سجلت أسعار النفط معدلات قياسية جديدة أمس الأربعاء، بسبب بيانات اقتصادية أمريكية ضعيفة أدت إلى مزيد من التدهور في قيمة الدولار وإقبال شديد على أسواق السلع الأولية، إضافة لارتفاع الطلب على الوقود في الشتاء بالولايات المتحدة وأوروبا مع انخفاض درجات الحرارة. وتجاوز مزيج برنت لبحر الشمال حاجز 100 دولار، ليصل إلى 100.53 مسجلا بذلك مستوى قياسيا جديدا، فيما ارتفع الخام الأمريكي الخفيف إلى 101.60 دولار للبرميل بعد أن قفز إلى مستوى قياسي عند 102 دولار، ليقترب من معادلة الذروة التي سجلها عام 1980 التي تبلغ 102.53 دولار باحتساب معدلات التضخم.وعلى الرغم من الارتفاع المتواصل لأسعار النفط، إلا أن ذلك لم يحد من خسائر الدول المصدرة للنفط ومنها الجزائر، التي تكبدت خسائر كبيرة خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة جراء تمركز 70 بالمائة من وارداتها من منطقة اليورو، وفوترة 100 بالمائة من صادراتها بالدولار، حيث يمكن أن تصل خسائر الجزائر من جراء تذبذب قيمة صرف الدولار إلى حوالي 500 مليون دولار سنويا. وقال محللون إن تجاوز النفط لحاجز 100 دولار، لا علاقة له على الإطلاق بوضعية السوق البترولية المتخمة، مرجعين ذلك إلى وضعية الاقتصاد الأمريكي التي باتت تبعث على القلق، ما يدعم مقاربة منظمة البلدان المصدرة للنفط أوبك، وفي مقدمتها الجزائر التي يرأس وزيرها للطاقة شكيب خليل المنظمة إلى نهاية 2008.وهبط أمس، الدولار الأمريكي إلى أدنى مستوى له على الإطلاق مقابل سلة من العملات الرئيسية بعد أن أبرزت بيانات ضعيفة التوقعات القاتمة للاقتصاد الأمريكي، وعززت تصريحات مسؤول كبير في مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) التوقعات بمزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة الأمريكية، حيث واصل أمس، الدولار تراجعه أمام اليورو الذي وصل إلى أعلى مستوى له أمام العملة الأمريكية لم يشهدها من قبل، حيث قفز فوق 1.50 دولار، وهذا مباشرة بعد التصريحات المتشائمة لنائب رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي، دونالد كون، الذي قال يوم الثلاثاء إن ضعف الاقتصاد الأمريكي مبعث للقلق أكبر من مخاطر زيادة التضخم.وتؤكد هذه المعطيات صحة مقاربة منظمة البلدان المصدرة للنفط أوبك بخصوص ما يجب اتخاذه من قرارات في اجتماعها الذي ستعقده في الخامس مارس، في فيينا لجهة تخفيض الإنتاج أو تثبيته في مستواه الحالي، بسبب المخاوف من أن يؤدي تباطؤ النمو الأمريكي إلى تراجع الطلب على النفط من أكبر دولة مستهلكة له، حيث جدد وزير الطاقة والمناجم شكيب خليل رئيس منظمة البلدان المصدرة للنفط تمسك أوبك بهذه المقاربة، مشيرا إلى ان ''تباطؤ الاقتصاد الأمريكي إلى جانب التراجع الموسمي في الاستهلاك سيؤثران على الطلب على النفط وأن أوبك لن تزيد الإنتاج"، موضحا أن الوضعية الحالية للسوق لا تحتمل زيادة الإنتاج.