لم ينم فينا أحد الأمس بسبب إمساك حاد ألمّ بجدتي، التي لم تتعود على نمط الصوم هذا وعلى نمط التغذية المفرط في النشويات والسكريات. زيت الزيتون التي كانت »لا تخطي« معدة جدتي... والتي كانت تصنعها بيدها بعد ذهاب أيام العز... وحلول أيام »العوز«... لم تعد موجودة حتى »للدواء«! كما أنها ترفض الأدوية الصيدلانية... ولا تستهلك في مثل هذه الحالات النادرة عندها إلا الأعشاب! * راحت طوال الليل تصرخ وتطلب منا أن نأتيها ب»نوخا«... تارة و»النابطة«... والفيجل... تارة أخرى... ونحن لا نعرف ما هذه الأعشاب شيئا! والوقت ليل... والعشابون مغلقون... ثم غدا يوم الجمعة..لا أحد يفتح! * الحاصل... حاولنا بمختلف الأشكال: أعطيناها تأكل »البيطراف« (الشمندر)... فما زادت إلا صراخا... وعويلا كأي طفل يتوجع! * بتنا وباتت في »البيت الماء«... ذهابا وإيابا!.. كل مرة نقول: واقيلا تسرحت المواسير!... لكن لا شيء حدث! ابني الكبير راح يسب البلدية بهذا السبب لأن حالة الانسداد هذه، ذكرته بحالة الانسداد في البالوعات أمام العمارة عندما تصب قطرات من المطر... ينغلق كل شيء! تتراكم كل القذورات والأوساخ و»البورسات«... والزجاجات البلاستيكية الفارغة فتسد مجاري المياه فيتحول الحي الجديد إلى بركة! (حي »الريحان«!.. هكذا أسمه!.. الأحسن أن يعيدوا تسميته الحي »الفيحان«!.). تبقى البركة هكذا على بركة البلدية إلى أن تجف طبيعيا فتنشر الروائح لمدة شهرين متتابعين!.. بل حتى يعشعش الناموس ويستأسد الذباب وتخرج الضفادع من هذا »الورطة«... التي أنجزتها البلدية بفعل الإهمال وبفعل فوضى الغاشي وقلة الفهامة! * كلنا رحنا نؤنّبه على ذكر البلدية في مثل هذه الحالة من تعسر »الولادة«... على الجدة المسكينة، التي كانت ممسكة ببطنها كأية امرأة حامل في دقائقها الأخيرة... لم تجد من يقبلها في عياداتنا العمومية! * حاولت معها أن تشرب مربّى صيدلاني مضاد للإمساك... فأبت وأقسمت »بسيدي الحمليلي«... أنها لا تشرب دواء مصنوعا من بقايا منتجات خمرية أو شحم »الحلوف« على رأيها!.. وراحت تطلب النعناع..! ماء النعناع!.. الحمد لله كان موجودا..! غلينا كمشة نعناع ثم بردناه لها وشربت منه 3 كؤوس دفعة واحد وهي تصرخ من الألم!.. وفي لحظة، انتفضت وأسرعت إلى »بيت الماء«... فهرب الكل من أمام الباب وبقيت فقط زوجتي تراقب الولادة المتعسرة! (طفلتي الصغرى راحت تضحك وتقول لأختها: ديرولها سيزاريان!..). لكنها سرعان ما خرجت وعاد المختبئون ليعلقوا: fausse alerte!..!. ثم... دقائق معدودات، وتعلن حالة طوارئ جديدة وإنذار بوجود حالة »تفخخ« في المرحاض!... فهرب الجميع وبقيت من جديد زوجتي تراقب الوضع »الأمني« المتردي في هذا البيت! * وفجأة... نسمع صراخا وصوتا غير محبب ثم زغرودة من حلق زوجتي الجاف!: انتهى المشكل!.. سلكت؟؟؟... سلكت!! هذا ما تسمع! * المسكينة، اتضح أنها كانت تأكل البيسطاش به بقشرته! كانت تبتلعه كما نبلع »الكاشي«! *