الشيخ محمد البشير الابراهيمي وقال الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن راتب عميرة المصري "وحين تتضح حقيقة الدعوة، وتكشف الافتراءات، فيكون للعلماء موقف آخر. * خذ هذا المثال: ( قال العالم الأزهري الكبير الشيخ "أبو الهدى الصعيدي" عام 1815م بعد أن انتهى من مناظرة قامت بينه وبين بعض علماء الوهابيين بأمر محمد علي والي مصر في ذلك الحين: "قال: إذا كانت الوهابية كما سمعنا وطالعنا دعوة الإسلام، دعوة التوحيد الخالص، ثورة على الشرك والوثنية، وإعصار على الضلال والبهتان فنحن أيضاً وهابيون " * وما ينبغي أن يَعلَمَهُ ذلك الطعَّانُ اللمَّّاز الحقود أنّ الطعن في علماء السنة هو من المناقب والمآثر التي فضّلهم الله تعالى بها على غيرهم وفي هذا يقول العلامة محمود شكري الألوسي رحمه الله عند تعرضه لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وما تعرض له من السبّ والبهتان "وله رحمه الله تعالى من المناقب والمآثر ما لا يخفى على أهل الفضائل والبصائر، ومما اختصه الله به من الكرامة تسلط أعداء الدين وخصوم عباد الله المؤمنين، على مسبته والتعرض لبهته وعيبه. قال الشافعي رحمه الله تعالى "ما أرى الناس ابتلوا بشتم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ليزيدهم الله بذلك ثوابا عند انقطاع أعمالهم"، وأفضل الأمّة بعد نبيّها أبوبكر وعمر وقد ابتليا من طعن أهل الجهالة والسفاهة بما لا يخفى". * * في حكم التحزّب: * وبيّن أصحاب هذه الطريقة (التصفية والتربية) بأنّ الحزبية تؤدّي إلى الفرقة التي ذمّها الإسلام، والتغيير بطريقها غير مشروع قال الشيخ العلامة محمد البشير الإبراهيمي رحمه الله في حكم التحزّب "أوصيكم بالابتعاد عن هذه الحزبيات التي نَجَمَ بالشّر ناجمها، وهجم ليفتك بالخير والعلم هاجمها، وسَجَم على الوطن بالملح الأُجاج ساجِمُها، إنّ هذه الأحزاب كالميزاب، جمع الماء كَدَراً وفرّقه هَدَراً، فلا الزُّلال جمع، ولا الأرض نفع". * وقال أيضا رحمه الله ناصحا الشباب "العلم.. العلم.. أيها الشباب! لا يُلهيكم عنه سمسارُ أحزاب ينفخ في ميزاب! ولا داعية انتخاب في المجامع صخّاب! ولا يَلفتنَّكم عنه معلِّلٌ بسراب، ولا حاوٍ بجراب، ولا عاوٍ في خراب يأتمُّ بغراب، ولا يَفتننّكم عنه مُنْزَوٍ في خنقة، ولا مُلْتَوٍ في زَنقة، ولا جالسٌ في ساباط على بساط، يُحاكي فيكم سنّة الله في الأسباط. فكل واحد من هؤلاء مشعوِذ خلاّب! وساحر كذاب! إنكم إن أطعتم هؤلاء الغواة، وانصَعْتم إلى هؤلاء العُواة، خسرْتم أنفسكم وخسرَكم وطنُكم، وستندمون يوم يَجني الزارعون ما حصدوا، ولاتَ ساعة ندَم". * وقال أيضا رحمه الله "إنّنا نعدّ من ضعف النتائج من أعمال الأحزاب في هذا الشرق كله آتيا من غفلتهم عن هذه الأصول، ومن إهمالهم لتربية الجماهير وتصحيح مقوِّماتها حتى تصبح أمّة وقوة ورأيا عاما". * ثم تحدّث عن الفرقة وما أحدثته في تمزيق صفّ الطّلبة فقال رحمه الله "ولو أنّ مدارسنا اشتدت أصولها، وامتدت فروعها، وكانت تأوي في الجانب المالي إلى ركن شديد، وترجع في الجانب العلمي إلى رأي رشيد، لكان وبال هذه النعَرات الحزبية الشيطانية راجعا إلى أصحابه