أشارت تقارير أمنية جزائرية، الى أن عدد عناصر تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، الذين ينشطون ميدانيا لا يتجاوز حوالي 80 فردا من مجموع حوالي 400 عنصر نشط تحت لواء هذا التنظيم الإرهابي تحت إمرة عبد المالك درودكال (أبو مصعب عبد الودود). وأوضحت التقارير التي استندت إلى تحريات أمنية وتصريحات إرهابيين موقوفين وتائبين أن أغلب هؤلاء النشطين هم من المجندين الجدد، أغلبهم من المراهقين الذين تم تحويلهم إلى "الخلية الانتحارية"، ويتمركز أغلب هؤلاء في المناطق الجبلية التي تتميز بصعوبة مسالكها، ما يشكل عائقا أمام زحف وتوغل قوات الأمن في عمليات التمشيط أبرزها معقل سيدي علي بوناب ببومرداس، الذي يعد المعقل الرئيسي للتنظيم في المنطقة الثانية، حيث تتواجد فيه الكتائب الهامة وقيادة أركان التنظيم وتنتشر فيه العيادات ومخازن السلاح، استنادا إلى شهادات تائبين وإرهابيين موقوفين، إضافة إلى آخرين تم تحويلهم إلى معاقل المنطقة السادسة، خاصة بولاية باتنة، حيث تتواجد كتيبة "الموت" التي تضم المجندين للعمليات الانتحارية، وهو الخيار الذي تبنته قيادة التنظيم منذ أحداث 11 أفريل الماضي، حفاظا على قدماء النشاط المسلح بعد القضاء على الجيل المؤسس "للجماعة السلفية" سابقا. وتوصلت تحقيقات أمنية في مسار "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، إلى أن عدد النشطين لا يتجاوز الربع من مجموع العناصر التي يحصيها تنظيم درودكال على المستوى الوطني، أغلبهم مراهقون وشباب انضموا حديثا إلى التنظيم أواخر سنة 2006، منهم من كانوا يريدون الالتحاق بصفوف المقاومة العراقية وأغلب هؤلاء الذين ينحدرون من الأحياء الشعبية بالعاصمة تم تجنيدهم في العمليات الانتحارية، كما أكد ذلك شريط "عشاق الحور". وتفيد التحقيقات أنه من الأسباب العامة وراء دفع المجندين الجدد إلى واجهة النار وإقحامهم في العمليات الإرهابية هي كثرة عدد الإصابات بالأمراض المزمنة والإعاقات في صفوف "قدماء" التنظيم الارهابي، وأيضا رغبة قيادة درودكال في الحفاظ على ما تبقى من نواة التنظيم وتفضيل التضحية بالمجندين الجدد، حيث يتمركز ما يسمى العنصر القيادي القديم في مهام ذات علاقة بالتسيير المالي ل "الغنائم " وأموال عائدات النهب والفدية، وكذلك تسيير شبكات الدعم اللوجيستيكي بالسلاح، خاصة، وضمان تنسيق ما بين المجموعات التي لها مهام تنفيذية. أكثر من 100 إرهابي معوق ومصاب بأمراض "ميئوس منها" وتشير معطيات متوفرة لدى "الشروق اليومي"، إلى أن أغلب العاجزين المعفيين من المهام التنفيذية هم من كبار السن الذين التحقوا بالعمل المسلح بداية التسعينيات، ويعانون من أمراض أبرزها، حسب ما توفر لدى "الشروق اليومي" داء السكري، الضغط الدموي، القرحة المعدية، ضعف البصر، داء الربو، إضافة إلى حالات إصابة بسرطان البروستات، وأكدت هذه المعلومات أن داء السكري يتصدر الأمراض التي يعاني منها الإرهابيون، ما أدى إلى بتر عدة أعضاء ولقي عديد منهم حتفهم وتم دفنهم في مقابر بمعاقل الإرهاب، إضافة إلى معوقين ومن بين هؤلاء إرهابيون من مختلف الأعمار تم بتر سيقانهم وحتى أيديهم خلال اشتباكات مع قوات الجيش أو في عمليات قصف ملاجئهم وإصابتهم بتشوهات وحروق كذلك. وأفادت شهادات متطابقة لإرهابيين سلموا أنفسهم لأجهزة الأمن، أن أغلب "معطوبي " الإرهاب يتمركزون بمعاقل المنطقة الثانية، خاصة بولايتي بومرداس وتيزي وزو، حيث تنتشر المخابئ "الآمنة" بعد أن قامت قوات الجيش بتدمير عديد من الملاجئ التي كان يتخذها التنظيم الإرهابي كعيادات لعلاج الجرحى والمرضى، وكانت