لما أتكلم عن تونس بالنسبة للجزائريين فقد لا أفيد بشيء جديد بالنسبة لهم بحكم تنقل الأفراد واختيارها سنوياً كمقصد سياحي للعديد منهم، ولكن قد أتكلم عن تونس من خلال العديد من الزوايا غير المرئية، فتونس لعبت دوراً هاماً في التاريخ القديم منذ عهد القرطاجيين، وقد كانت تسمى بمقاطعة أفريقيا إبان الحكم الروماني، كما كانت تسمى بمطور روما. فتحها المسلمون في القرن السابع الميلادي وأسسوا فيها مدينة القيروان، وتونس تشكل الصحراء حوالي 22٪ من أراضيها المتاخمة بين الجزائر وليبيا... والسياحة الصحراوية مقارنة بسياحة الشواطئ أقل انتشاراً، وأقل أهمية في بلد سياحي بامتياز، ويمتلك بنية تحتية مساعدة على هذه الطفرة السياحية... متناثرة في مختلف مدنها من تونس، سفاقص، باجة، نابل، الحمامات، المنستير... الخ. عرف التاريخ التونسي العديد من الوافدين، وقد تشترك معها العديد من دول المنطقة، وأخص بالذكر القبائل البربرية، القرطاجيون، الفينقيقون، الوندال البيزنطيون، وأخيراً العرب المسلمون الفاتحون. وعليه، فإن سكان تونس، على غرار باقي سكان شمال أفريقيا، فهم خليط من العرب وعدة شعوب أخرى كالبربر والفينيقيين وغيرهم، وتقريباً جميع التونسيين (98٪) مسلمين سنّة وتوجد أقلية مسيحية (الأجانب المقيمين) مع وجود أقلية يهودية في جزيرة جربة التونسية ويهود تونس قدموا من أاسبانيا أواخر القرن الخامس عشر الميلادي، لكن يهود جربة قدموا من المشرق العربي بعد حرق معبدهم قبل 2500 سنة.... أثناء زياراتي العديدة لتونس، سواء في المجال العلمي أو الأكاديمي مع المعهد العربي لحقوق الإنسان والذي يقدم العديد من الدورات في مجال تثقيف وتعزيز مكانة حقوق الإنسان، أو من خلال العمل الإنساني مع الهلال الأحمر التونسي وبرامجه المتعددة الصحية منها والوقائية، وهنا قد لا أمرّ دون ذكر أحد عمداء العمل الإنساني الأستاذ الطاهر شنتي الذي قدم الكثير للعالم العربي والإسلامي على مستوى الحركة الدولية الإنسانية... من خلال بعض الزيارات السياحية وأثناء تجوالي في العاصمة تونس في أشهر شوارعها، شارع بورقيبة الذي يحتوي العديد من المحلات والمقاهي... كان مقصدي دائماً لزيارة بعض المكتبات التي تقدم الجديد »الثقافي« في مختلف التخصصات سواء القانونية منها أو الفكرية... كما أنه في العديد من الأحيان لما أزور تونس قادماً من الدوحة، ونظراً لتشابه العادات والتقاليد وتقارب الطبخ الجزائريوالتونسي وتفاعلات الغربة قد أتجه نحو القصبة القديمة للتجول في المطاعم الشعبية... حتى أصل إلى جامع الزيتونة المطل في أعلى القصبة والشاهد على عمق الحضارة الإسلامية في تونس... وأثناء تواجدي في العاصمة من بين المقاصد التي أتجه إليها كذلك مدينة الحمامات بحكم تواجد العديد من السفارات وبحكم العلاقة الوطيدة التي تربطني مع سفير دولة قطر، الأخ الأستاذ الحميدي، وتكون فرصة كذلك للانغماس في عمق التاريخ والتقاليد ولكن بديكور ساحر وخلاب، للبحر الأبيض المتوسط... وفي العديد من الأحيان أثناء نزولي بتونس العاصمة قد أتجه نحو مواقف الجزائريين في آخر شارع بورقية، للفضول، ووحشة الغربة لسماع اللهجة الجزائرية. وتونس من حيث النظام السياسي، نظام رئاسي... وقد تولى الحكم منذ استقلالها سنة 1957م السيد الحبيب بورقيبة وزين العابدين، والحزب الحاكم هو التجمع الدستوري الديمقراطي وريث الحزب الدستوري... ورئيس الجمهورية ينتخب لمدة خمس سنوات ويقوم بتسمية الوزير الأول (رئيس الوزراء) الذي يساهم في تنفيذ سياسات الدولة. والحكام المحليون (الولايات) يتم تسميتهم من طرف الحكومة المركزية. وتنقسم تونس إلى (24) ولاية عبر الجمهورية. وتوجد في تونس هيئتان تشريعيتان، مجلس النواب ومجلس المستشارين، وقد دخلت أحزاب المعارضة، لأول مرة، مجلس النواب عام 1989م وتحتل 20٪ من جملة المقاعد، كما جرت أول انتخابات تعددية في أكتوبر 1999م. لما نتكلم مع التونسيين الرسميين منهم والعاديين، لعله أكبر إنجاز تم تحقيقه بالنسبة لهم وهو الحفاظ على تماسك الطبقة المتوسطة، التي كانت تشتهر بها تونس نظراً للتشجيع الداعم على بقائها سواء على المستوى الرسمي أو من خلال التعامل المصرفي معها، بابتكار بنوك مثلاً للقروض على المدى الطويل لدعم هذه الطبقة... كما كانت لنا زيارة لجزيرة (جربة) في يوم من الأيام... وكان المطار الرسمي للجماهيرية الليبية بحكم الحصار الذي كان مفروض عليها مما أدى إلى تطوير المنشآت القاعدية، كما تعتبر الجزيرة مقصدا سياحيا بامتياز، فالعديد من المشاهير الأوربيين لهم بيوت للإقامة الدائمة أو المتقطعة... وقد لا أختم تجوالي الخاطف والسريع بتونس، دون ذكر بعض أعلامها في الفكر والأدب، وأخص بالذكر الشاعر الشابي، وكذلك عالم الاجتماع ابن خلدون... والذي هو محل نقاش دائما بين الجزائريينوالتونسيين حول جنسيته إن صح ذلك وكل واحد قد يدّعي انتماءه... خلال الصيف قد تشعر وكأنك في أحد الأحياء الجزائرية... لكثرة السياح الجزائريين وسياراتهم، فحتى بعض الفنادق، لجلب هذه العملة المتحركة، قد تلجأ لرفع الراية الجزائرية على مدخل الفندق. oussedik@hotmail.com