لا يزال إعدام رجل الدين الشيعي، نمر النمر، يلقي بظلاله الكثيفة على العلاقة بين إيران والسعودية ودول عربية عديدة حليفة لها. فبعد نحو 12 ساعة فقط من إعلان السعودية قطع علاقاتها الديبلوماسية مع إيران، الليلة قبل الماضية، أعلنت البحرين والسودان بدورهما أمس الاثنين قطع علاقاتهما الديبلوماسية مع طهران، في حين اكتفت الإمارات العربية المتحدة ب"استدعاء" سفيرها في طهران وخفض التمثيل الدبلوماسي معها، بسبب ما وصفته ب"التدخل الإيراني المستمر في الشأن الداخلي الخليجي والعربي"، حسب وكالة الأنباء الرسمية "وام". من جهته، أعلن مجلس وزراء الداخلية العرب استنكاره ل"الاستفزازات الإيرانية". وقالت الأمانة العامة للمجلس ومقرها تونس في بيان لها أمس الاثنين إنها تلقت ب"استنكار شديد أنباء التصرفات والاستفزازات الإيرانية العدائية تجاه المملكة العربية السعودية، التي أدت إلى التعدي على حرمة بعثاتها الدبلوماسية واقتحامها والعبث بمحتوياتها". وأوضحت الأمانة العامة لوزراء الداخلية العرب أنها "تدين بكل حزم هذه التصرفات النكراء، التي تندرج في سياق تاريخ طويل من محاولات إيران النيل من الدول العربية وإشعال نار الفتنة الطائفية وتقديم الدعم للتنظيمات الإرهابية". كما يستعدّ وزراء الخارجية العرب لعقد اجتماع طارئ الأحد المقبل في القاهرة بناء على طلب الرياض ل"إدانة انتهاكات إيران لحرمة سفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد"، بحسب ما أعلن أمس الاثنين نائب الأمين العام للجامعة العربية أحمد بن حلي. وقال بن حلي للصحافيين إن الاجتماع يستهدف كذلك "إدانة التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية". وذلك على خلفية الأزمة المتصاعدة بين السعودية وإيران منذ إعلان الرياض إعدام رجل الدين الشيعي نمر باقر النمر، أحد أبرز وجوه المعارضة الشيعية للأسرة السعودية السنية الحاكمة، مع 46 آخر بتهمة "الإرهاب" في الثاني من جانفي الجاري. ميدانيا، أطلق مسلحون يُعتقد أنهم من الشيعة السعوديين، النار، الليلة قبل الماضية، على دورية للشرطة في بلدة العوامية بشرق السعودية، مسقط الشيخ الشيعي نمر النمر الذي أعدمته السلطات السبت بتهمة "الإرهاب"، حسب ما أفاد به الإعلام الرسمي السعودي أمس الاثنين. ونقلت وكالة الأنباء السعودية أن إطلاق النار "نتج عنه مقتل المواطن علي عمران الداوود، وإصابة الطفل محمد جعفر التحيفه (8 سنوات) بطلق ناري" وهما شيعيان. والعوامية هي مسقط رأس رجل الدين الشيعي نمر باقر النمر الذي أعدمته السلطات السعودية السبت. من جهة أخرى، أعلنت الشرطة العراقية وشهود عيان أمس الاثنين وقوع انفجارين هزا مسجدين سنيين في مدينة الحلة، جنوببغداد، وسط مخاوف من تجدد العنف المذهبي بعد إعدام السعودية لرجل الدين الشيعي الشيخ نمر باقر النمر. وذكرت المصادر أن مجموعة من المسلحين الذين يرتدون زيا عسكريا قامت ليل الاثنين بتفجير عبوتين ناسفتين محليتي الصنع في المسجدين السنيين في مدينة الحلة (80 كلم جنوببغداد) فيما اغتال مسلحون مجهولون مساء الأحد طه الجبوري، إمام ومؤذن جامع محمد عبد الله جبوري السني في ناحية الإسكندرية، 40 كلم جنوببغداد، وفقا لمصدر في الشرطة. وقال ضابط برتبة نقيب في الشرطة إن "مسجد عمار بن ياسر في حي البكرية فجِّر بعد منتصف الليلة قبل الماضية". وأضاف: "بعد سماعنا صوت الانفجار، تحرّكنا نحو المصدر وتبين أنه تم زرع عبوات ناسفة في المسجد". وتابع المصدر نفسه أن "عددا من أهالي المنطقة ذكروا أن مجموعة يرتدي أفرادها ملابس عسكرية قامت بتنفيذ العملية ولاذت بالفرار"، مشيرا إلى تعرض نحو عشر منازل بالقرب من المكان إلى أضرار جراء التفجير. كما قامت مجموعة من ثلاثة أو أربعة أشخاص يستقلون سيارة صغيرة، بتفجير جامع الفتح الواقع في قرية سنجار في الجانب الغربي من مدينة الحلة، وفقا للمصدر. وتزامنت التفجيرات واغتيال المؤذن، مع تصاعد موجة الغضب لدى الشيعة في العراق وبلدان المنطقة بينها إيران إثر تنفيذ السعودية حكم الإعدام في حق رجل الدين الشيعي نمر النمر.
