السؤال الأول: تقول صاحبة السؤال: عمي رجل غني يملك فندقا، إلا أنه إلى جانب الإطعام الذي يقوم به فإنه يناول فيه ويبيع الخمر، والمشكل أن عائلتي تزوره أحيانا، وقد يقدم لنا أحيانا أخرى هدايا، فكيف نفعل في مثل هذه الحالة، سيما لو أني امتنعت أنا مثلا عن الأكل أو قبول الهدية فإنها ستحصل كارثة في البيت قد تصل إلى المقاطعة، فكيف أفعل، أرشدوني بارك الله فيكم. * بداية نسأل الله الهداية والتوبة لعمك، فإن فعله هذا حرام، وكسبه من الخمر حرام ليس فيه ضرورة البتة، وأخطأ من خاف الفقر أو الإفلاس بترك بيع الخمر، ومن ترك بابا من الحرام خوفا من الله فتح الله له أبوابا من الحلال ورزقه من حيث لا يحتسب. * أما الجواب عن سؤالك فإني أقول وبالله التوفيق: مال عمك مال مختلط فيه المال الحلال والمال الحرام، وعلماؤنا يقولون إن المال إذا كان من مصدر حرام ولم يخالطه مال حلال فإنه حرام بالاتفاق، ولا يجوز معاملة صاحبه بأي وجه من الوجوه سواء كانت أكلا من طعامه أو هدية أو قرضا أو نحو ذلك، بل يجب نهيه عن ذلك وإرشاده. وأما المال إذا كان مختلطا كمثل مال عمك الذي له مصدر حلال، ومصدر آخر حرام، ثم يختلط المالان ليصبحا عند صاحبهما مالا واحدا، فإن العلماء مختلفون في جواز معاملة صاحب هذا المال، فبعض العلماء نظر إلى عين المال الحرام فقالوا: إذا غلب على الظن أن المال الحرام أكثر من المال الحلال فإنه تحرم هبته وهداياه ويحرم الاقتراض منه، وقالوا: إذا غلب على الظن أن المال الحرام أقل من المال الحلال فإنه تجوز المعاملة معه. * وذهب كثير من العلماء إلى عدم التفريق بين ذلك فقالوا إن المال المختلط يجوز التعامل مع صاحبه بأي حال من الأحوال مع الكراهة قالوا: إلا إذا علم أن المال المقترض أو المهدى أو المقدم طعاما هو من عين الحرام فإنه حينئذ يحرم قبوله، وإذا جهل فإنه لا يبحث عن ذلك ويقبل ذلك التعامل، والله أعلم. * * السؤال الثاني: يقول صاحب السؤال: تزوجت أختي من رجل غير مسلم على أساس أن يسلم فيما بعد، ومضى الوقت ولم يسلم الرجل، وتعيش أختي مع زوجها في بلده، ولها طفل منه وهي على اتصال دائم معنا. مع مرور الوقت بدأت أشعر بالذنب، وبدأت أدرك خطورة الأمر الذي ارتكبناه في البيت أنا ووالدي، وماذا نفعل الآن حتى نصحح الوضع؟. * هذه حالة للأسف الشديد ليست الوحيدة التي أطلع عليها، فلقد اطلعت على حالات كثيرة مشابهة، ولا حول ولا قوة إلا بالله. إن ديننا أخي العزيز واضح في هذه النقطة، فقد أجمع العلماء على حرمة زواج المرأة المسلمة من غير المسلم سواء كان ملحدا أو من أهل الكتاب والله تعالى يقول في شأنهم إذا تابوا: »فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين« (التوبة 11) هذا والوليّ المسؤول شرعا إنما أبوها وليس أخاها، فإن كان أبوك حيّا فإنه ينبغي أن ينبّه إلى الخطأ العظيم الذي ارتكبه في حق ابنته مع الله سبحانه ويجب عليه التوبة، وأن يعمل على تصحيح الوضع، فإمّا أن يسلم الرجل إسلاما صحيحا للّه سبحانه، وإما أنه لا يجوز أن تكون امرأة مسلمة في عصمة رجل كافر، ولا يبرر ذلك شيء من المبررات، وجعل الله لكم من أمركم يُسْراً ومخْرَجاً. * * السؤال الثالث: هل يوجد في سجود التلاوة تكبير أم لا؟ وماذ يقول فيه؟ * ذهب أكثر أهل العلم إلى أن سجود التلاوة يشترط له ما يشترط للصلاة، وقالوا: يكبر من غير أن يرفع يديه عند السجود وعند الرفع منه سواء كان في صلاة أو في غير صلاة، ويسجد على الهيئة التي كان عليها جالسا أو قاعدا أو قائما ولا يشترط في ذلك أن يقوم أو يجلس. وأما الدعاء الذي يقوله في سجود التلاوة، فالثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في سجود التلاوة: »سجد وجهي للذي خلقه، وشق سمعه وبصره بحوله وقوته فتبارك الله أحسن الخالقين« (أخرجه الحاكم وغيره وهو حديث صحيح). * وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني رأيت في هذه الليلة فيما يرى النائم كأني أصلي خلف شجرة، فرأيت كأني قرأت سجدة، فرأيت الشجرة تسجد بسجودي، فسمعتها وهي تقول: »اللهم اكتب لي بها عندك أجرا، وضع عني بها وزرا، واجعلها لي عندك ذخرا، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود«. قال ابن عباس رضي الله عنه: فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم سجدة ثم سجد، قال ابن عباس: فسمعته صلى الله عليه وسلم يقول مثل ما أخبره الرجل عن قول الشجرة (أخرجه الترمذي، وابن ماجة وابن حبان والحاكم والبيهقي والطبراني، وهو من أحاديث السلسلة الصحيحة) وله أن يدعو بالأول أو بالثاني أو يجمع بينهما كما أشار إلى ذلك الإمام النووي. وأجاز العلماء أن يقول في سجود التلاوة ما يقوله في سجود الصلاة إن جهل أحد هذين الدعاءين، والله الموفق والهادي إلى الصواب.