دخلت بعض الوجوه السياسية التقليدية في سباق ضد الزمن مع الإدارة قبل الرئاسيات، إلى درجة أنّ هذه الأخيرة وبعد ما أعلنت عن جملة من الإجراءات الجديدة التي بوسعها تقليص حجم المقاطعة * من خلال توصيل صندوق الانتخابات لبعض الشرائح الاجتماعية العازفة عن التصويت سابقا كالطلبة والنساء في الأرياف، فإن بعض الوجوه السياسية، التقليدية منها على وجه التحديد، سارعت من جهتها لإعلان مقاطعتها بغية تعميق عقدة الشرعية عند السلطة من خلال إفراغ الرئاسيات من محتواها، فهل يؤشر ذلك على قوة تواجد في الشارع، أم أنه دليل ضعف على المواجهة؟! * لقد شكلت الأغلبية الصامتة طيلة الاستحقاقات الانتخابية السابقة، ملاذا آمنا يفرّ إليه كثير من الفاشلين سياسيا وشعبيا للتصريح أنهم زعماء لتلك الأغلبية، وأن الناخبين لم يذهبوا لصناديق الاقتراع حبّا فيهم وانتصارا لهم ومساندة لقرارهم، في الوقت الذي كان أبسط تحليل يقول أن كثيرا من المقاطعين لم يسمعوا في حياتهم أبدا بأسماء كثير من أولئك الذين قرروا عدم الترشح أو المقاطعة، وهو ما جعل فضيحة بعضهم تتعاظم، وحجّة هروبهم من الأصفار تتأكد، وعقدة خوفهم من الصندوق تتزايد، حتى بات من اللازم اليوم أن تخرج الأغلبية الصامتة عن صمتها لتكشف زيف هؤلاء وبهتانهم؟! * بأي حق يمارس البعض أبويته على المقاطعين؟ ولماذا يتسابق الجميع للحديث باسمهم؟ وإذا كان هنالك رفض واسع لمرشح بعينه، فهل يعتبر ذلك دليلا كافيا للقول أن ماعداه من المرشحين أو المقاطعين، هم البديل الصحيح والسليم والمناسب؟؟! * مبررات غلق اللعبة الانتخابية على وجوه دون الأخرى، أو التذرع بارتفاع نسب المقاطعة في الاستحقاقات السابقة، ليست مقنعة أبدا لاستعمالها كحجّة من أجل الفرار من حكم الشعب ولا الخوف من مواجهته، بل هو اعتراف ضمني من بعض الوجوه أنها لم تعد تتواجد شعبيا بالشكل الذي كانت تتمناه أو تخطط له، والأمر هنا سيان، سواء تعلقت القضية بالشيخ عبد الله جاب الله أو بالسيد سعيد سعدي؟! * من المعيب حقا أن يظهر بعض المترشحين الجدد والواعدين أكثر نضجا من أولئك الذين قتلونا منذ سنوات بالخطابات عن دورهم الطلائعي في تأسيس الديمقراطية الجزائرية، فإذا كان هؤلاء يهربون من الصندوق ويتحججون بكل الذرائع الواقعية منها والافتراضية لتفادي مواجهته، فمتى سيكون بوسعنا، قياس شعبيتهم أو حضورهم في المشهد السياسي، أم أنهم حنّوا لزمن احتراف السياسة في السرية، وألفوا ممارسة المعارضة بالفاكس؟!