تجرى فيها عمليات جراحية لاستئصال الرصاصات، لكن على صعيد آخر، لا يستبعد تحويل جميع المرضى والجرحى إلى المعاقل الرئيسية للسيطرة عليهم ومراقبتهم، خاصة بعد أن سجلت رغبة عديد منهم في الالتحاق بعائلاتهم، ويخشى التنظيم من تعاونهم مع مصالح الأمن مستقبلا، خاصة بالنسبة للقدماء الذين يملكون معلومات هامة عن التحركات والمخططات. وكان تائبون قد كشفوا في إفاداتهم أن هؤلاء المعطوبين أوكلت إليهم مهام التنظيف وإعداد الأكل وغسل الملابس فقط، وتحولوا في ظل الظروف التي يعرفها التنظيم إلى عبء، خاصة توفير الدواء، وكان نداء وجهه المدعو "أبو محمد العثماني"، قد أشار إلى ذلك عندما طلب المساعدة بالمال والدواء، فيما تم تكليف "الشيوخ" بحراسة المجندين الجدد ويشعر عديد من المعطوبين بالتهميش والاستياء، ما جعلهم يتطوعون لتنفيذ عمليات انتحارية مخافة التخلص منهم، خصوصاً بعد تزايد الضغوط الأمنية والعسكرية والمطاردات. واستنادا الى شهادات تائبين، فإنه تم تسجيل تفشي الأمراض الخطيرة منها حالات إصابة بالسل، كما سجلت وفاة بعض الإرهابيين في السنتين الأخيرتين بسبب نقص الدواء وتزايد الحصار. العنصر النسوي "مفقود" في المعاقل والأمراء يلتقون زوجاتهم في أماكن "آمنة" وإذا كانت الخلية الانتحارية تتمركز في المنطقة الثانية، إلا انه تم توزيع عديد من المجندين الجدد على المناطق الأخرى لتفعيل النشاط الإرهابي وتوسيع خريطة العمليات، خاصة الانتحارية منها بالمنطقة السادسة (ولايات الشرق). واستفسرت "الشروق اليومي "، من عديد من التائبين عن "وضعية" الإرهابيين المتزوجين في التنظيم ليكشفوا عدم تواجد أسر وزوجات الإرهابيين وأولادهم معهم في الجبال، وأن أغلب هؤلاء، خاصة في المنطقة الثانية، لايزالون على صلة بعائلاتهم المقيمة في الضواحي، واستند هؤلاء إلى أوضاع بعض الإرهابيين الذين ينحدرون من منطقة تادمايت الذين لايزالون على اتصال بعائلاتهم التي تقوم بزيارتهم في أماكن "آمنة"، بعيدا عن الرقابة ويكون الأمراء أكثر حظا على خلفية أنهم يلتقون زوجاتهم في أماكن أكثر أمنا بتواطؤ بعض أقاربهم الذين يشكلون غالبا القواعد الخلفية وينتمون لشبكات الدعم والإسناد. ويبدو الوضع أسوأ بالنسبة للإرهابيين النشطين شرق البلاد الذين كانوا يقيمون مع زوجاتهم وأولادهم في المغارات، لكن سلسلة العمليات العسكرية أدت إلى التضييق عليهم، خاصة عملية جبل البابور بجيجل، كما أن النساء والأطفال تحولوا إلى عبء في ظل التنقلات المستمرة والزحف إلى مناطق آمنة هروبا من عمليات التمشيط، ما انعكس سلبا، حيث سجل انتشار الشذوذ الجنسي، وكان إرهابي متقدم في السن قد سلم نفسه قبل أسبوعين لأجهزة الأمن بولاية المدية، قد برر تسليم نفسه بعد حوالي 14 سنة من النشاط المسلح بهروبه، ما وصفه "الانحراف الجنسي" بين الإرهابيين. وأكدت دراسات حديثة حول واقع الجماعات الإرهابية في الجزائر، أن ما يسمى تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي "، يعاني ميدانيا من صعوبات حقيقية، خاصة في مجال التنقل وتحرك نشطائه لتنفيذ اعتداءات إرهابية خارج معاقله. وأضافت دراسة تحليلية، كان قد أعدها المجلس البريطاني المتخصص في التحاليل الأمنية أوكسفور أناليتيكا (تحاليل)، أن قيادة تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، عاجزة عن المواجهة المباشرة والميدانية لقوات الأمن، لكنها تسعى إلى زرع جو اللاأمن في المدن والمناطق الحضرية، وكانت مصلحة مكافحة الجوسسة التابعة لأجهزة المخابرات الفرنسية، قد قدرت عدد نشطاء تنظيم "الجماعة السلفية" سابقا، بحوالي 500 إرهابي.