الدكتور محمد عابد خويدمي قال الدكتور محمد عابد خويدمي الذي كان ضمن أول وفد طبي تنقل الى مدينة غزة، إن الإسرائيليين "خوافون" مؤكدا أنه لم يشاهد أي جندي منهم قرب الدبابات التي كانت تحاصر مدينة غزة، وكشف عن استخدام الجيش الصهيوني صواريخ خاصة تؤدي الى بتر الساق عند انفجارها أرضا ... * الطبيب الجزائري نقل صورة الصمود، والتنظيم والتضامن في صفوف الفلسطينيين الذين يكنون حبا خاصا للجزائريين، عاد مساء الاثنين من غزة لكن الدموع التي كان يذرفها خلال لقائنا به، تؤكد أن المشاهد التي حاول نقلها لنا هي أبعد من أن تكون "عادية" حتى في الحروب. * التقينا الدكتور خويدمي محمد عابد صباح أمس بمقر الهلال الأحمر الجزائري الذي يعرف مقره حركة غير عادية منذ اندلاع العدوان على غزة وانطلاق عمليات التضامن، الدكتور خويدمي طبيب مختص في طب الكوارث وممارس بالمستشفى الجامعي بوهران، وهو أيضا عضو في مجلس إدارة الهلال الأحمر الجزائري، ومستشار بالفيدرالية الدولية للهلال الأحمر، عرفه الجزائريون من خلال تدخلاته الثرية عبر القناة الفضائية القطرية "الجزيرة". * * ذهبت لإغاثة الفلسطينيين باسم الشباب والجزائريين الذين تظاهروا بصدق * * كيف كانت فكرة الذهاب الى منطقة في قلب العدوان؟ كان أول سؤال طرحناه على الدكتور خويدمي الذي قال إنه تم تسجيل 20 طبيبا جزائريا للتنقل الى مدينة غزة في اليوم الأول للعدوان، لكن السلطات المصرية منحت التأشيرة لطبيبين فقط الدكتور خويدمي مختص في طب الكوارث والدكتور الجزائري الثاني فراس الخليلي وهو طبيب جراح. * يقول الدكتور خويدمي إنه لم يبغ أي فرد من عائلته حتى زوجته التي علمت بالمركز، عندما تدخل في قناة "الجزيرة" القطرية، "لقد قرر الذهاب لسببين أهمها بشاعة الصور التي عرضتها القنوات الفضائية عن ضحايا أول قصف لمدينة غزة كانت هناك صورة استوقفتني لشاب جريح دخل مجمع "الشفاء" وعندما دار على اليسار كانت والدته ممددة على اليسار بعد أن فارقت الحياة ..كانت ميتة (يصمت وتخونه الدموع)، كنت أتناول العشاء ولم أستطع أن أكمل ..أما ثاني دافع فكان بعد صلاة الجمعة عندما خرجت من المسجد ورأيت جموع الشباب الذين كانوا يتظاهرون بحماسة وصدق لكنهم كانوا عاجزين عن نصرة غزة وخرجوا للشوارع كأضعف إيمان..أنا طبيب وقلت إنه يمكن أن أؤدي خدمة وأشدد على أني تنقلت الى غزة باسم كل هؤلاء الشباب وباسم الجزائريين". * الإجراءات لم تكن سهلة، وتنقل الدكتور خويدمي مع الدكتور الخليلي إضافة الى السيد حمو رئيس الهلال الأحمر الجزائري على متن طائرتين للمساعدات منها سيارتي إسعاف "سافرنا عبر مطار بوفاريك العسكري وعند وصولنا الى مطار العريش كان في استقبالنا القنصل العام الجزائري بالقاهرة، وتنقلنا الى معبر رفح من الجهة المصرية التي كانت توجد بها آثار العدوان ودخلنا غزة أخيرا". * ويوضح الدكتور خويدمي، أنه كان ضمن أول وفد يعبر رفح ويدخل غزة منذ بداية العدوان، وتزامن ذلك مع إعلان الجيش الإسرائيلي هدنة لمدة 3 ساعات "لكننا لم نلمس أي هدنة وكان القصف متواصلا". * * عندما قبلت الدبابات الإسرائيلية..غنيت "الجزايريين دونجي" * * وظل الوفد 3 ساعات ونصف ساعة قبل أن نركب حافلة مصرية ويفتح باب قطاع غزة، وهناك كان أفراد من الهلال الأحمر الفلسطيني ومصالح الصحة في انتظارهنا، ويقول الدكتور خويدمي "أثارني التنظيم المحكم، كنا 4 أشخاص على متن الحافلة، وصعد فلسطيني أبلغنا أنهم بانتظارنا لنستقل بعدها سيارات إسعاف"، ويضيف "كانت الطائرات الإسرائيلية تقصف بعنف وبعشوائية ...لست أدري لكن الله منحني السكينة وقال لي زميلي الدكتور الخليلي أنظر الى السماء هناك طائرات إننا في حرب ..