أنباء عن وساطة بين البلدين الجزائر تدعو السعودية وإيران إلى ضبط النفس أعربت الجزائر عن بالغ أسفها لتدهور العلاقات "المعقدة" بين المملكة العربية السعودية وإيران لتتحول إلى "أزمة مفتوحة"، ودعت مسؤولي البلدين إلى التعقل وضبط النفس لتفادي تدهور الوضع. وأوضح بيان لوزارة الخارجية، أمس، أن "الجزائر تتابع بانشغال كبير تصاعد حدة التوترات بين المملكة العربية السعودية وجمهورية إيران الإسلامية وتعرب عن بالغ أسفها لتدهور العلاقات المعقدة بين البلدين الشقيقين لتتحول إلى أزمة مفتوحة"، وأضاف المصدر أن "الجزائر تدعو بإلحاح القيادات السياسية للبلدين إلى التعقل وضبط النفس لتفادي تدهور الوضع الذي قد تكون عواقبه وخيمة وخطيرة على الصعيدين الثنائي والإقليمي في سياق جيوسياسي وأمني حساس للغاية". كما تدعو الجزائر البلدين بصفتهما عضوين في منظمة التعاون الإسلامي إلى "وضع التزامهما في خدمة القيم الدائمة والتعاليم الموحدة لديننا الإسلامي الحنيف لاسيما قدسية النفس البشرية ونبذ الاقتتال بين الإخوة والأشقاء بعيدا عن الانشقاقات والظروف مهما كانت طبيعتها". وأكدت الجزائر من جهة أخرى "ضرورة الاحترام الصارم للمبادئ المسيّرة للعلاقات بين الدول لاسيما مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية لباقي الدول وحماية التمثيليات الدبلوماسية والقنصلية في كل مكان وتحت أي ظرف". وخلص البيان إلى أن الجزائر "تعرب عن أملها الصادق في أن يتم احتواء الأزمة الراهنة بشكل عاجل وأن يتمكن البلدان الشقيقان عن طريق الحوار والتفاوض من القضاء على كل عوامل التوتر في علاقتهما الثنائية بما يخدم مصلحة شعبيهما وكذا السلم والأمن الإقليميين". وتشير بعض التسريبات الإعلامية، إلى أن الجزائر قد عرضت على البلدين، وقبل إعلان السعودية قطع العلاقة مع إيران، وساطة للتقريب بينهما، ولم تنفِ الأطراف الثلاثة أو تؤكد تلك المعلومات. وجاء في التسريب أن الرئيس بوتفليقة قدّم المبادرة لإسحاق جهانغيري النائب الأول للرئيس الإيراني، الذي زار الجزائر قبل أسبوعين، في حين تم إبلاغ المبادرة لمبعوث خاص للملك سلمان بن عبد العزيز، وصل الجزائر الأسبوع الماضي، والتقى وزير الخارجية والرئيس بوتفليقة"، وحسب المصادر فإن المبادرة تتضمن "دعوة البلدين إلى التفاوض المباشر للمساهمة في حل النزاعات المسلحة في المنطقة العربية، من خلال استغلال علاقات ونفوذ كل بلد للتهدئة وإعادة الاستقرار للمنطقة".
