صورة من الارشيف في 24 جانفي 2007، أعلنت قيادة "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" تحت إمارة عبد "المالك درودكال" (أبو مصعب عبد الودود) تغيير تسميتها إلى تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، ولم يكن الأمر مفاجأة على خلفية أنه جاء بعد أشهر قليلة (24 نوفمبر عام 2006) من انضمامه رسميا إلى تنظيم "القاعدة"، وهو الأمر الذي باركه أيمن الظواهري. * * * * الفريق ڤايد صالح لأفراده: لاتنخدعوا بالتسمية.. والجيش حقق عمليات نوعية * * وجاءت هذه التسمية في وقت كان يعرف فيه التنظيم بعض المشاكل الداخلية منها قلة عدد الأفراد وتراجع العمليات الإرهابية وانحسارها في المعاقل الرئيسية، لتراهن قيادة "درودكال" على غطاء "القاعدة" لتجنيد عناصر جديدة، خاصة من فئة الشباب بعد فشل الخطابات التي تبنتها لسنوات، محاولا أيضا الاستفادة من دعم داخلي وخارجي، خاصة بعد مباركة الظواهري الذي كان في الواقع يبحث عن منطقة نشاط جديدة لضمان وجود تنظيم "القاعدة"، خاصة بعد مقتل أبو مصعب الزرقاوي أمير تنظيم "القاعدة في بلاد الرافدين"، وتراجع حدة الحرب في العراق وفشلها في الانتشار بمنطقة أفغانستان في ظل وجود حركة "طالبان" لتتجه الى الجزائر بناء على معطيات أهمها وجود تنظيم مسلح لا يزال ينشط. * وحددت ما يسمى "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" رهانات من خلال هذا الغطاء أهمها التوسع الجغرافي، وتمثيل "القاعدة" ليس في منطقة المغرب العربي، بل في العالم أيضا من خلال التهديدات التي حملتها البيانات التي تلت الإعلان باستهداف المصالح الفرنسية، الأمريكية والغربية. * * عجز عن تحقيق الرهانات وانحصار للنشاط * * بعد مرور سنتين، ماذا حقق ما يسمى "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"؟ الوقائع تؤكد أن التنظيم الإرهابي تحت إمارة "درودكال" لم يعجز فقط عن تحقيق الرهانات، لكنه خسر الكثير، وتشير المعطيات المتوفر إلى أنه قاد حربا وحشية ضد المدنيين وكرس تدريجيا منهج "الجيا" بارتكاب مجازر جماعية ضد المدنيين في تفجيرات انتحارية، وكان أول اعتداء إرهابي عمليتين انتحاريتين استهدفتا مقر قصر الحكومة، وأيضا مقر الأمن الحضري بباب الزوار، تعد الأولى من نوعها في الجزائر، وكشفت أن "الجماعة السلفية" اتجهت إلى استهداف المدنيين الذين تم تجنيبهم تحت إمارة حسان حطاب. * وجاء بعد أقل من 4 أشهر من تغيير التسمية لتليها سلسلة من الاعتداءات الانتحارية التي كان أغلب ضحاياها من المدنيين، وفي المقابل، شنت مصالح الأمن حربا نوعية ضد خلايا التنظيم وتمكنت من القضاء على النواة المؤسسة (سفيان فصيلة أبو حيدرة) و"أمراء وقياديين" على صلة بالتخطيط للاعتداءات الإرهابية والانتحارية وانعكس ذلك سلبا على نشاط التنظيم وتنفيذ الإعتداءات الإرهابية، وبدا ذلك واضحا السنة الماضية على الصعيد الأمني، حيث لم يسجل أي اعتداء انتحاري بالعاصمة طيلة سنة 2008 بعد نجاح مصالح الأمن في إحباط العديد من المخططات الإرهابية منها اعتداءات انتحارية في 11 أفريل، 11 جويلية، 11 ديسمبر، أبعد من ذلك، تنظيم "درودكال" قتل أكثر من جزائري و85 بالمائة منهم مدنيون، لكن ماذا حققت الجماعة السلفية للدعوة والقتال تحت غطاء "القاعدة" في المقابل؟ لقد قضت قوات الجيش منذ 24 جانفي 2007 على أكثر من 400 ارهابي منهم أكثر من "35 أميرا قياديا" لديهم أكثر من 15 عاما في النشاط المسلح، ولم يتم ذلك في اشتباكات أو عمليات تمشيط، بل في كمائن بناء على تفعيل العمل الإستخباراتي وأيضا لتوفر المعلومات عن تحركات هؤلاء السرية بعد اختراق التنظيم، "درودكال" خسر أقرب مساعديه وأيضا الولاء الداخلي في ظل موجة الانشقاقات الداخلية ومعارضة الاعتداءات الانتحارية ليستنجد ببقايا "الجيا"، وكان هذا أكبر خطأ استراتيجي رفع ما تبقى من الشرعية عن التنظيم الذي شن حربا ضد المدنيين وعلماء الذين طعنوا جميعا في شرعية أعماله الإجرامية، وهو ما ترتب عنه تراجع الدعم والتجنيد بشكل لافت جدا بدليل إقحام شبكات الدعم والإسناد في العمل الإرهابي المباشر، كما سبق ل"الشروق اليومي" أن أشارت الى ذلك في وقت سابق بناء على تحقيقات ميدانية في ظل تسجيل تراجع عدد أفراد بعض الكتائب البارزة بنسبة حوالي 80 بالمائة منها كتيبة "الأنصار" التي تم القضاء على أمرائها وقيادييها إضافة الى كتيبة "الأرقم"، والعديد من السرايا التي اختفت بعد القضاء على نشطائها. * * "الجيا" الطبعة العائدة * * "درودكال" سعى لتنظيم جغرافي، لكن الإعتداءات التي نفذها تحت غطاء "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" أكدت ميدانيا أنه تنظيم محلي بدليل انحسار عملياته الإرهابية في معاقله التقليدية ببومرداس وأخرى محدودة بتيزي وزو والبويرة، واضطر الى إيفاد العديد من أتباعه الى ولايات الغرب والشرق لتفعيل النشاط الإرهابي في ظل غياب خلايا إرهابية في هذه المناطق. * واتجه بعدها الى الدعاية الإعلامية لتدارك الوضع المتردي، لكنه اعتمد الكذب والتضليل بتضخيم الحصيلة والتستر عن سقوط مدنيين، وكانت الخرجات المتتالية لمؤسس "الجماعة السلفية" حسان حطاب مؤشرا على أن التنظيم يتجه الى تكرار سيناريو "الجيا"، وكانت رسالته الأخيرة دليلا على مصداقية ميثاق السلم والمصالحة الوطنية.