وحدهم... هذه إحدى جنايات الحزبية على التعليم، زيادة على جنايتها على الأخوة والمصلحة الوطنية العامة". * ولعلّ أصرح كلمة تُبيِّن أن جمعية العلماء لم تنهج النهج السياسي هي وصية رئيسها الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله لطلبته حين جمعهم بالمسجد الأخضر في قسنطينة فقال "اتقوا الله! ارحموا عباد الله! اخدموا العلم بتعلّمه ونشره، تحمَّلوا كل بلاء ومشقة في سبيله، ولْيَهُن عليكم كل عزيز، ولْتَهُن عليكم أرواحكم من أجله، أما الأمور الحكومية وما يتصّل بها فدعوها لأهلها، وإياكم أن تتعرَّضوا لها بشيء". * وقال هذا وهو على دراية بما يُدبَّر للمسلمين من مكائد، ولذلك قال رحمه الله "...حُوربت فيكم العُروبة حتى ظُنّ أن قد مات منكم عِرْقُها، ومُسخ فيكم نُطقُها، فجئتم بعد قرن، تَصْدَحُ بلابِلُكم بأشعارها فتثير الشعور والمشاعر، وتهدر خطباؤُكم بشقاشقها، فتدكُّ الحصونَ والمعاقلَ، ويهز كتَّابكم أقلامها، فتصيب الكِلَى والمفاصل. * وحورب فيكم الإسلام حتى ظُنّ أن قد طُمست أمامكم معالمُه، وانتُزعت منكم عقائدُه ومكارمُه، فجئتم بعد قرن، ترفعون عَلَم التوحيد، وتنشرون من الإصلاح لواء التجديد، وتدعون إلى الإسلام، كما جاء به محمد لا كما حرَّفه الجاهلون، وشوّهه الدّجّالون، ورضيه أعداؤه. * وحورب فيكم العلمُ حتى ظُنّ أن قد رضيتم بالجهالة، وأخلدتم للنذالة، ونسيتم كل علم إلا ما يَرْشَحُ به لكم، أو ما يمزج بما هو أضرُّ من الجهل عليكم، فجئتم بعد قرن ترفعون للعِلم بناءً شامخاً، وتشيِّدون له صرحاً سامقاً، فأسستم على قواعد الإسلام والعروبة والعلم والفضيلة جمعيَتَكم هذه، جمعية العلماء المسلمين الجزائريين. * وحوربت فيكم الفضيلة، فسِمْتُم الخسف، ودُيِّثتم بالصَّغار حتى ظُن أن قد زالت المروءة والنجدة، وفارقَتْكم العزّة والكرامة، فَرَئِمْتُم الضَيْم، ورضيتم الحَيْف، وأعطيتم بالمَقَادة، فجئتم بعد قرن تنفُضون غبار الذّل، وتُهَزْهِزون أسس الظلم، وتُهَمْهِمون هَمْهَمَة الكريم المحنَّق، وتُزَمْجِرون زمْجَرَة العزيز المهان، وتطالبون مطالبة من يعرف له حقًّا لا بدّ أن يعطاه أو يأخذه". * وشرح رحمه الله سبب اختياره الدين على السياسة للنهوض بالأمّة في الوقت الذي كانت تؤاخذ الجمعية بعدم دخولها في السياسة، فقال "وبعدُ، فإننا اخترنا الخطة الدينية على غيرها، عن علم وبصيرة وتمسكاً بما هو مناسب لفطرتنا وتربيتنا من النصح والإرشاد، وبثّ الخير والثبات على وجه واحد والسير في خطّ مستقيم، وما كنّا لنجد هذا كله إلا فيما تفرَّغنا له من خدمة العلم والدين، وفي خدمتهما أعظم خدمة، وأنفعها للإنسانية عامة. * ولو أردنا أن ندخُل الميدان السياسي لدخلناه جهراً، ولضربنا فيه المثل بما عُرف عنا من ثباتنا وتضحياتنا، ولقُدنا الأمّة كلها للمطالبة بحقوقها، ولكان أسهل شيءٍ علينا أن نسير بها على ما نرسمه لها، وأن نَبْلغ من نفوسها إلى أقصى غايات التأثير عليها، فإن مما نعلمه، ولا يخفى على غيرنا أن القائد الذي يقول للأمّة: * " إنّك مظلومة في حقوقك، وإنّني أريد إيصالكِ إليها "، يجد منها ما لا يجد من يقول لها: "إنّك ضالة عن أصول دينك، وإنّني أريد