العدول عن فكرة الهجرة بمقابل؟ تتولى الجمعية الإيطالية المسماة اللجنة الدولية لترقية الشعوب التي فتحت فرعا لها بالجزائر على مساعدة الشباب الذين يفشلون في "الحرڤة"، من أجل العدول عن فكرة الهجرة غير الشرعية، من خلال منحهم مساعدات مالية تصل إلى غاية 3000 أورو من أجل إقامة مشاريع مصغرة، تعيد رفع معنوياتهم، وتقيهم المخاطرة مرة أخرى بحياتهم. * وإذا كانت هذه الجمعية قد ركزت جهودها على الشباب الأفارقة القادمين من دول المطلة على الصحراء الكبرى من بينها المالي والنيجر والسنيغال، فإنها تجري حاليا اتصالات حثيثة مع الجهات الرسمية الجزائرية، من أجل جمع المعلومات الكافية عن ظاهرة الحرڤة. وعن عدد الشباب الذين تمكنوا من اجتياز البحر الأبيض المتوسط وبلغوا الضفة الأخرى، وكذا أولئك الذين فشلوا في ركوب أمواج البحر، فعادوا بأدراجهم إلى أرض الوطن، وأيضا الشباب الذين تم القبض عليهم سواء في إيطاليا أو إسبانيا فورا أو أولئك الموجودين حاليا في السجون التونسية. * وساعد الموقع الاستراتيجي الذي تحتله الجزائر باعتبارها بوابة إفريقيا نحو أوروبا أو القسم الشمالي من الكرة الأرضية، هذه الجمعية الإيطالية على مزاولة نشاطها في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية، وهي تعمل بالتنسيق مع منظمات حقوقية جزائرية، من بينها منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان التي يرأسها بوجمعة غشير. * وتركز الجمعية من خلال فتح فرع لها في الجزائر على الولاياتالشرقية والغربية، خصوصا وهران وعنابة التي تشهد باستمرار انطلاق ما أضحى يصطلح عليها بقوارب الموت، وعلى متنها عشرات الشباب الذين يرمون بأنفسهم إلى التهلكة بحثا عن "الجنة المفقودة"، غير آبهين بما يمكن أن يعترضهم من مخاطر. * وتعمل اللجنة الدولية لترقية الشعوب حاليا على الإلمام بكافة المعطيات حول ظاهرة "الحرڤة" من أجل تطوير طريقة التعامل معها، ومن ثم اقتراح الحلول المناسبة. * علما أن تضخيم الحديث حول الهجرة غير الشرعية مع أنها ليست وليدة اليوم يعود في نظر متتبعين إلى جملة من العوامل، وتقف في مقدمتها حالة الخوف التي أضحت تعيشها القارة الأوروبية على وجه العموم التي دخلت مرحلة الشيخوخة، فأصبحت تخشى من تدفق المهاجرين عليها، لأن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى ظهور أجيال جديدة مختلفة من حيث عاداتها وتفكيرها ومعتقداتها عن شعوبها، ويضاف إلى ذلك الهاجس الأمني الذي أضحى لصيقا بظاهرة الحرڤة، وهو ما يفسر إصرار البلدان الأوروبية على تحقيق شراكة مع دول جنوب البحر الأبيض المتوسط من أجل الحد من الهجرة غير الشرعية، مصرة على استحداث محتشدات على مستوى بلدان شمال إفريقيا من أجل وقف تدفق المهاجرين نحوها. * وقد تم تقدير عدد الحراڤة المفقودين أو المسجونين لغاية اليوم بحوالي 1000 شاب، ما تزال عائلاتهم تطالب بتقصي مصيرهم، وهي تسعى من أجل الحصول على تعويضات من الدولة، بحجة أن الظروف الاقتصادية والاجتماعية هي التي دفعت بهم إلى المخاطرة بحياتهم.