبه ثلاث مقاعد في التشريعات الأخيرة، لم يخطر على بال أحد. ومن بين الوافدين الجدد إلى الطاقم الحكومي الأمين العام السابق لوزارة الفلاحة، «سيد أحمد فروخي، المعيّن على رأس وزارة الصيد البحري والموارد الصيدية، وقد اشتغل في القطاع لسنوات طويلة، كما حظي «حسين نسيب» بمنصب وزاري بعد أن أمضى بضع سنوات أمينا عاما بوزارة الأشغال العمومية، حيث سيخلف بموجب التعديل الحكومي «عبد المالك سلال» على رأس وزارة الموارد المائية، وقد تدرّج «نسيب» عبر الكثير من المسؤوليات كان أبرزها إدارته الوكالة الوطنية للطرق السريعة، وهو يبدو واثقا من استثمار تجربته الطويلة في تسيير قطاعه الجديد في تصريحه أمس الذي قال فيه إن «هناك أشياء كثير يجب القيام بها». أما «محمد تهمي» المعيّن وزيرا للشباب والرياضة فإنه ليس غريبا في الأوساط الرياضية خاصة لدى أسرة كرة اليد كونه سبق أن ترأس اتحادية اللعبة، ومعروف عن «تهمي» المنحدر من ولاية تيزي وزو أنه طبيب أخصائي في القلب. وسيرافقه في تسيير هذا القطاع القيادي في التجمع الوطني الديمقراطي، «بلقاسم ملاح»، الذي أسندت له مهام كاتب دولة لدى وزير الشباب والرياضة مكلف بالشباب، وكان الرجل نائبا بالمجلس الشعبي الوطني عن ولاية أم البواقي بين 1997 و2002، وهو عضو مكتب وطني مكلف بالإعلام على مستوى «الأرندي». وزيادة على ذلك اتضح أن خيارات رئيس الجمهورية اعتمدت على مقياس الكفاءة بتعيين تعيين الدكتور «بشير مصيطفى» كاتبا للدولة لدى الوزير الأول مكلفا بالاستشراف والإحصاء بحكم أن الخبير الاقتصادي كان نشطا جدّا وساهم بدراسات أكاديمية في إعطاء حلول اقتصادية للحكومة، وفي حين لا تتوفر معلومات كثيرة عن «محمد مباركي» وزير التكوين والتعليم المهنيين سوى أنه شغل منصب سيناتور، فإن محمد أمين حاج سعيد المكلف بمنصب كاتب دولة لدى وزير السياحة والصناعات التقليدية مكلّف بالسياحة كان قبل هذا يشغل منصب مدير ديوان وزير السياحة. زهير آيت سعادة شارك: * Email * Print * Facebook * * Twitter