أدى تلاقي مجموعة من العوامل المرتبطة بحالة الاقتصاد الأمريكي وتدهور قيمة الدولار والإقبال الهائل من طرف الصناديق الاستثمارية على المضاربة في المواد الأولية لا سيما النفط إلى بلوغ النفط مستويات قياسية متتالية خلال تعاملات الأسبوع و بقيت فوق المائة دولار أمس الجمعة آخر أيام تعاملات الأسبوع· وعززت عوامل ظرفية استمرار صعود الأسعار إلى مستويات قياسية جديدة في التعاملات المبكرة، ليوم أمس الجمعة، إذ بلغت العقود الآجلة إلى مستوى قياسي جديد فوق 103 دولارات للبرميل بعد إغلاق خط أنابيب رئيسي لتصدير الخام في الإكوادور وحريق في محطة مهمة للغاز الطبيعي في بريطانيا ثم تراجع سعر النفط مقتربا من مستوى 102 دولار للبرميل· وهبط سعر الخام الأمريكي الخفيف 40 سنتا إلى 102.19 دولار للبرميل بعد أن سجل مستواه القياسي عند 103.05 دولار في وقت سابق يوم الجمعة متجاوزا الذروة التي بلغها عام 1980 إذا احتسب التضخم وهي 102.53 دولار للبرميل وذلك في أعقاب قيام الثورة الإسلامية· وانخفض سعر مزيج برنت 54 سنتا إلى 100.36 دولار للبرميل مبتعدا عن مستواه القياسي البالغ 101.27 دولار· وزادت المخاوف عن إمدادات النفط التي تغذيها الانقطاعات الدائمة أو المتكررة إمدادات النفط في بعض مناطق التوتر في دعم الأسعار التي كان من المنتظر أن تهبط في ضوء وفرة الإمدادات وبلوغ مخزونات النفط والمواد المكررة لا سيما البنزين أعلى مستوياتها في الولاياتالمتحدةالأمريكية أكبر مستهلك عالمي للطاقة· وعادة ما تشكل مخزونات البنزين في مثل هذا الوقت مؤشرا على ما سيكون عليه حجم الاستهلاك في الولاياتالمتحدة من النفط مع اقتراب فصل الإجازات· وكانت أسعار النفط بلغت أعلى معدلاتها هذا الأسبوع غداة صدور بيانات أمريكية في منتصف الأسبوع أدت إلى مزيد من التدهور في قيمة الدولار وإقبال شديد على النفط كسلعة للمضاربة· ويعتقد المحللون أن أسعار النفط ستبقى في معدلات قياسية ما دام الدولار في تدهور مستمر ووسط ازدياد المخاوف عن انكماش الاقتصاد الأمريكي· وواصل الدولار الأمريكي أمس الجمعة تراجعه فسجل أدنى مستوى مقابل اليورو الأوروبي وسلة عملات رئيسية تحت وطأة المخاوف التي تكتنف النمو الاقتصادي الأمريكي ووسط توقعات بمزيد من قرارات خفض الفائدة· وفي هذا السياق انخفضت الأسهم الأوروبية في أوائل المعاملات يوم الجمعة بعد أن تزايد قلق المستثمرين إزاء احتمالات النمو الاقتصادي وأسواق الائتمان، مما أثر سلبا على أسهم القطاع المالي وطغى على ارتفاع أسهم شركات الطاقة بفضل ارتفاع أسعار النفط إلى مستوى قياسي جديد· ولجوء المستثمرين إلى الاستثمار في أسواق النفط والمعادن مثل الذهب والفضة والبلاديوم التي وصلت هي أيضا إلى معدلات قياسية· وما زاد في تهاوي قيمة الدولار التصريحات الصادرة في اليومين الماضيين عن بن برنانكي رئيس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي (البنك المركزي) الذي ألمح إلى إمكانية تخفيض نسبة الفائدة مرة أخرى لمواجهة المخاوف من حالة ركود قد تصيب الاقتصاد الأمريكي· وقال برنانكي في تقريره النصف سنوي إلى الكونجرس الأمريكي أن "الاحتياطي الفدرالي سيتصرف كلما دعت الحاجة من اجل التدخل لدعم النمو الاقتصادي"· ويقول المحللون ان كلام برنانكي يزيد التوقعات بإقدام الاحتياطي الفدرالي على خفض جديد لنسبة الفائدة خلال الاجتماع المقرر في 18 مارس المقبل والتي سبق أن خفضت إلى حدود 3 بالمائة الشهر الماضي· لكن ما زاد في المخاوف أكثر ما قاله السيد برنانكي حول التضخم أن الحالة الاقتصادية في الولاياتالمتحدةالأمريكية" أصبحت أكثر سوءا وقد تسوء أكثر"· وأضاف برنانكي أن "التضخم يبقى احد مصادر القلق الرئيسية"· وتشكل حالة الاقتصاد الأمريكي أكبر انشغال لمنظمة البلدان المصدرة للنفط التي ستجتمع في الخامس من مارس القادم في فيينا وسط توقعات بأن تبقي على مستوى الإنتاج الحالي أو تخفض منه، كما صرح بذلك السيد وزير الطاقة والمناجم الرئيس الحالي للمنظمة· ويؤكد مختلف وزراء النفط في البلدان الأعضاء الارتفاعات الحالية لأسعار النفط لا علاقة لها البتة بمستوى المعروض من النفط ولكن ترتبط أساسا بالعوامل المذكورة آنفا والتي لا سيطرة للمنظمة عليها وأن نذر انكماش الاقتصاد الأمريكي قد تؤثر على طلب الولايات من النفط وهي أكبر مستهلك عالمي له·