جاء مشروع قانون المالية لسنة 2013 ليكرس توجه الدولة نحو دفع حركية الاقتصاد الوطني وتنويعه عبر تكثيف إجراءات دعم الاستثمار وتشجيع الإنتاج الوطني من خلال الاستمرار في التدابير التشجيعية التي تم إقرارها لصالح المؤسسات، وهو ما تجلى في خلو المشروع من أية ضرائب أو رسوم جديدة على هذه الأخيرة، فيما لجأت الحكومة في إطار السياسية الاقتصادية الحذرة المتبناة لتحصين الاقتصاد الوطني من تداعيات الأزمة العالمية إلى التقليص من حجم النفقات العمومية بنسبة 13 بالمائة. فخلافا لقانون المالية 2012، حيث كانت الحكومة قد أقرت زيادة في حجم نفقات التسيير بنسبة 7 بالمائة لمواجهة مختلف النفقات العمومية، التي ارتفعت نتيجة الزيادات في الأجور والمعاشات وتطبيقها بأثر رجعي، فقد عمدت الحكومة في مشروع قانون المالية لسنة 2013، الذي صادق عليه مجلس الوزراء الاثنين الفارط، إلى تقليص الحجم الإجمالي للنفقات العمومية بنسبة 13 بالمائة مقارنة بقانون المالية التكميلي 2012، وذلك تنفيذا للسياسة الحذرة التي أملتها ضرورة حماية الاقتصاد الوطني من التأثيرات والصدمات المترتبة عن الأزمة الاقتصادية العالمية التي هزت العديد من الدول الأوروبية، مما دفع رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، في تدخله خلال عرض نص المشروع إلى التأكيد على إلزامية مراعاة تذبذبات الظروف الاقتصادية والمالية الدولية وما يميزها من ارتياب وغموض. في هذا الإطار، وافق مجلس الوزراء على حجم نفقات مقدر ب 6727,9 مليار دينار، مقابل 7745,5 مليار دينار في قانون المالية التكميلي لسنة 2012، فيما يتوقع المشروع تحقيق مداخيل مقدرة بنحو 3820 مليار دينار في 2013، مقابل أزيد من 3469 مليار دينار في قانون المالية التكميلي 2012، أي بزيادة متوقعة ب 10 بالمائة. ومن ضمن مجموع حجم النفقات العمومية المقررة، يراهن مشروع ميزانية التسيير على نفقات مقدرة ب 4335,6 مليار دينار، مقابل أزيد من 4925 مليار دينار في 2012، في هذا السياق، حث الرئيس بوتفليقة الحكومة على حماية الاستفادة الناتجة عن مجهود الدولة المالي بالنسبة لأجور الموظفين وأعوان القطاع الاقتصادي. في حين يتوقع أن يتراجع العجز في الميزانية في 2013 بنسبة 32 بالمائة مقارنة بالعام الجاري حيث ستبلغ 2908 مليار دينار حسب نص المشروع الذي اعتمد نفقات توقعية للتجهيز مقدرة ب 2402 مليار دينار، وهي تمثل بالأساس تراخيص اعتمادات الدفع المخصصة سنويا لمواصلة تنفيذ البرنامج الخماسي للاستثمار العمومي 2010-2014، والذي تم استهلاكه لحد الآن بنسبة 85 بالمائة، فيما يرتقب أن يصل إلى مستوى 90 بالمائة مع نهاية سنة 2013. ولم يفوت الرئيس بوتفليقة فرصة الحديث عن هذا المخطط، الذي خصصت له الدولة مبلغا استثنائيا مقدرا ب 286 مليار دولار، ليؤكد على ضرورة مواصلة تجسيد المشاريع المدرجة في هذا البرنامج، مع إعطاء الأولوية لتأهيل التجهيزات العمومية والتنمية المدمجة وتوفير مناصب للشغل وتنشيط الاستثمار الذي يدعم الإنتاج الوطني ويسمح بإنشاء مناصب دائمة. وتثمينا للتدابير المتخذة في إطار مشروعي قانوني المالية العادي والتكميلي لسنة 2012، والرامية لتشجيع الأداة الوطنية للإنتاج وتكثيف الاستثمار من أجل تنويع الاقتصاد الوطني وتحريره من تبعية المحروقات، فقد كرس نص مشروع القانون لسنة 2013، الجهود التشجيعية التي أقرتها الدولة لفائدة المؤسسات، والمتمثلة أساسا في الإعفاءات الضريبية والاستمرار في تطبيق سلسلة من الإجراءات لفائدة الاستثمار، وخلا بالتالي من أية ضرائب أو رسوم جديدة ولا حتى زيادات في الرسوم المعمول بها، مؤكدا التزام الحكومة بمسعى عقلاني يهدف بالدرجة الأولى إلى ترقية الإنتاج الوطني. كما يقترح المشروع ضمن نفس مسعى التقليص من الضغط الجبائي وتشجيع الاستثمار وتخفيف الإجراءات الضريبية والجمركية ومكافحة التهرب الجبائي وتطهير حسابات مخصصات الخزينة، وذلك دعما لسياسة ترشيد النفقات العمومية التي تبنتها الدولة في إطار سياستها لمجابهة تأثيرات الأزمة العالمية من جهة وتطوير الاقتصاد الوطني وتحقيق نجاعته من جهة أخرى. وحرصا منه على بلوغ الأهداف المتوخاة من هذه السياسة، لاسيما في جانبها الاجتماعي، حرص رئيس الجمهورية على إعطاء توجيهات للحكومة للحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن من خلال السهر على التحكم في مستويات التضخم وتنفيذ سياسات نقدية وميزانية تتماشى مع نمو الإنتاج، فضلا عن استكمال سياسة تنظيم السوق ومراقبتها والحفاظ على وفرة المواد الاستهلاكية الأساسية من خلال التسيير الصارم لشبكات التوزيع وتنظيم الأسواق على المستوى الوطني والجهوي والمحلي.