الكلام الكثير والمتزايد هنا وهناك، قبل الرئاسيات، يجعل البعيدين عن متابعة الحراك السياسي في البلاد يعتقدون مخطئين أن المعارضة بُعثت من عظامها، وهي رميم لمواجهة قوافل المساندين. * علما أن لبعض هؤلاء خبرة سنوات طويلة في المساندة والبيعة، أما المعارضة فهي شكلية قد لا ترقى حتى إلى مستوى الأرانب مثلما يتفاءل البعض ويسوِّقون له! * ما حدث داخل الجبهة الوطنية الجزائرية يكشف مأزق الزعامة السياسية الضحلة التي ابتليت بها البلاد، ويكشف مجدّدا أن كل السنوات التي تلت التعددية وأنهت زمن الحزب الواحد لم تخلق لنا تراكمات كافية لفرز قيادات بإمكانها خلق قراراتها بنفسها بعيدا عن سلطة المال وأيضا عن رقابة الداخلية، حيث لا يوجد أمر يثير الضحك في الأيام القليلة الماضية أكثر من تصريح تواتي مؤخرا بإعلانه النصر ودحر كل محاولات الحركات التصحيحية داخل الأحزاب، وليس حزبه فقط، بعد نجاحه في إنهاء الفتنة الداخلية، ولكن زعيم الأفانا لم يقل للرأي العام، أو لمن انتخبوه يوما، كيف أنهاها وبأي شكل؟ هل بالتفاف المناضلين حوله وتتويجه مرشحا للرئاسيات؟ أم باجتماع قصير مع وزير الداخلية كان من ضمن نتائجه تصريح تواتي أنه لن يترشح إذا طلبت السلطة منه ذلك؟! * المشرفون على الرئاسيات ليسوا أغبياء إلى درجة ترك تواتي يقول ما من شأنه تلويث شفافية الحدث السياسي الأبرز في السنة المقبلة، لذلك كانت العلامات ايجابية جدا في السماح له بتقمص دور "الكومبارس الرئاسي" بشروط، تماما مثل المرشح المتوقع عبد الله جاب الله الذي عاد الودّ ليجمع بينه وبين الداخلية فجأة، بسبب تصور فارس الإسلاميين أنه لن يعود للواجهة إلا بقرار من الداخلية، تماما مثلما اختفى بقرار منها أيضا، واتضح حينها أن كل تلك القواعد الشعبية "رصيد" مشكوك فيه. * بلخادم صرح أن الرئاسيات ستكون تعددية وبوجوه وخطابات مختلفة، ولكن عن أي وجوه يتحدث الممثل الشخصي للرئيس؟ طالما أن الرصيد السياسي والشعبي للكثير منها ضحل ولا يستطيع الصمود حتى أمام حركة تصحيحية تقودها حفنة من المناضلين، فما بالك بضمان قواعد شعبية باتت في حاجة لكثير من المهدئات لهضم تصريحات الأحزاب والسياسيين قبل موعد الحج الأكبر للصناديق؟!