أكد علي تواتي، نائب محافظ بنك الجزائر، أمس، أمام هيئة محكمة الجنايات بمجلس قضاء البليدة، أنه سلم تقريرا مفصلا عن بنك خليفة إلى وزير المالية، مراد مدلسي، وأن مراسلته كانت واضحة ووضعية البنك تستدعي متابعة قضائية، عكس ما صرح به مدلسي عندما قال إن المراسلة كانت إخبارية ووصفية ولا تتضمن محاضر ولذلك لم أعرها اهتماما. وبالمقابل، أكد تواتي أن عبد المومن خليفة لا يتمتع بالكفاءة ولا علاقة له بتسيير البنوك.. القاضي: أنت كنت تشغل منصب نائب محافظ بنك الجزائر. متى عينت في هذا المنصب..؟ تواتي: من 2 جوان 2001 إلى يومنا هذا.
القاضي: أين كنت قبل هذا التاريخ..؟ تواتي: كنت مديرا عاما للصرف ببنك الجزائر منذ 3 نوفمبر 1990، إلى غاية 2 جوان 2001، ثم تم تعيني نائب محافظ بنك الجزائر بمرسوم رئاسي.
القاضي: مم كانت تتكون المديرية العامة للصرف..؟ تواتي: كانت تتكون من 4 مديريات على غرار مديرية التجارة الخارجية، ومديرية مراقبة الصرف.
القاضي: الرقابة كيف كانت تتم على مستوى بنك الجزائر..؟ تواتي: عملية الرقابة على البنوك التجارية تتعلق بمراقبة التوطين بناء على التقارير الثلاثية التي ترسل إلى مديرية الصرف. كما أن الرقابة تتم عن طريق اللجنة المصرفية، وهناك نوعان: رقابة في عين المكان، ورقابة الوثائق، والعقوبة الأقصى التي يتم اتخاذها هي سحب الاعتماد.
القاضي: أرسلت تقريرا إلى السيد خموج، ماذا تضمن؟ تواتي علي: كانت هناك خروقات خطيرة قام بها بنك خليفة، كالميزانية مثلا.
القاضي: بالنسبة إلى قرار التجميد المؤقت للتجارة الخارجية من اتخذه..؟ تواتي: المدير العام للصرف هو من اتخذ القرار سيدي القاضي.
القاضي: وماذا عن التقرير الخاص ببنك خليفة..؟ تواتي: أخطرت محافظ بنك الجزائر في سنة 2000 عبد الوهاب كرمان بخصوص عدم إدخال شركة الخليفة للطيران للعملة الصعبة إلى الجزائر من نشاطها، كما أخطرت المحافظ ذاته في بداية سنة 2001 بالخروقات التي كانت ترتكبها وكالات بنك الخليفة، لا سيما وكالات البليدة، الشراڤة، القليعة، بعد القيام بجولات تفتيشية مفاجئة.
القاضي: وبعدها... تواتي: الزيارات التفتيشية لمختلف وكالات بنك الخليفة كشفت عن حدوث تجاوزات كبيرة على مستوى بعض الوكالات فيما تعلق بالتجارة الخارجية، إضافة إلى أن عددا من الوكالات التي كانت تتوفر على ترخيص بالتجارة الخارجية لم تكن تتعدى 11، غير أن القائمين على الوكالات غير المعتمدة لجأوا إلى حيلة تمثلت في استعمال "سويفت" الوكالات المعتمدة لتمرير العمليات التجارية، الأمر الذي دفعني إلى مراسلة الأمانة العامة لوزارة المالية في عهد الوزير مراد مدلسي، وفي عهد محمد ترباش من بعد، على اعتبار أن وزير المالية هو وحده المخول برفع الشكاوى الجزائية، وهو التقرير الذي أكد الأمين العام لوزارة المالية تسلمه وقام بتحويله رأسا إلى وزير المالية مدلسي.
القاضي: لكن أعوان المفتشية العامة لم يكونوا مؤهلين، لأنهم غير محلفين؟ تواتي: لم يمكن لأحد ببنك الجزائر أن يرد على هذا السؤال وأن يفسر لك لأن هذه الوظيفة هي جديدة بالنسبة إلى الجميع. القاضي: لم ينتبه أحد في بنك الجزائر إلى هذا؟ تواتي: أقولها بكل وضوح، آنذاك خرجنا من جنهم وكان هناك أولويات، دون أن ننسى مشكل الإرهاب.
القاضي: سوء التسيير لا يمكن أن يكون من إفرازات العشرية السوداء؟ تواتي علي: لا يوجد مؤسسة في العالم لديها مردودية 100 % ..
القاضي: سنة 2001 أخبرت السيد كرمان محافظ بنك الجزائر عن الخروقات في الوكالات التابعة لبنك خليفة؟ تواتي: أخبرته أني لا أثق في التجارة الخارجية لبنك خليفة.
القاضي: لماذا أرسلت تقريرا إلى وزارة المالية؟ تواتي علي: من أجل المتابعة الجنائية لبنك خليفة، أنا موظف منذ 1963 بالنسبة إلي القول أن التقرير لا يحتوي على إخطار بخروقات قانونية ليس سببا كافيا لعدم تحريك الدعوى العمومية .
