تعود قضية الجدل حول تغيير العطلة الأسبوعية إلى مطلع التسعينيات، وكان الاتحاد العام للعمال الجزائريين في عهد الراحل عبد الحق بن حمودة، أول من رفع هذا المطلب، غير أنه لم يتحقق بسبب رفض السلطات العمومية، التي كانت يومها تعيش وضعا غير مستقر * وقد تجدد هذا المطلب في سنة 2004، خلال الحملة الانتخابية للرئاسيات، وكان رافع الأمين العام للتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، سعيد سعدي، قبل أن تلتحق به عديد من الشركات الأجنبية والمحلية العاملة بالجزائر، بدافع توحيد العطلة الأسبوعية في الجزائر مع العطلة الأسبوعية في أغلب دول العالم، متحججين بتكبدهم خسائر، جراء بقاء سفن بحمولتها في الموانئ الجزائرية، غير أن أي من هذه الشركات لم تتجرأ على تغيير عطلتها الأسبوعية، باستثناء المتعامل الهندي في مجال الحديد والصلب، أرسيلور ميتال، الذي كان أول من فجّر جدل تغيير العطلة الأسبوعية، قبل أن تلتحق به مؤسسة العصير "رويبة"، بداية من هذا الأسبوع. * وترفض وزارة العمل الخوض في جدل تغيير العطلة الأسبوعية، طالما بقي يوم الجمعة يوم عطلة، وترى بأن التشريع الجزائري في هذا المجال، لازال محترما ما دامت الشركات التي سبق الحديث عنها، لم تغير هذا التقليد. وتؤكد وزارة العمل بأن يوم العطلة في القانون الجزائري يتحدث فقط عن "الجمعة"، في حين تبقى بقية الأيام، بما فيها يوما الخميس والسبت، أيام عمل عادية. * نواب يحضّرون لمساءلة الحكومة * أجمعت الأحزاب السياسية على أن لجوء بعض الشركات الخاصة إلى استبدال عطلة آخر الأسبوع الرسمية، يعد اختراقا خطيرا للقانون وتجاوزا لدستور البلاد، مشككين في الخطوة التي أقدم عليها بعض الخواص بإخضاع عمالهم للنشاط في أيام راحة غيرهم، الأمر الذي سيعرض الحكومة، حسب بعضهم، للمساءلة في حال ثبوت تلك الخروقات. * شرع عدد من المتعاملين الاقتصاديين الخواص في الفترة الأخيرة في دخول نظام عطلة نهاية الأسبوع العالمية (السبت والأحد) عوض الرسمية في الجزائر الخميس والجمعة، دون انتظار قرار رئاسي يلغي المرسوم الرئاسي الذي أقره الرئيس الراحل هواري بومدين سنة 1976 والذي تقرر بموجبه إقرار يومي الخميس والجمعة يومان لعطلة نهاية الأسبوع، حيث بدأت بعض شركات الإنتاج الخاصة في تغيير عطلة الأسبوع وقد بدأت معظمها بتعويض الخميس بالسبت، الأمر الذي أوحى بالتمهيل لتغيير يتوافق وعطلة الأسبوع العالمية. * وفي استطلاع لمواقف الأحزاب من القضية، أكد عبد العالي حساني نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني عن حركة مجتمع السلم أن الأمر خطير ويعد تجاوزا للقانون، حيث يفترض في الشركات الخاصة والأجنبية الخضوع لدفتر أعباء يتلاءم والتشريع الجزائري، كما اعتبره تجاوزا للأعراف الجزائرية التي تجعل من يوم الجمعة يوما مقدسا يخصص للعبادة والراحة، حتى أن الله، حسب تصريحه، لم يشرع العمل فيه إلا بعد صلاة الجمعة. * وإذا ثبت اختراق بعض الشركات للعطلة الرسمية يقول حساني، فسيقوم البرلمان بمساءلة الحكومة، خاصة الوزراء المشرفون على قطاعات العمل والشؤون الاجتماعية. * وفي نفس السياق ذهب فاتح ربيعي الأمين العام لحركة النهضة، الذي اعتبر ذلك تعديا للقانون وفوضى تبثها الشركات الخاصة، مثلما تعمل في مجال الأسعار، بل أكد أن العطلة الرسمية هي من القضايا الوطنية الحساسة، مضيفا "نخشى من أن يكون من ورائها نية أخرى للقضاء على شعيرة صلاة الجمعة"، لكنه بالمقابل لم ير مانعا من اختيار أي يوم آخر من أيام الأسبوع دون الجمعة. كما اعتبر حزب العمال أن قرار الشركات الخاصة بتحويل عطلة الأسبوع مرفوض وغير مقبول، لأنه تجاوز لقوانين الجمهورية، بينما لم ير سعيد بوحجة الناطق باسم حزب جبهة التحرير مانعا من أن تتصرف الشركات الإنتاجية الخاصة في أيام عملها مثلما تشاء، لأن ذلك راجع لخط إنتاجها، لكن لو بدر ذلك التصرف من الإدارات، فسيكون ذلك خطيرا جدا واختراقا للقانون، لأنه يجب الامتثال الصارم للجانب المعنوي للجمعة، كونه يوم عبادة وكذلك الجانب القانوني. * واستغرب الأستاذ عبد العالي رزاقي أن تلجأ شركات خاصة لتحويل العطلة، باعتبار أن جميع قوانين العالم تضع أيام العطل ضمن الأيام المقدسة ويفرض على المؤسسات احترامه، ومادامت العطلة في الجزائر الخميس والجمعة والمؤسسات المالية والإدارية معطلة، فإن وجود مؤسسات خاصة تشتغل، فذلك محاولة للمساس بقانون الوظيف العمومي وقانون العمل. * وعليه يرى الأستاذ رزاقي انه "من حق الدولة مقاضاة تلك الشركات ذات العلاقات المشبوهة مع الخارج بتهمة الاعتداء على الثوابت الوطنية". * ويرجع أرباب العمل سبب اتخاذهم مثل هذا القرار إلى الخسائر التي يتكبدونها جراء غياب تنسيق مع المتعاملين معهم في الخارج، حيث يستدل هؤلاء بتقرير أعدته المؤسسة المصرفية العالمية التابعة للبنك الدولي، حيث أشارت إلى أن الجزائر تخسر سنويا ما مقداره مليار دولار جراء التباين بين عطلتي نهاية الأسبوع في الجزائر وباقي دول العالم. * وفي الموضوع ترى منظمة منتدى رؤساء المؤسسات التي يترأسها رضا حمياني، فإن هذا الأمر يعد مطلبا رئيسا لها، وقد طالبت به مرارا وعبر مختلف اللقاءات التي عقدتها بالحكومة، بينما ترى المركزية النقابية أن ذلك مطلبا يحتاج إلى قرار من رئيس الجمهورية طالما أن القرار الأول صادر عن الرئيس الرحل هواري بومدين.