دعا رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، المستثمرين الوطنيين ورجال الأعمال، إلى هبة تضامنية للمساهمة في استحداث الثروة ومناصب شغل جديدة كنتيجة طبيعية للتحفيزات والتسهيلات التي أقرتها لصالحهم، وطالب السلطات العمومية برفع درجة تحسيس الجزائريين بخطورة الظرف المالي لاستقطاب مساهمتهم في الحفاظ على استقلالية القرار، فيما تم الموافقة على رفع قيمة الرسوم المفروضة على الوقود والهاتف النقال والمواد الكمالية المستوردة. وأكد الرئيس خلال مجلس الوزراء المنعقد أمس ضرورة أن يكون تشجيع الدولة للاستثمار الذي "بلغ مستويات غير قابلة للمقارنة" في المجال الجبائي والعقاري وتخفيف الأعباء على القرض والشغل مرفوقا بالانتاج وخلق مناصب شغل، موضحا أن "التزاما كهذا خيار استراتيجي للدولة، لكن الحفاظ عليه يتطلب العودة إلى إنتاج السلع والخدمات لتقليص الواردات وتوفير عائدات جديدة للصادرات واستحداث مناصب شغل". وقال بوتفليقة "يبقى لعالم الشغل وأرباب العمل الوطنيين العموميين والخواص التضامن من اجل استقرار اجتماعي ضروري واستغلال القدرات الوطنية الهائلة في كل المجالات وتمكين الاقتصاد الوطني من تحقيق تقدم في مجال الإنتاجية والتنافسية"، داعيا أن يكون اجتماع الثلاثية المقبل فرصة لبذل جهود لمواجهة الوضع والرهانات الوطنية. وضمن هذا السياق، وافق مجلس الوزراء على مشروع القانون التمهيدي المتعلق بالاستثمار الذي يرمي إلى تحسين "جاذبية التشريع المتعلق بالاستثمار" لصالح المستثمرين الأجانب، لاسيما الاستثمار الأجنبي وبالشراكة. ويقترح النص إلغاء إلزامية تقديم حصيلة الفائض من العملة الصعبة بالنسبة للمستثمرين الأجانب لتشجيع الشراكات التي من شأنها المساهمة في تقليص الواردات وإلغاء ترتيب إخضاع الاستثمارات الأجنبية المحققة قبل 2009 لقاعدة الأغلبية الوطنية (51/49 بالمائة) في حالة تغيير السجل التجاري وإلزامية التمويل المحلي لإسهام المستثمر الأجنبي، ويقترح النص إجراءات تخفيف في إطار ممارسة الدولة لحق الشفعة في حالة التنازل بالخارج من طرف مستثمر عن اسهمه في مشروع بالجزائر. وغير بعيد عن مشروع قانون الاستثمار، أكد بيان المجلس أن مشروع قانون المالية للسنة القادمة تضمن "استمرار تخصيص حوالي 40٪ من نفقات الجزائر للاستثمار العمومي وأكثر من 20٪ من ميزانيتها للتنمية البشرية ورفاه العائلات بالرغم من تراجع العائدات الناجمة عن المحروقات بنسبة 50 بالمائة، وفي السياق أوضح الرئيس أن "هذا المشروع يترجم عزم السلطات العمومية على توخي الحذر حيال أزمة سوق المحروقات وتوخي الثبات في مجال العدالة الاجتماعية والتضامن الوطني والحرص على مواصلة التنمية الوطنية". وطالب السلطات العمومية "أن توضح أكثر للسكان خطورة الظرف المالي الذي تمر به البلاد والطابع المنفرد عالميا لنفقاتنا العمومية الاستثمارية وتحويلاتنا الاجتماعية"، حتى ينضم الشعب للجهود الضرورية للحفاظ على استقلالية القرار الاقتصادي للبلاد، في إشارة ضمنية منه لتفادي سيناريو الاستدانة، "والحفاظ على العدالة الاجتماعية والتضامن الوطني"، مؤكدا على "الاستمرار في ترشيد النفقات العمومية ومكافحة التبذير وكافة أشكال المساس بالثروات الوطنية بما في ذلك الفساد". وأوضح البيان أنه رغم الضغط المالي، ستشهد التحويلات الاجتماعية مثلما سبق ل"الشروق" وأن أوردته، ارتفاعا بنسبة 7.5 بالمئة لتبلغ 23٪ من ميزانية الدولة ب477 مليار دينار لدعم السكن و446 مليار دينار لدعم العائلات منها 222 مليار دج لدعم أسعار المواد الأساسية و3.16.5 مليار دج لدعم الصحة. كما يتضمن النص إجراءات جديدة لتشجيع الاستثمار لاسيما في مجال المناجم والصناعات الناشئة والاستثمار الأجنبي بالشراكة والتي ستساهم في تقليص الواردات، وتسهيل دفع الضرائب والرسوم والمراقبة الجبائية ومعالجة الطعون الجبائية. في سياق مغاير، كلف رئيس الجمهورية، الحكومة بتعجيل ترقية الطاقات المتجددة ومرافقة الجهود الخاصة بالمحروقات، واحتواء الزيادة المفرطة للاستهلاك الداخلي للمنتجات الطاقوية والذي قد يؤدي إذا استمر على وتيرته الحالية إلى تراجع كبير لإمكانيات التصدير المتوفرة وارتفاع فاتورة استيراد الوقود، فيما أكد البيان أن الإنتاج الوطني للمحروقات سيبلغ 195 مليون طن معادل نفط سنة 2015 مما سيسمح برفع صادرات الغاز والنفط بنسبة 4.1 بالمائة.