القاضي: لماذا لم تقوموا بمراسلة البنوك المركزية لتجميد تعاملاتها مع بنك الخليفة..؟ تواتي: أجهزة الرقابة لم تتمكن من جمع خروقات الخليفة للطيران والخليفة بنك، على الرغم من الأساليب التي استعملت في مراقبة نشاط المؤسسين، حيث أن البداية كانت بالزيارات المفاجئة، ولما تبينت محدودية فعاليتها تم اللجوء إلى فرق التفتيش الدائمة، وهي الطريقة التي ضيقت كثيرا على مسؤولي المجمع، الأمر الذي جعلهم يكثفوا من عملية تهريب الأموال إلى الخارج بطريقة غير شرعية بداية من جويلية 2002، ما دفع ببنك الجزائر إلى وقف التحويلات المالية إلى الخارج في 27 نوفمبر 2002، وهي العملية التي لم يتم إشهارها لدى البنوك المركزية الأجنبية، الأمر الذي كان من شأنه أن يوقف عملية تهريب الأموال إلى الخارج، بما يمكن أن يترتب عن ذلك من تداعيات غير محمودة العواقب على الاقتصاد الوطني، أمام تضليل مسؤولي بنك الخليفة للطيران لمصالح بنك الجزائر من خلال تزوير مستندات الميزانيات السنوية وعدم تبليغ محافظ ومحققي الحسابات عن الخروقات المسجلة على مستوى بنك الخليفة.
القاضي: مراد مدلسي قال إن المراسلة التي تلقها كانت إخبارية والتقرير لم يكن نظاميا ولا تتضمن محاضر ولذلك لم أعره اهتماما؟ تواتي: المراسلة كانت واضحة سيدي القاضي وأنا أشرت في التقرير صراحة بأن وضعية البنك تستدعي "متابعة قضائية" كما أنني أعددت تقريرا مفصلا عن خروقات بنك الخليفة، والخليفة للطيران، المتعلقة بعملها وحركة رؤوس أموالهما من وإلى الخارج، كما تأكدت عن تسليم هذا التقرير لوزارة المالية في عهد الوزير مراد مدلسي، باعتبار هذا الأخير هو وحده المخول قانونا برفع شكوى جزائية لدى مصالح العدالة.
القاضي: وزير المالية محمد ترباس قام بمعاينة المخالفات وتعيين مفتشين؟ تواتي: نعم صحيح، وفي نفس الفترة أعوان بنك الجزائر كانوا محلفين.
القاضي:أنت قلت عند قاضي التحقيق أن عددا من الوكالات على غرار وكالة البليدة تمارس التجارة الخارجية بطريقة غير قانونية..؟ تواتي: نعم وكانت أولى الخروقات التي ارتكبها بنك الخليفة قيام وكالاته بالتجارة الخارجية رغم أنها كانت غير معتمدة وذلك باستعمال رمز الوكالة المعتمدة.
القاضي: أنت استقبلت عبد المومن خليفة..؟ تواتي: عبد المومن خليفة طلب من لكصاسي أن استقبله، وبالفعل استقبلته بصفة رسمية وبحضور الأمين العام لبنك الجزائر حليم بوقيدة، لمدة 30 دقيقة وفاجأني عندما أعلمني بأنه اشترى بنكا بألمانيا والتمس منحه الاعتماد .
القاضي: لكن شراء خليفة لبنك في ألمانيا ليس بمخالفة..؟ تواتي: نعم شراء مثل هذا البنك بالخارج لا يعتبر مخالفة مادات الأموال لا تخرج من الجزائر، أي لا تحول من الوطن إلى الخارج.
القاضي: عندما استقبلت عبد المومن خليفة كيف بدا لك..؟ تواتي: لا يتمتع بالكفاءة في تسيير البنوك لأنه طلب مني مساعدته بكل الطرق.
القاضي: قلت إنك كانت لديك شكوك..؟ تواتي: نعم تأكدت بأنه لا علاقة له بالبنوك أصلا، وربما كان "يقصد" منحه لموظفين من بنك الجزائر.
القاضي: أعطيتم تعليمات صارمة للمفتشيات حتى تقوم بتفتيشات مكثفة..؟ تواتي: الملاحظات الأولية التي عاينتها المفتشية العامة أثناء الرقابة على الوثائق والتصريحات المقدمة من طرف بنك الخليفة منذ إنشاء هذا البنك كانت تتمثل في التأخر في التصريحات المتعلقة بالمخاطر وعدم الالتزام بالتنظيمات المعمول بها، إذ غالبا ما كانت هذه التصريحات ناقصة أو غير كاملة، كما أن البنك كان يستعمل حساب التسوية كثيرا، خاصة ابتداء من سنة 2001 وقد تم تذكير البنك بموجب رسائل ابتداء من فيفري 2001 بصفة أكثر، إلا أن بنك الخليفة لم يستجب لهذه التوجيهات، وبناء على ذلك قمنا بتفتيشات ميدانية تمثلت في 10 تفتيشات.
