عندما يقول أحد البرلمانيين من مسؤولي لجنة النقل داخل المجلس الوطني الشعبي إن مدارس تعليم السياقة فضلت البدء في اعتماد تسعيرة 3 ملايين سنتيم للحصول على رخص. * وذلك حتى قبل أن يتم تمرير القانون على البرلمان في أكتوبر المقبل للمصادقة عليه، فنحن هنا بصدد اعتراف خطير مفاده أن حتى مدارس تعليم السياقة لم تعد تعترف بالقانون ولا بالبرلمان النائم ولا حتى بالحكومة التي استولت على مهام البرلمان في التشريع! * * الغريب أن هذا البرلمان نفسه، والذي يوجد كثير من أعضائه في عطلة منذ فترة طويلة، أو بالأحرى منذ انتخابهم، لم يعد تحرّكه نابعا من الشعب ولا مدافعا عن مصالحه ولا حتى منتميا إليه، وكأن البرلمانيين، أو كثير منهم، أصبحوا يتمتعون بحصانة ضد الشعب الذي انتخبهم، وإلا كيف لم نسمع مثلا عن برلماني واحد قام بزيارة تضامن للأساتذة المتعاقدين الذين دخلوا شهرهم الثاني من الإضراب عن الطعام؟، ولماذا لم يكترث أحد لحل مشكلة العائلات التي تنتظر جثث أبنائها من ضحايا تفجير مدرسة الدرك في يسر؟ والأهم من هذا وذاك، لماذا أصبحت أسئلة البرلمانين للحكومة متواطئة وتفتقد للمصداقية وفي أحيان كثيرة تنقصها الواقعية؟! * * البرلماني الذي أصبح رأسه عند الدولة يساوي أربعين مليون، لا يمكنه أن يتحرك وفقا لإرادته السياسية ولا حتى للدفاع عن أولئك الذين أوصلوه لما هو عليه، بل تصبح تحركاته مرهونة بالسلطة التي تدفع وتقيّم البرلمانيين وكأنهم تجار في سوق الحميز، وتدفع لأحزابهم بسعر الجملة، فيحصل حزب الأغلبية على مليارين وتقتصر حصة الحزب الأضعف على 200 مليون، كما أن افتقاد البرلمان لحريته السياسية زرع بذور الفتنة داخل الأحزاب نفسها، والدليل أن عاصفة انقلاب النواب داخل حمس لم تبدأ إلا بعدما قررت السلطة توزيع المال العام على نواب الأمة في سيناريو شبيه بما وقع في حزب العمال بالأمس القريب، ويمكن أن يطال كل الأحزاب في القريب العاجل!