الطبقة السياسية أصبحت "عاقرة" لا تستطيع أن تعطي بديلا أو حلا يُمكنه أن يكون مخرج نجدة، لأزمة ما، ولذلك تجدها هذه الأيام صامتة مضربة عن الكلام، وكان عليها أن تضرب عن الطعام، شاردة الذهن، غارقة في الوهن، مشردة في أفكارها وأخبارها، لا تعرف ماذا تفعل؟ في الحقيقة، فإن الطبقة السياسية "ما عندها ما تقول"، لكن "عندها ما تخسر"، ولذلك فإنها عاجزة عن اختراع الحلول لأوضاع طارئة وأزمات غير محسوبة، وهنا الأمر يتعلق بطريقة مباشرة بالضائقة أو المحنة المالية، الناتجة عن انهيار أسعار النفط والدينار، التي فضحت السياسيين وعرّت استشرافهم! رياح التقشف لم تتوقف عند عتبة "الزوالية"، وإن كانوا هم الهدف الأول والضحية الأولى التي سيذبحها "موس" "التزيار"، لكن هذه الرياح التي يتخوّف أن تتحوّل إلى "تسونامي" بدأت تضرب قلاع الخزينة العمومية والإدارة والمؤسسات، في ظلّ تكاثر أوامر بالانتقال بالتسيير والتدبير إلى مرحلة "خنق ورشّ بالماء"! المشكلة أن الطبقة السياسية مستسلمة، متخاذلة، غير مكترثة، على الأقل في العلن، رغم "العجاجة"، أمّا في السرّ فإنها "مخلوعة" مرتبكة مهزوزة، لأنها تعلم علم اليقين بأن للأزمة المالية تبعات وآثارا، ما تعلق منها ب "التجويع" وحتى "الترويع" بالإشاعة والبلبلة والدعاية المغرضة والتهويل! الحقيقة التي قد لا يختلف حولها اثنان، ولا تتناطح بسببها عنزتان، هي أن الحكومات المتعاقبة لم تحسبها جيّدا ولم "تقرا للزمان عقوبة"، ولم تستشرف المستقبل جيّدا، أو أنها استشرفته لكنها استسهلت الموضوع، أو هوّنت من مخاطره، فكان تآكل "الشكارة" حتما مقضيا! السياسيون لم يكونوا في وقت الرخاء و"العافية" يسمعون كثيرا بالخبراء والاقتصاديين والمختصين، وهؤلاء من جانبهم لم يضعوا يدهم على الجرح مثلما يتطلب الأمر، وإن وضعوها، فكانوا يضعونها بهدف النبش وإثارة الوجع، من دون اقتراح الحلول القابلة للتجسيد! الآن، بعد سقوط الفأس على الرأس، لا فائدة من استمرار "الزعل والهبل" بين السياسيين والاقتصاديين، ولا وقت للانتقام و"التشفّي" وتصفية الحسابات بأثر رجعي، وقد يكون من بين منافذ النجدة، جلوس الطرفين إلى طاولة واحدة، لمناقشة الأزمة، وإن اقتضت الحال، تحميل المسؤوليات، ورعاية جلسة حساب وعقاب، بطريقة عادلة، غرضها يكون الخروج من عنق الزجاجة!