أثار إعلان السعودية استعدادها المشاركة في أي عمليات برية قد يتفق عليها التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) عاصفة استياء إيرانية، حيث شككت طهران في قدرة الرياض على إرسال قواتها إلى سوريا مهددة بهزيمة السعودية هناك. وجاء الرد الإيراني على لسان قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء محمد علي جعفري السبت، كأول رد فعل رسمي إيراني على البيان الذي صدر عن السعودية الخميس الماضي. ونقلت وكالة أنباء فارس عن جعفري قوله: "ردد (السعوديون) هذا الإدعاء لكنني لا أعتقد أنهم يملكون الشجاعة الكافية لفعل ذلك.. وحتى إذا أرسلوا قوات فإنها ستهزم حتماً.. سيكون انتحاراً". وأرسلت إيران قوات إلى سوريا لدعم حليفها الرئيس السوري بشار الأسد في الحرب الأهلية المستمرة منذ 5 سنوات. وتدعم واشنطن وحلفاؤها - من بينهم الرياض - مقاتلي المعارضة الذين يحاربون الأسد ويصرون على رحيله عن السلطة في نهاية المطاف. ويرى محللون، أن السعودية وتركيا قد ترسلان عدداً محدوداً من القوات البرية إلى سوريا لدعم المعارضة التي تواجه هزيمة ساحقة محتملة من قبل النظام السوري المدعوم من روسيا. وتركت الرياض الباب مفتوحاً، الخميس، أمام إمكانية نشر جنود، قائلة "سنساهم إيجابياً" في أي عملية برية يقررها التحالف الدولي بقيادة أمريكا ضد تنظيم "داعش" في سوريا. وشهد الإعلان السعودي ترحيباً أمريكياً جاء على لسان الرئيس الأمريكي باراك أوباما، ووزير دفاعه أشتون كارتر، كما أعلنت البحرين نيتها المشاركة بقوات برية، وهي الفكرة التي يدعمها أيضاً كل من تركيا وقطر. ويشكل مصير الفصائل المسلحة المدعومة سعودياً في سوريا، والتي تقاتل للإطاحة بالرئيس بشار الأسد، مصدر قلق كبير للمملكة، حيث تراجعت المعارضة خلال الأيام الماضية في حلب أمام قوات النظام المدعومة بالقصف الجوي الروسي، ما تسبب في نزوح الآلاف من المدنيين نحو الحدود التركية. ويعتبر أندرياس كريغ من قسم الدراسات الدفاعية في كلية "كينغ" في لندن بأن السعودية "تسعى للقيام بشيء ما في سوريا". ويقول إن المعارضة المعتدلة تواجه خطر التعرض لهزيمة كبيرة في حال سيطرت قوات النظام على حلب، خصوصاً بعدما تمكن الجيش السوري من السيطرة على بلدات عدة وقطع طريق إمداد رئيسي لمقاتلي المعارضة يربط مدينة حلب بالريف الشمالي حتى تركيا، بغطاء جوي روسي. ويضيف كريغ، إن "هذه تعتبر مشكلة بالنسبة إلى السعودية وقطر اللتين تقدمان الدعم للمعارضة المعتدلة". وكانت روسيا، الحليف الأقوى للأسد، قد وجهت اتهامات لتركيا بأنها تعد "لتدخل عسكري" في سوريا. لكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وصف تصريحات موسكو بأنها "مضحكة"، مشيراً إلى أن روسيا هي التي قامت ب"اجتياح" سوريا. وبرأي كريغ فإن "تركيا والسعودية في حاجة إلى تغيير مسار هذه الحرب. لذا فإن أي تدخل سعودي سيكون بالتعاون مع الدوحة وأنقرة". وفي هذا السياق، يشير مصطفى العاني من مركز أبحاث الخليج إلى أن "السعوديين يعتقدون أن فرصة التوصل إلى حل سلمي للأزمة السورية محدودة جداً". ويضيف العاني: "إنهم لا يرون أن هناك ضغوطاً حقيقية على النظام لتقديم تنازلات كبيرة.. ويعتقدون أن الأمور ستحسم ميدانياً في نهاية المطاف". ورغم أن تركيا نفت مراراً نيتها في التدخل بقوات برية في سوريا، إلا أن العاني يرى أن "تركيا متحمسة لهذا الخيار منذ بدأ الروس حملتهم الجوية ومحاولته إخراج تركيا من المعادلة" على حد قوله. ويؤكد العاني أن السعوديين جادون في نشر قوات "كجزء من التحالف الدولي، خصوصاً في حال مشاركة قوات تركية". لكنه ومحللون آخرون يعتبرون أن التدخل السعودي سيكون محدوداً، نظراً إلى كونها تقود تحالفاً عربياً مستقلاً يقاتل في اليمن منذ عام تقريباً، وتحرس الحدود الجنوبية للمملكة من هجمات المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران. ويقول العاني، إن السعوديين مشغولون بحرب اليمن ولكن من حيث المبدأ أعتقد أنهم لن يترددوا في إرسال عدد معين من مقاتليهم للقتال في سوريا"، مضيفاً إن ذلك من المحتمل أن يشمل قوات خاصة سعودية. يشار إلى أن تركيا والسعودية تشاركان في التحالف الدولي بقيادة أمريكا الذي يضم رسميا 65 دولة. ومهمة هذا التحالف منوطة بضرب أهداف لتنظيم "داعش" في سوريا والعراق. ويوضح كريغ، أنه مع استمرار السعودية ودول خليجية أخرى في قتال الحوثيين وقوات علي عبد الله صالح في اليمن، فلا يمكن توقع سوى إمكانية توسيع عمليات "التدريب والتجهيز" وإرسال قوات خاصة خليجية لمساعدة المعارضة في سوريا.