غيّرت كثير من العائلات الجزائرية روتين حياتها اليومي، تأقلما مع فترة امتحانات أبنائها، فبين "السّانكيام" و"البياّم" وصولا ل"الباك"، تشتّتَتْ أذهان الأولياء، لدرجة أن بعض الآباء اشتكوا من إهمال زوجاتهم لهم، فصاروا لا يطبخون لهم ما يريدون، في حين ينال المٌمتحن القسط الأكبر من الدلال و"التقلاش". وفي وقت سخرت غالبية العائلات وقتها لإعطاء مزيد من الاهتمام لأبنائها الممتحنين، انكبّ البعض منهم على تلقين أبنائهم طرق الغش والنجاح بأسهل الطرق، حيث تفاجأنا كثيرا من تصريحات بعض الأمهات واللواتي شرعن في تعداد مناقب الغش أمامنا وهن يجهلن هويتنا. "جميلة" من العاصمة والدة لبنتين أحداهما تجتاز امتحان البيام هذه السنة، فأخبرتنا أنها تُمضي جل وقتها في كتابة الدروس لأبنتها في قصاصات جد صغيرة، وبعدما تطويها على شكل مروحة، توصي ابنتها بأن تضعها بين أصابع يديها، وتخرجها في غفلة من الأساتذة الحراس، والغريب أن ابنتها متفوقة في دراستها. وسيدة أخرى من العاصمة لا هواية لها أثناء امتحان أبنائها، إلا الذهاب يوميا لمقهى الانترنت القريب، وتقوم بتصغير "الكوبياج" عن طريق عملية "ضغط الحروف" بالكمبيوتر، ليستعملها ولدها في امتحان البكالوريا المُقبل، بعدما يخبئها حسب وصية الوالدة تحت "كمّ" القميص. أما والدة أخرى من تيبازة، فقد بدت جد سعيدة، بعدما أقدم الأساتذة الذين حرسوا ابنها في امتحان السّانكيام على كتابة أجوبة الامتحان على السبورة، لينقلها التلاميذ، وخرج الجميع مسرور.. الأولياء والتلاميذ والأساتذة...!! رغم أن ابن محدثتنا ورغم أنه ليس من المتفوقين، لكنه حزن كثيرا معاتبا والدته "كنت أتمنى أن أحلّ امتحان الفرنسية بمفردي" لكن تبقى أغرب قصة سمعناها، وتبين مدى تدني الأخلاق الذي وصله بعض الأولياء، أن أستاذة تُدرس بمتوسطة بمدينة خميس مليانة، أجتاز ابنها السنة المنصرمة امتحان "البيام"، ولكي تساهم في إنجاحه لم تلجأ إلى الدعاء وحثه على المراجعة، بل اهتدت إلى حيلة شيطانية، حيث لجأت إلى صاحب محل لبيع مُلحقات الهاتف النقال وأجّرت منه بمبلغ 5 ألاف دج لليوم الواحد جهاز "بلوتوث" صغيرا، والجهاز الذي يكون في شكل حبة لوبياء صغيرة جدا، يدخل كلية في أذن الممتحن ولا ينتبه له الحراس ويُفتح بطريقة تلقائية باستعمال "كود" معين، وعن طريق هذا الجهاز لقّنت الأستاذة الأجوبة الصحيحة لأبنها، بعدما تحصلت على أسئلة الامتحان من زملائه التلاميذ الذين أنهوا الامتحان مبكرا أو بتواطؤ من زميلاتها الأستاذات، ونجح ابنها في البيام.. !! فيا ترى أي حيلة ستستعمل هذه الأم عند اجتياز ابنها امتحان البكالوريا؟. والظاهرة تؤكد أن الغش في الامتحانات هي عملية منظمة من بعض الأولياء والأساتذة يروح ضحيتها الأبناء، والذين يدفعون لوحدهم ثمن "سوء أخلاق" الكبار، والحل لن يكون، حسب تصريح أحد تلاميذ المتوسط إلا "بإنشاء نقابة للتلاميذ تحميهم من تسلط الكبار."