قضى الجزائريون يومي الخميس والجمعة الماضيين آخر عطلة نهاية الأسبوع بصيغتها القديمة، ويترقب الكثيرون عطلة بصيغة جديدة قد لا تكون بالضرورة سببا في قلب عاداتهم، وخلط حساباتهم. لقد ودّع الجزائريون عطلة أسبوع ألفوها 33 عاما، ويتساءل الكثيرون منهم اليوم كيف سيستقبلون هذا التغيير من حيث الممارسة، وماهي المدة التي تكفيهم للتأقلم معها، ويخص هذا السؤال بالأساس الفئة الشغيلة المعنية بالدرجة الأولى بهذا التحول كون التغيير سيمس عاداتها لا محالة، وسيكون الكثير منها مطالبة بالعمل يوم الخميس. ولكن العطلة الجديدة من ناحية توقيتها، حيث ينتظر أن تدخل حيز التنفيذ حسب ما اقره مجلس الوزراء يوم 14 أوت الجاري لن تكون بذلك الأثر الذي يتصوره بعض المتتبعين لأن الظرف الحالي يتميز بركون اغلب القطاعات الى الراحة وبخاصة القطاعات المعنية بالدرجة الأولى بالتعديل الجديد للعطلة وهي التربية والتكوين المهني والتعليم العالي، إلى جانب قطاع الخدمات بمختلف تفرعاته والجماعات المحلية والعدالة. وعليه فإن أول عطلة أسبوعية بصيغتها الجديدة قد تمر دون ان تحدث "هيلولة" أو "صدمة" في العادات، وسيستفيد غالبية الجزائريين الموجودين في هذا الظرف بالذات من عطلة من "تجريبية" بالنسبة للذين فضلوا مواصلة العمل "طوعا" او "كرها"، مما سيمهد لهم الطريق للتأقلم مباشرة مع العطلة الجديدة. وأول سؤال يثار بين أوساط العمال في الوقت الراهن هو كيفية تطبيق العطلة الجديدة حيث سيستفيدون من عطلة نهاية أسبوع ممددة لثلاثة أيام علما أن يوم الخميس هو يوم عطلة من الأسبوع، وأن مجلس الوزراء كان واضحا بتحديد التاريخ وهو أن العطلة الجديدة تسري ابتداء من 14 أوت الجاري، وفي هذا السياق تحدثت مصادر عن تعليمة حكومية ستصدر قبل حلول عطلة نهاية الأسبوع توضح كل النقاط الغامضة في كيفية تطبيقها منها على وجه الخصوص مسألة احتساب يوم الخميس، والاهم من ذلك تحديد ساعات النشاط بالنسبة لبعض القطاعات والهيئات المعنية بالعمل يوم الجمعة لنصف يوم منها الإدارة المحلية، والمدارس وقطاع العدالة. ولا يطرح تغيير عطلة نهاية الأسبوع أي إشكال بالنسبة للعديد من الهيئات التي كانت تعتمد يومي الجمعة والسبت كالبنوك، وشركات خاصة منها ارسيلور ميتال عنابة وسامسونغ الجزائر. والأكيد أن القرار المتخذ في مجلس الوزراء المجتمع في 21 جويلية الماضي سينهي وضعا قائما منذ سنة 1976 حين اقر الرئيس الراحل هواري بومدين عشية شهر رمضان المعظم تغيير عطلة نهاية الأسبوع المطبقة آنذاك وهي السبت والأحد الى الخميس والجمعة، ولكن يبدو أن حسابات تغيير العطلة في تلك السنة مختلفة تماما عن الظروف التي أدت الى تحويل العطلة الى يومي الجمعة والسبت. وساق وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي السيد الطيب لوح لدى عرضه لمقترح تغيير عطلة نهاية الأسبوع مبررات الإجراء والتي تحمل طابعا اقتصاديا بالدرجة الأولى، وأبرز ضرورة تدارك الاختلاف الحاصل في نظام عمل المؤسسات بالجزائر، وخاصة مع تزايد عدد المؤسسات والهيئات التي تعتمد يومي الجمعة والسبت للراحة الأسبوعية لموظفيها، مثلما هو حال بعض المؤسسات الاقتصادية الخاصة والمختلطة، وكذا بعض قطاعات النشاط الخدماتي ذات الاتصال المباشر بالمواطنين على غرار البنوك والبلديات ومكاتب البريد. ويأتي القرار استجابة لاعتبارات اقتصادية، حيث سبق لعدة تنظيمات مهنية واقتصادية وحتى سياسية أن رفعت هذا المطلب بإلحاح، على غرار جمعيات أرباب العمل ومنتدى رؤساء المؤسسات والمجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي، علاوة على الإتحاد العام للعمال الجزائريين، فيما لم تنتظر بعض المؤسسات وخاصة منها الأجنبية إلى حين ترسيم القرار واعتمدت هذا النظام منذ بداية نشاطها في الجزائر. وتفيد تقديرات الخبراء في الاقتصاد بأن نظام العطلة الأسبوعية المعتمد من قبل الجزائر منذ سنة 1976، يتسبب للبلاد في خسائر باهظة قدرها البعض ما بين 750مليون دولار ومليار دولار سنويا، وذلك لكون التعاملات الاقتصادية مع الجزائر التي تعتمد عطلة أسبوعية مغايرة لتلك المعمول بها في باقي دول العالم تتم في وقت ضيق، وتقتصر على ثلاثة أيام في الأسبوع هي الاثنين، والثلاثاء والأربعاء. وينتظر أن يسمح نظام العطلة الأسبوعية الجديد بتكييف الجزائر لنشاطها وفق التزاماتها في إطار التعاون والاندماج في فضاءات اقتصادية عالمية وجهوية، على غرار اتفاق الشراكة مع الإتحاد الأوروبي وانضمامها للمنطقة العربية للتبادل الحر، وللمنظمة العالمية للتجارة. ولقي هذا التغيير مباشرة بعد الإعلان عنه ترحيبا واسعا من طرف غالبية الحساسيات الوطنية الإجتماعية والإقتصادية والسياسية، كونه يستجيب لرغبة معبر عنها من قبل أكثر من طرف، وكذا لكونه أبقى على يوم جمعة كيوم عطلة. والتقت فعاليات سياسية ذات توجهات مختلفة بما في ذلك الأحزاب الإسلامية عند قبول الإجراء الجديد ورأت فيه قرارا يستجيب المصلحة الوطنية بعيدا عن اية حسابات ودوافع أخرى. وأشار مجلس الوزراء الى ذلك بوضوح من خلال تأكيد الرغبة في تمكين الاقتصاد الوطني من التأقلم مع الاقتصاديات الدولية.