لكننا مستعدون للاستشهاد". * بعد حوالي 45 دقيقة، وصل الوفد الى مستشفى خان يونس وبعد إطلاع الطاقم الإداري والطبي على تكوين الدكتور خويدمي، قاموا بتحويله الى مجمع "الشفا"، ويصف الوضع بالقول "وجدنا غزة محاصرة كليا بالدبابات الإسرائيلية، وأفيدك أن مساحة غزة هي أقل من مساحة الجزائر العاصمة بحوالي الربع وكانت الدبابات في كل مكان وتجاوزناها بصعوبة بعد التنسيق مع مندوب الصليب الأحمر الذي كان في اتصال مباشر مع الجيش الإسرائيلي". * يبتسم الدكتور خويدمي وهو يتذكر الدبابات وموقفه "لم يكن هناك أي جندي، أعرف أن الإسرائيليين "خوافون" تاع بصح (بلهجة الغرب الجزائري )" وبحيوته، يضيف أنه كان يردد أغنية جزائرية algériens dangers بمعنى "الجزائريين واعرين". * ودخل الوفد مدينة غزة في حدود منتصف الليل، حيث كان في استقبال الموكب الذي يضم 13 سيارة إسعاف منها سيارتا إسعاف هبة من الجزائر، الطاقم الطبي والإداري بمجمع "الشفا" يتقدمهم وزير الصحة الفلسطيني "حظينا بترحيب كبير، كنا 9 أردنيين ويمني وجزائريين" لكن الجزائريين كانوا يحظون بترحاب كبير. * في المجمع، وجد الدكتور والوفد وضعا صحيا صعبا "وجدنا حوالي 1000 جريح ملقين أرضا ونقص في الأدوية ..لم نكن ننام الليل وكنا نأكل قليلا ..." أقاطعه لأسأله عن نوعية الأكل "في الصباح نتناول خبزا بالجبن المملح فقط، منتصف النهار أرز فقط ووجبة العشاء عبارة عن خبز بالمعجون والجبن المملح". * وتم تحويل الدكتور خويدمي الى قسم الطوارئ والدكتور الخليلي الى قسم العمليات الجراحية، وهنا يتنهد الدكتور خويدمي "فحصنا الجرحى وسجلنا إصابات غريبة لم أسجلها في نزاعات سابقة ...لقد عملت في العراق وجنوب لبنان وكانت إصابات أراها لأول مرة". * * اسرائيل استهدفت المصابين بالحروق في القصف العشوائي * * ويضيف الطبيب أنه تنقل الى مصلحة حفظ الجثث لتحديد طبيعة الإصابات "عند فتح الجثة يخرج منها دخان وتندلع نار وتحترق الأمعاء، مرفوقة برائحة الثوم"، وكان ذلك برأيه دليلا على وجود مواد كيماوية تتفاعل مع الهواء. وقال الدكتور خويدمي "اطلعنا على المراجع وتوصلنا الى أن مادة الفوسفور الأبيض هي التي تعطي هذه الأعراض". * ونجح الطبيب في علاج الحالات مستقبلا باعتماد بيكربونات الصوديوم "غيرنا العلاج حيث كنا نستعمل الماء والسيروم لعلاج الحروق"، ولفت الدكتور انتباهنا الى أن سكان غزة أبلغوا الأطباء أنهم تلقوا مناشير تنصحهم باستخدام الماء لعلاج حروقهم وهو أمر خطير، وساد الاعتقاد أن المناشير تكون أعدتها إسرائيل لقتل الجرحى. * وقام الدكتور خويدمي بالاتصال مع أطباء المستشفيات الأخرى وأهالي غزة لإبلاغهم باستعمال الحليب إن توفر أو بيكربونات الصوديوم المتوفر في المستشفيات. * * وجدت شعبا صامدا ومؤمنا وموحدا في غزة * * لكن الأخطر، أن الجيش الصهيوني استخدم صواريخ خاصة في استهدافه المدنيين يتم قصفها أرضا، حيث تشكل حفرة بعمق 2 سم وتنفجر على طول 50 سم مما يؤدي الى إعاقة المصاب بها وتؤدي الى بتر الساق، ويضيف الدكتور منتفضا "كانوا يريدون إعاقة الشعب الأعزل ..." مؤكدا أن 5 بالمائة من الجرحى فقط أصيبوا بالرصاص أما الآخرون فتعرضوا أساسا للقصف في البيوت والمدارس والمستشفيات و90بالمائة من ضحايا العدوان هم مدنيون و40 بالمائة منهم أطفال ...أسأل الدكتور مجددا عن مشهد طفل فلسطيني جريح لايزال عالقا بذاكرته ليذرف دموعا ويرد مختنقا "ندمت على امتهاني الطب حتى لا أرى طفلا يعاني ويتألم"... * ومكث الدكتور 11 يوما، أوكلت له خلالها مسؤولية التكفل الصحي وتسيير العمل الطبي لثقة المسؤولين الفلسطينيين في كفاءة الدكتور الجزائري وقام بتنشيط ندوة إعلامية حضرها صحفيون دوليون كشف فيها لهم عن استخدام مادة الفوسفور "كنت قد وضعت عينة داخل كيس لمدة 5 أيام وعندما فتحت الكيس اندلعت نار فهرب الصحفيون ..قلت لهم: هذا ما تفعله اسرائيل ليهمس لي أحدهم أخشى أن تحول الى غوانتانامو بسبب هذا التصريح". * وقرر الدكتور خويدمي العودة مجددا الى غزة "وجدت شعبا صامدا، مقاوما ومنظما وموحدا ومعنوياته مرتفعة وشعب يعرف أكثر منا الجزائر وتاريخها العريق والمجاهدة الكبيرة جميلة بوحيرد". * * اسرائيل استعملت أسلحة محظورة منها اليورانيوم ونملك الأدلة * * كشف الدكتور خويدمي عن إعداد تقرير مرفوق بأدلة ونسخ عن تقارير طبية وقعه رفقة بروفيسور مصري إضافة الى رئيس مصلحة الحروق بمجمع الشفاء، رئيس الوفد الطبي الأردني تم إرساله الى اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي طلبنا فيه إيفاد لجنة تحقيق تضم مختصين حياديين حول استخدام الجيش الإسرائيلي أسلحة محظورة منها اليورانيوم.