لا يختلف إثنان في أن شهر رمضان الفضيل، هو بالشهر غير العادي في الدول الإسلامية بما أن كل شعوب هذه الدول تستقبله بتقاليد وعادات تختلف عن الأشهر الأخرى. * لكن هل تساءلنا عن الكيفية التي يقضي بها المسلمون شهر التوبة والغفران في بلاد الهجرة، خاصة لما يتعلق الأمر بالبلدان التي لا تدين بالإسلام.ومحالة منا الكشف عن يوميات المسلمين في رمضان في دول أوروبا، تنقلنا إلى باريس التي تعد مهد المهاجرين خاصة منهم القادمين من دول المغرب العربي والذين يحافظون عادة على دينهم الإسلامي الحنيف. * * العادات والتقاليد على طاولة الإفطار فقط * * ورغم أن المحافظة على التقاليد والعادات في بلدان أوروبا أصبح بمثابة مهمة غاية في الصعوبة والتعقيد في بلد صار يشترط فيه الذوبان في مجتمعه لكل من يريد العيش فيه، إلا أن بعض المسلمين ونخص منهم الجزائريون يصارعون من أجل تعليم أولادهم قيم الإسلام في الشهر الفضيل. * ومحاولة منا لمعرفة الكيفية التي يقضي بها الجزائريون رمضان، اقتربنا من عمي بوعلام الذي فاق سنّه الخمسين يقطن بحي »بورت دو لاشبيل« استفسرناه عن الكيفية التي سيتمكن من خلالها نقل تعاليم الشهر الفضيل لأبنائه في شهر رمضان فكانت إجابته واضحة، حيث قال: »من الصعب الحفاظ على الدين في فرنسا لكننا نحاول دائما أن نعلم أبناءنا القيم الإسلامية خاصة في شهر رمضان، فمثلا نحضر مائدة أكل لا تشبه باقي موائد الأشهر الأخرى، إذ نزيّنها بالتمر و»البوراك« و»قلب اللوز« والزلابية وكأننا نعيش في الجزائر«. * لكن عمي بوعلام أقر بصعوبة المهمة في الشهر الفضيل، حيث اعترف »من الصعب أن تصوم كما ينبغي في باريس لأنك تصادف ظواهر اجتماعية قد تصعب من مهمتك لكننا نحاول دائما أن نحافظ على أبسط الأمور التي تظهر بأننا صائمون كالاجتماع مثلا على طاولة الإفطار وأمام برامج التلفزيون الجزائري«. * * "باربيس" لشم رائحة رمضان * * لكن رغم صعوبة الإحساس بأنك في الشهر الفضيل لما تكون في بباريس، إلا انك قد تصدم بنفس الظواهر التي ألفناها في الشوارع الجزائرية لما تتنقل إلى بعض الأحياء كحي باربيس، مونتروي، ارجونتياي، بورت دو كليونكور وكورون... * فحي باربيس يجعلك تحس بأنك في حي باب الوادي أو باش جراح أو السويقة بقسنطينة، حيث يمكنك أن تجد من يبيع الديول، البوراك، المعدنوس، حمود بوعلام وحتى الزلابية وقلب اللوز. * وقال سليم، وهو شاب يزاول دراسته بباريس، إنه يتنقل يوميا إلى باربيس لشم »رائحة البلاد« كما قال »رغم أنني أقطن في سان دوني إلا أنني أحضر يوميا إلى باربيس وأقضي الساعات الأخيرة التي تسبق الأذان ب»المارشي« الذي تقصده الجالية المغربية وخاصة الجزائرية للتذكر أجواء رمضان«. * * * المساجد لا تكفي المصليين في رمضان * * وما يجعلنا نتفاءل خيرا بجاليتنا المغاربية وخاصة منها الجزائريةبفرنسا وباريس على وجه الخصوص، أن أغلبيتها تؤدي صلاة التراويح بالمساجد المتواجدة، حيث كثيرا ما يضطر المصلون إلى افتراش الأرصفة بعد أن تضيق بهم قاعات الصلاة وهو ما وقفنا عليه بحي كورون، حيث اضطر الكثير تأدية الصلاة في الشوارع، ومن حسن حظ المصلين أنه تم بناء مسجد كبير بمنطقة كريتاي يمكنه استيعاب 2500 مصلي. * * عدم سماع الآذان... النقطة السوداء * * وتبقى النقطة السوداء في المهجر والتي وقفنا عليها بباريس هي عدم تمكن المسلمين من سماع الأذان، حيث يضطر المصلون لمتابعة ساعاتهم للإفطار أو الإمساك، لأن القوانين الفرنسية تمنع منعا باتا وضع مكبرات صوت خارج المساجد، هذا ما ينقص بعض الشيء من بداعة شهر الرحمة بباريس وكل الدول التي لا تدين بالإسلام دينا.