القاضي: قرار مؤقت بتجميد التجارة الخارجية لبنك خليفة، على أي اساس تم...؟ تواتي: القرار المؤقت لتجميد التجارة الخارجية، اتخذه المدير العام للصرف، وصادقت عليه اللجنة المصرفية، حيث توصل التقرير الخاص بعمليات التحويل المتعلقة بالاستيراد ببنك الخليفة إلى أن تنظيم مديرية التجارة الخارجية لم يكن مبني على أسس الرقابة الداخلية ويمثل خطرا حقيقيا على البنك، كما توصل التقرير إلى وجود خروقات ومواصلة مسيري بنك الخليفة لهذه التجاوزات مما جعل بنك الجزائر يتخذ قرارا في تلك الفترة والمتمثل في تجميد التجارة الخارجية بتاريخ 27 نوفمبر 2002 من طرف المدير العام للصرف وتم اكتشاف تحويلات مخالفة لقانون حركة رؤوس الأموال وبناء على ذلك قمنا بإعداد تقرير وأرسل إلى محافظ بنك الجزائر.
القاضي: على أي أساس عينتم المتصرف الإداري؟ تواتي: بعد التجاوزات والخروقات التي سجلناها على مستوى بنك خليفة، تم تعيين المتصرف الإداري حتى يتم إنقاذ البنك.
القاضي: كيف تم تعيين السيد جلاب أنذاك..؟ تواتي: تم تعيينه لأسباب موضوعية، والمعروف عن جلاب أنه شخص محترف ويتمتع بالكفاءة العالية.
القاضي: من خلال تعيينه، ما هي الحقيقة التي وقفتم عليها..؟ تواتي: التقرير الأولي الذي أعده جلاب كان كارثة، خاصة فيما يتعلق بتأخر بنك الخليفة في إنجاز الميزانيات، كما سجل التفتيش الذي أجري على مستوى بنك الخليفة اغتصاب واضح للقوانين المعمول بها، أي القوانين التي تنظم البنوك، خاصة في عمليات التسيير وتأخر في إعداد الميزانيات ومخالفات تحويلات مخالفة لقانون حركة رؤوس الأموال، فضلا عن التأخر في التصريحات المتعلقة بالمخاطر وعدم الالتزام بالتنظيمات المعمول بها، إذ غالبا ما كانت هذه التصريحات ناقصة أو غير كاملة، كما أن البنك كان يستعمل حساب التسوية.
القاضي: وماذا عن نسخة التقرير التي طلبها الوزير ترباش..؟ تواتي: رغم إرسال التقرير إلى وزير المالية مراد مدلسي في 18 ديسمبر 2001، إلا أنه في شهر أكتوبر 2002، اتصل بي محافظ بنك الجزائر، وأعلمني بأن وزير المالية السيد ترباش محمد يطلب نسخة ثانية والتي أرسلتها فعلا.
القاضي: في الفترة التي قضاها المتصرف الإداري، اقترح عليكم رأسمالة بنك خليفة أو تصفيته؟ تواتي: المتصرف الإداري لم يقترح رأسمالة بنك خليفة، لأنه يستحيل ذلك.
القاضي: وفي الأخير جاء قرار سحب الاعتماد من بنك خليفة وأنت من ترأس اللجنة؟ تواتي: نعم، سحب الاعتماد من بنك خليفة كان قرارا صائبا.
القاضي: هل كان من الممكن إنقاذ بنك خليفة..؟ تواتي: كان صعبا جدا وعبد مومن خليفة طلب تسوية الوضع مقابل بيع الطيران خليفة.
تعليق تواتي يثير بلبلة في القاعة: تسبب تعليق نائب محافظ بنك الجزائر علي تواتي، بخصوص ما نشر في الصحافة عن القول بأنه كان سبباً في "غلق بنك خليفة" ووصفه له بأنه تفاهات، في احتجاج المحامي ناصر لزعر ممثل دفاع المتهم عبد المومن خليفة، الذي اعتبر أن القول بذلك يعد إهانة له، حيث طالب بسحب تصريحه أمام هيئة المحكمة، قبل أن ينضم إليه عدد من المحامين، ما أحدث فوضى في الجلسة، فيما تكفل القاضي عنتر منور بالدفاع عن الصحافة بالقول أنها تنقل ما يناقش على لسان المحامين والمتهمين والشهود، واستمر الاحتجاج لقرابة خمس دقائق ما استدعى رفع الجلسة الصباحية في حدود الساعة العاشرة والعودة بعد قرابة نصف الساعة، وهناك كان الصحافيون قد نظموا صفوفهم للاحتجاج على طريقتهم بالقاعة بالوقوف في أماكنهم، ما جعل القاضي يتساءل عن سبب الوقوف قبل أن يطلب من السيد تواتي سحب تصريحه، وهو ما استجاب له المعني الذي أكد أنه لم يكن يقصد أيا كان، وأنه يعتذر على التصريح الذي بدر منه.