مدير مركز دراسات عربستان حامد كيناني ل"الشروق": "إيران تبحث قيادة العالم الإسلامي وستخسر معركتها ضد المملكة" ماذا بعد قطع السعودية العلاقات الدبلوماسية مع إيران؟ بالنسبة للعلاقات السعودية الإيرانية، فقد بدأت عام 1928، لكن التقارب الذي كان حاصلا بين البلدين، بدا في الأفول مع مجيء النظام الجديد لإيران عام 1979، وحينها بدأ الصراع، وتحول إلى صراع طائفي، حيث أرادت إيران أن تكون قاطرة الدول الإسلامية وحدها، وشرعت في تنفيذ بعض المخططات ضد المملكة، ومن ذلك اضطرابات الحج عام 1979 ثم 1987، وفيهما تم تدنيس قدسية الحرم المكي. إيران بدأت الصراع ضد المملكة، من أجل إزاحتها من قيادة العالم الإسلامي، وأقدمت على عدة إجراءات غير حضارية، وكل هذا حتى تظهر السعودية غير قادرة على إدارة الحرمين، ورغبتها كذلك في أن تكون شريكة في تسيير موسم الحج. بمنطق الربح والخسارة، من سيفوز في هذه الجولة من الصراع؟ بالنسبة للخاسر، أعتقد أن إيران هي الخاسر، هل لم تنجح سوى في تأجيج الطائفية خدمة لمصالحها الخاصة التوسعية، إيران تقوم على مزاعم طائفية لا علاقة لها بالإسلام، والآن أصبحت مكشوفة وكل الدول العربية عرفت مخططاتها. إيران أخطأت في ردّة فعلها، كانت تعقد أن إعدام النمر سيكون لصالحها، وبدأت بالتأجيج ولكنها فشلت وجنت على نفسها، حتى داخل إيران هنالك من انتقد سلوكها. حتى السعودية أخطأت والآن تدفع ثمن أخطائها، فهي التي مكّنت لإيران في المنطقة بعدما ساهمت في إسقاط نظام صدام حسين؟ هذا صحيحٌ نوعا ما، نعم بعض الدول العربية ومنها السعودية، كان لها موقفٌ عدائي من النظام العراقي بعد احتلال العراق، وطبّق العرب القرارات الأممية ضد العراق، لكن هذا لا يعني معاقبة الدول العربية بالمشروع الإيراني التوسعي، المنطقة الآن تعاني توسعا إيرانيا أمريكيا صهيونيا، يجب التصدي له ووقفه.
الكاتب، المحلل السياسي الإيراني، حسن هاني زاده ل"الشروق": "السعودية تعمل على جعل إيران العدوّ الأول للأمة الإسلامية والعربية" ماذا بعد قطع العلاقات السعودية مع إيران؟ السعودية قطعت علاقاتها مع إيران لأهداف خاصة بها، والسعودية تعمل على جعل إيران العدوّ الأول للأمة الإسلامية والعربية، بدل أن تكون إسرائيل هي العدو الأول لنا كمسلمين وعرب، السعودية كذلك تعمل على تأليب الرأي العام، والزعم أن إيران دولة شيعية توسّعية تعمل على تأجيج الصراع المذهبي والطائفي والتدخل في الشؤون الداخلية للدول، وهذا غير وارد. نحن تدخلنا إيجابي في عدد من الدول لإيجاد مخرج سلمي وآمن، لكن السعودية لعبت دورا تخريبيا في اليمن وسورياوالعراق، وهي تعمل الآن على فتح بعثات دبلوماسية إسرائيلية في دول مجال التعاون الخليجي كما هو الحال في الإماراتوالبحرين وقطر. انتقادكم للسعودية، جاء على خلفية إعدام نمر النمر، رغم أنها أعدمت 47 شخصا مرة واحدة، دافعتم عن نمر لأنه شيعي، أليس هذا تأكيدا على طائفيتكم؟ أولا، الشيخ نمر النمر، رجل دين شيعي، وكان مطاردا لأسباب واهية، طارده النظام السعودي لأنه انتقد البطش الذي يتعرض له الشيعة، النمر كان رجلا مسالما ومن هذا المنطلق توسطت إيران عبر شخصيات مرموقة ومعتدلة ومقربة من النظام السعودي في صورة هاشمي رفسنجاني وطلب أن يخفف الحكم، لكن النظام السعودي أعدم النمر نكاية في الشيعة فقط. وأنتم أعدمتم العشرات من السنة قبل أيام، ولم ينتقدكم أحد، لماذا هذه الازدواجية من قبلكم؟ الإعدامات التي تم تنفيذها من قبل السلطات الإيرانية قبل أيام، نفذت في حق مهرّبي المخدرات إلى إيران أو إلى دول قريبة منا، وتمت عمليات الإعدام بعد استيفاء كل الطرق القانونية، والقضاء الإيراني يضمن محاكمات عادلة وبحضور منظمات حقوقية محلية، لكن السعودية أعدمت النمر نكاية في الشيعة وهم لا حول ولا قوة لهم، نعم نحن انتقدنا إعدام نمر النمر فقط، لأننا لا نعرف الأشخاص الآخرين الذين جرى إعدامُهم من قبل السلطات السعودية.
الكاتب والأكاديمي السعودي خالد الدخيل ل"الشروق": "حقوق شيعة السعودية مهضومة لكن إيران تسوّق للطائفية المدمّرة" ماذا بعد قطع العلاقات مع إيران؟ قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، كان مسألة حتمية اتخذتها المملكة، يجب الآن مواجهة هذا الكيان وحقيقته، لم يعد ممكنا السكوت عن الدور الإيراني الذي ظل يتخفى وراء الإسلام والممانعة ومقارعة الصهاينة والغرب، بينما الحقيقة تتعارض مع الواقع، إيران لا تقوم على سوى الطائفية وتصدير وتمويل المليشيات. هذه الأمور يجب مواجهتها. نعم، نحن وإيران جزء من الجغرافيا إلى يوم الدين، وإذا كانت تريد علاقات طبيعية فأهلا وسهلا بها، وإذا أرادت لعب دور إقليمي وتحمي مصالحها فأهلا وسهلا بها، لكن العبث بأمن الدول وإرسال المليشيات يجب أن يتوقف. لكن مكنتم لإيران عندما تآمرتم على إسقاط نظام صدام حسين؟ لو سلمنا أن السعودية أخطأت، لماذا لم تذهب لمعاقبة السعودية وتفعل ذلك عبر تدمير سورياوالعراق واليمن؟ لِمَ هذا العداء لنا وللدول العربية؟ نتساءل كذلك: ما ذنب اليمن ولبنان؟ هل نواجه المشكلة السعودية بإرسال المليشيات؟ لماذا تُحرّم إيران وجود مليشيات داخل أراضيها وتسمح بوصولهم إلى اليمن وسوريا؟ إيران تسوّق لفكرة الطائفية المدمرة، أليست هي من تمول حزب الله وعصائب أهل الحق والحشد الشعبي وفيلق بدر والقائمة تطول؟ إيران حولت العراق إلى دولة مشلولة، بعدما كان بلدا قويا ومستقلا، وانتهى به إلى حرب أهلية لن تنتهي. الحديث عن الطائفية، يجرنا إلى الحديث عن الشيعة، كيف هي أوضاعهم في المملكة؟ هم مواطنون سعوديون، لكن هنالك بعض التهميش طالهم سواء في المملكة أم في دول عربية أخرى، بالمقابل أهل السنة في إيران مواطنون من الدرجة الثانية والثالثة، حتى إنها تمنعهم من بناء المساجد. أنا مواطن سعودي وأقرّ بأن حقوق الشيعة في بلدي مهضومة، لكن هل الحل في أن تأتي إيران لتعزيز المذهبية بفكرة المليشيات؟ إيران مذهبية بنص دستورها، نحن في السعودية الذين نتهم بأننا وهّابيون لا ينص دستورنا على أننا مسلمون سنة، لكن العكس في الدستور الإيراني.