لم تكن الزيارة التوديعية التي قام بها الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جورج بوش إلى العراق، خالية من عنصر المفاجأة التي كانت بحجم حذاء صحفي عراقي شهم هذه المرة.. * الرئيس الأمريكي وهو يحزم حقائب الرحيل من البيت الأبيض، أراد أن يغسل شيئا من العار الذي يلاحقة في بلاد الرافدين، لكن التاريخ أراد أن يسجل عليه وصمة عار أخرى ليست أقل من العار الذي سطره بقوات أمريكية، دمرت العراق وشردت أهله الآمنين، والتاريخ سيبقى شاهدا حيا على الهمجية الأمريكية من خلال حربين مدمرتين حولت الخليج إلى منطقة منكسرة ومدمرة... * وإذا كان الإعلام اليوم هو لغة العصر، فإن آلاف الصور الحية التي تناقلتها شاشات أكبر القنوات التلفزيونية، وثقت لحادثة تعرض الرئيس الراحل بوش لقذيفتين بحجم حذاء صحفي ناقم على ما فعلته الهمجية الأمريكية بالعراق الآمن المطمئن، والحادثة تحمل من دلائل السخط على السياسة الأمريكية، ما تعجز عن احتوائه آلاف المجلدات، ولا شك أيضا أنها كانت بردا وسلاما على قلوب الملايين من المسلمين الناقمين على الهمجية الأمريكية، والعاجزين عن ردة فعل بحجم الأسى والضيم التي يتجرعونها كل يوم... * ومع أن الرئيس الأمريكي حاول امتصاص الصدمة التي لحقته جراء الحادثة، عندما علق بأن ذلك دلالة على وجود ديمقراطية بالعراق، إلا أن الشتائم التي كالها الصحفي العراقي للرئيس الأمريكي وهو يقذفه بالحذاء، أكثر من تفسير واضح على حجم النقمة والغضب... ما يثير الدهشة حقا أن الأستاذ عبد الحفيظ عباسي من بن سرور بالمسيلة تفاعل مع الموضوع بسرعة البرق مثله مثل الكثير من الناقمين على السياسة "البوشية"، وكتب شعرا في الحادثة، وأطرف ما في قصيدته هو عنوانها "المهدي منتظر الزيدي"، ويظهر جليا أن صاحب القصيدة اعتبر الصحفي العراقي هو مهدي آخر الزمان، وقال في مقطع من قصيدته "انتصرت لنا، ولا يهم إن كنت سنيا، مسيحيا، أو ما كنت.. يكفينا منك أنك انتصرت لنا، ورفعت لنا من هاماتنا بفردتي حذائك ما داسته نعال الأمريكان...". * الرئيس الأمريكي جورج بوش يستعد للرحيل غير مأسوف عليه، وخارجا من التاريخ بإهانة من توقيع صحفي عراقي دخل التاريخ بفردتي حذائه... وتلك هي حال الدنيا منذ قديم الزمان... ملوك يعيثون في الأرض فسادا، ويتوارون تلاحقهم اللعنات، ورجال شرفاء يكتبون بدمائهم التضحيات الخالدة عن الأرض والعرض..، وشتان بين الصنفين من بني آدم...