كثير من الأحزاب السياسية، إن لم نقل كلها، أضحت مشلولة وتنتظر إشارة واحدة من قصر المرادية للإعلان عن شكل تحركها بمنطق التابع وليس المتابع، أو المفعول به وليس الفاعل، * وينطبق هذا الكلام على جميع الأحزاب دون استثناءات كبيرة، حتى تلك التي تتموقع خارج التحالف أو تضع نفسها على خارطة المعارضة الشكلية، من دون الحديث عن الأحزاب المُصابة بالموت السريري، لأن أصحابها ميّتون ولا يعلمون أنهم ميّتون! * تزايد الانشقاقات داخل أحزاب التحالف وفي مقدمتها حمس والأفلان مع بدء حرب قطف الرؤوس الكبيرة في الأرندي يثبت أن الطبقة السياسية الراهنة تعيش حالة من أعراض الزهايمر، حيث فقدت الذاكرة وأصيبت بشيخوخة مبكرة، فلم تعد تدرك أنها تعيش في بلد التعددية، لذلك تعتقد قياداتها أن المعارضة رجس من عمل الشيطان لا ينبغي إتيانها في رمضان أو في غيره، ولاحظنا كيف أن معظم تلك الأحزاب المسماة كبيرة احترفت ابتداع جامعات صيفية لتفرقة المناضلين أو تصفية بعضهم، كما لم نعد نسمع من أخبار الأحزاب البعيدة عن الواجهة، ونقصد هنا المتموقعة خارج التحالف، إلا ما تعلق منها بتواصل الانشقاقات وكذا فشل التحالفات الورقية أو عزل القيادات التاريخية، ناهيك عن تسول البعض لمواقف مؤيدة من خلال طرق أبواب العواصم الغربية! * يعني بالمختصر المفيد، يمكن القول أن بلاء الأمة في أحزابها وقياداتها السياسية وليس في النظام وحده، والغريب أن عدوى المساندة والخوف من المعارضة امتدت لتصيب أيضا المنظمات الجماهيرية، فنجد أن أكبر تنظيم نقابي في البلاد يعبّر أمينه العام عن سعادته بإفشال كل محاولات تحريض العمال على النظام، ويجهر علانية أن مهمة نقابته الأساسية هي إطفاء الفتنة لا العمل على اقتلاعها من جذورها! * عندما تتحول خطوة الداخلية وقيامها بمراجعة القوائم الانتخابية إلى ليلة قدر بالنسبة للعديد من القيادات السياسية والحزبية وسببا في إخراجها من سباتها ومبررا لإطلاق مارد الشيتة من قمقمه، فإن ذلك يجعلنا نعتقد أنه لو كان لتحفظ الرئيس بخصوص العهدة الثالثة وتعديل الدستور فوائد وايجابيات، فإن أبرزها على الإطلاق هي إدراكنا سريعا لهوية شياطين السياسة... المصفدين منهم والمتحررين!