شقيق الشهيد صلاح شحاذة رفقة مبعوث الشروق الى تركيا من الصعب الحديث إلى أحمد شحاذة، شقيق الشهيد صلاح شحاذة، قائد كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، لأن الحديث معه مفعم بالمشاعر، ومحطات سرده فيها الكثير من الألم والذكريات. * وبصعوبة سرد علينا بعض ذكرياته مع شقيقه صلاح الذي اغتالته إسرائيل بقصف بيته بالطائرات الحربية. * * - حدثنا عن شقيقك صلاح الإنسان؟ * * صلاح رحمة الله عليه، كأخ وشقيق، وصديق، عشت معه ومن أول ما عرفته هو صاحب رسالة، لم يكن يعيش لنفسه، بل عاش لقضيته. * * - هل يمكن أن تقص علينا بعض يومياته؟ * * بفقدان صلاح واستشهاده ظل الجرح عميقا، بغض النظر عن مدى افتخاري واعتزازي بصلاح كأخي وكصديقي وشقيقي، وبقي الجرح الى اليوم عميقا ولم يلتئم لأنني فقدت صديقا وأخا وشقيقا لم يعوض الى الآن ولن يعوض. كما فقدت الأمة الاسلامية والشعب الفلسطيني مع صلاح وانطوت ملفات، لا أستطيع أن أفتحها مدى حياتي. * وأنا صغير لأن الفرق بيني وبينه ليس قليلا كنا أصدقاء وكان الوالد رحمه الله ينظر لنا كذلك، ولنا اخوة أخرين، ولما يكون مبسوطا مع صلاح يكون معي مبسوطا، ولما يكون "زعلانا" من صلاح يكون معي كذلك، والكلام الذي يوجهه الى صلاح يوجهه لي كذلك، هكذا عشنا حياتنا، ولما كنت مسافرا في أوروبا للدراسة وقبل اعتقاله في المرة الاولى أعطاني وصية كتبها، واحتفظت بها في اوروبا كل تلك الفترة، وقال لي لا تفتحها إلا بعد ان تسافر، ولما سافرت كلما أقرأ هذه الوصية تبكيني، هو كان متألما بقدر حجم الفراق لأني بعيد عنه، وأنا بدأت معه منذ أول أيام الدعوة في غزة، بعد رجوعه من مصر من الدراسة، رحمة الله على شهداء المسلمين جميعا. * * - هل من الممكن ان تطلعنا على محتوى هذه الوصية؟ * * الرسالة كانت عبارة عن محادثة من القلب الى القلب، لأنه كانت هناك أشياء وقضايا لم يكن يحكيها معي مباشرة، وقد وضع فيها أحاسيسه التي تحرك القلب والمشاعر. * * - حدثنا عن صلاح شحاذة القائد الميداني لكتائب عزالدين القسام؟ * * كان يتصرف بحزم كقائد، مع إخوانه لا يظهر أنه قائد لهم بل أخ قريب منهم، ومحبوب من جميع الاخوة في الحركة، يحترمونه كأنه أخوهم أو أبوهم، ولم يحب حتى في وصيته النهائية ان يكتبوا على قبره شهيدا أو قائدا، ولا أن يرفعوا صوره. * * - وكيف كان ينظم أموره العسكرية؟ * * في هذه القضية بقدر تواضعه مع إخوانه، كان حزمه مع أعدائه وكان مطلوبا، وكان على ثقة كبيرة جدا ان نهاية إسرائيل قادمة قريبا ولا مجال للتفاوض بهذا الشأن. * * - حدثنا عن اخر اتصال بينك وبين الشهيد صلاح شحاذة قبل استشهاده؟ * * قبل ان يتوارى عن الأنظار بعد أن صار مستهدفا هو والقيادة في فترة انتفاضة الاقصى، كان آخر اتصال معه عبر الهاتف وكنت أتجنب من جهتي ان أتصل به حفاظا على حياته، لأن المكالمات كانت مراقبة. * * - ماذا كان يقول لك في الهاتف؟ * * كان يتمنى أن نلتقي قريبا، وكنت لا أستطيع الذهاب الى هناك، وكان يريد أن نقوم بمحاولات للعودة، لكن قدر الله وما شاء فعل. * * - كيف تلقيتم خبر استشهاد شقيقكم؟ * * الأمر كان متوقعا، وهو كان يتوقع ذلك، ونحن بشر، فلما نفقد حبيبا أو عزيزا فسيظل أثر الفقدان على مدى الحياة، ونحن نتقبل ذلك بصبر وهذه حياتنا ونحن مستعدون للشهادة. * * - كيف تابع أحمد شحاذة الحرب الأخيرة على غزة؟ * * تابعتها كما تابعها جميع إخواننا بقلوبهم الحية، والذين يعيشون القضية الفلسطينية كقضيتهم، من وجداني، ليلي، نهاري، وما يقلقني ويؤرقني خلال فترة الحرب كلها أتمنى لو أكون الى جانب إخواننا هناك، وأتمنى لو كنت دخلت، لكن للأسف خلال تلك الأيام كنت في "قضية" لأني مستهدف حتى في الخارج بخصوص أمور معينة. * * - كيف ترى مرحلة ما بعد غزة؟ * * هي جولة في الصراع فقط، وأول مرة يتلقى العدو هزيمة واضحة، ولم يحقق أي شيء من أهدافه المعلنة وغير المعلنة، ولن ينال من المقاومة أي تنازل، والحمد لله المقاومة قائمة وذات شعبية أكثر من الأول، وتعلمت دروسا كثيرة في المقاومة والجهاد على أرض الواقع. * * - ما هي كلمتكم الى الجمهور الجزائري؟ * * الشعب الجزائري شعب معطاء ومجاهد، ومن أقرب الشعوب التي من الممكن ان يفهم ويعي القضية الفلسطينية، والثورة الجزائرية ألهمتنا، وأثبت الشعب الجزائري عبر ثورته وانتفاضته ضد الاحتلال الفرنسي انه شعب واع، وإن شاء الله تظل القضية في قلبه حية.