هدايتَك"، فذلك تلبِّيه كلها، وهذا يقاومه معظمُها أو شطرُها. وهذا كله نعلمه، ولكنّنا اخترنا ما اخترنا لما ذكرنا وبيَّنا، وإنّنا فيما اخترناه بإذن الله لَمَاضون، وعليه متوكِّلون". * ولهذا نرى أنّها نجحت في دعوتها نجاحا باهرا، لأنّها كانت تتكلّم بعلم ولا تتعالم، وتدعوا إلى الله على بصيرة، جامعة الإخلاص والصواب في أعمالها، والصدق والمتابعة في أفعالها، حتّى أخرجت الجزائر، وأقول الجزائر من التصوّف المقيت، والجهل البهيت، إذ كما يعرف كلّ من طالع تاريخ الجزائر بأنّ الجزائر كانت كلّها إلاّ القليل، في غواية وتضليل، يشدّون الرحال إلى الأولياء، ويلتجئون إليهم من دون خفاء، ويحسبون أنفسهم من الأتقياء الأخفياء الأنقياء، فبعد ذهاب دولة الموحدين أصبحت الجزائر كلّها صوفية طرقية، ومن جاءهم بغير ذلك حاربوه وقاتلوه، وبدّعوه وضلّلوه، ولكن لمّا كان أعضاء الجمعية مخلصين في دعوتهم، صابرين على عدوّهم، نجحوا في إيصال دعوتهم إلى القاصي والداني، في داخل البلد وخارجه، فقد بلغت منشوراتهم الطيبة الزكية إلى أقصى ما يتصوّره الإنسان. * قال الأستاذ محمد المبارك عضو المجمع اللغوي بدمشق " كانت منشورات جمعية العلماء حدثا هامّا، يلفت النظر ويثير الدهشة، وكان الأعظم من ذلك أنّ هذه المنشورات كانت تدلّ على وعي عميق شامل للمشكلة، إذ كانت نقطة الانطلاق في عمل جمعية العلماء، ثورة فكرية سلفية، استهدفت تهيئة العام وتغيير تفكيره وعقليته، والكثير من عاداته، ومحاربة الخرافات والأساطير وسائر أنواع التخدير الفكري، والعودة به إلى روح العمل والجهاد الإسلامي وإلى النظرة الإسلامية الصحيحة، ولم تنجح حركة سلفية في بلد عربي أو إسلامي وتأخذ طريقها إلى الحياة العملية لتكون أساس النضال كما نجحت في الجزائر". * فطريقة الحزبية والانتخابات وصناديق الاقتراع التي قيل فيها بأنّها متحضرة وإنسانية، مبدأها قائم على الديمقراطية الذي ينصّ على وجوب رد النزاعات والخلافات إلى الناس وإلى الجماهير ليصدروا حكمهم وآراءهم فيها، والحكم الذي تجتمع عليه أكثرية الجماهير هو الذي ينفّذ، وهو الذي يجب اعتماده واحترامه. * وهذه الطريقة كما يعرف الجميع أنها غربية النشأة، مبنية على أسس هشّة، لا تفرّق بين صوت الصالح والطالح، ولا بين المصلح والمفسد، فصوت العالم المخترع الذي قضى جلّ حياته في العلم والبحث لا يختلف عن صوت ذلك السفيه المنحط الذي لا يفارق المقاهي والمقامر، تجد صوت العالم المفكّر يُرفض بسبب صوت عربيد يجمع في صفاته كلّ العيوب، ومن هنا يأتي السؤال: لماذا نجد أنّ أكثر المُنتَخَبين الذين تمّ اختيارهم لا يحسنون القيام بمهامهم التي طُوّقوا بها، والجواب يكون بصراحة، لأنهم ليسوا أهلا لذلك المنصب الذي تحصّلوا عليه، فقد اخْتَارهم من لا يعرف المفسدة من المصلحة، ومن لا تهمّه إلا شؤونه الخاصّة، ومن المفيد لي ولإخواني في هذه المسألة أن أنقل لهم بعض الكلمات المفيدة، والنصائح العديدة المديدة، التي تقدّم بها الشيخ العلامة المحدّث محمّد ناصر الدّين الألباني رحمه الله تعالى وهي عبارة عن أجوبة لأسئلة تقدمت بها الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحلّة: * قال الشيخ رحمه الله في معرض أجوبته على أسئلة الجبهة الإسلامية للإنقاذ: " إنّ أسعد ما يكون المسلمون في بلادهم يوم ترفع راية (لا إله إلا الله) وأن يكون الحكم فيها بما أنزل الله، وإن مما لا شك فيه أن على المسلمين جميعا كل حسب استطاعته أن يسعوا إلى إقامة الدولة المسلمة التي تحكم بكتاب الله وسنة رسول الله وعلى منهج السلف الصالح، ومن المقطوع به عند كل باحث مسلم أن ذلك لا يمكن أن يتحقق إلا بالعلم النافع والعمل الصالح، وأول ذلك أن يقوم جماعة من العلماء بأمرين هامين جدا: * الأول: تقديم العلم النافع إلى من حولهم من المسلمين، ولا سبيل إلى ذلك إلا بأن يقوموا بتصفية العلم الذي توارثوه مما دخل فيه من الشركيات والوثنيات حتى صار أكثرهم لا يعرفون معنى قولهم: (لا إله إلا الله)، وأن هذه الكلمة الطيبة تستلزم توحيد الله في عبادته تعالى وحده لا شريك له، فلا يستغاث إلا به، ولا يذبح ولا ينذر إلا له، وأن لا يعبدوه تعالى إلا بما شرع الله على لسان رسول الله، وأن هذا من مستلزمات قولهم: (محمد رسول الله)، وهذا يقتضيهم أن يُصَفُّوا كتب الفقه مما فيها من الآراء والاجتهادات المخالفة للسنة الصحيحة حتى تكون عبادتهم مقبولة، وذلك يستلزم تصفية السنة مما دخل فيها على مر الأيام من الأحاديث الضعيفة والموضوعة، كما يستلزم ذلك تصفية السلوك من الانحرافات الموجودة في الطرق الصوفية، والغلو في العبادة والزهد، إلى غير ذلك من الأمور التي تنافي العلم النافع. * وكذلك يعلمون أن النبي إنما بدأ بإقامة الدولة المسلمة بالدعوة إلى التوحيد والتحذير من عبادة الطواغيت وتربية من يستجيب لدعوته على الأحكام الشرعية حتى صاروا كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى كما جاء في الحديث الصحيح، ولم يكن فيهم من يُصِرُّ على ارتكاب الموبقات والربا والزنا والسرقات إلا ما ندر. * فمن كان يريد أن يقيم الدولة المسلمة حقا لا يُكتِّل الناس ولا يجمعهم على ما بينهم من خلاف فكري وتربوي كما هو شأن الأحزاب الإسلامية المعروفة اليوم، بل لا بد من توحيد أفكارهم ومفاهيمهم على الأصول الإسلامية الصحيحة: الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح فمن أعرض عن هذا المنهج في إقامة الدولة المسلمة وسلك سبيل الكفار في إقامة دولتهم فإنما هو (كالمستجير بالرمضاء من النار!) وحسبه خطأ إن لم أقل: إثماً أنه خالف هديه ولم يتخذه أسوة. * وقال رحمه الله أيضا في معرض جوابه: * في الوقت الذي لا ننصح أحدا من إخواننا المسلمين أن يرشِّح نفسه ليكون نائبا في برلمان لا يحكم بما أنزل الله، وإن كان قد نص في دستوره (دين الدولة الإسلام) فإن هذا النص قد ثبت عمليا أنه وضع لتخدير أعضاء النواب الطيّبي القلوب!! ذلك لأنه لا يستطيع أن يغيِّر شيئاً من مواد الدستور المخالفة للإسلام، كما ثبت عمليا في بعض البلاد التي في دستورها النص المذكور. * هذا إن لم يتورط مع الزمن أن يُقر بعض الأحكام المخالفة للإسلام بدعوى أن الوقت لم يحن بعدُ لتغييرها كما رأينا في بعض البلاد، يُغَيرِّ النائب زيّه الإسلامي، ويتزيّا بالزي الغربي مسايرة منه لسائر النواب! فدخل البرلمان ليُصْلِح غيره فأفسد نفسه، وأوَّل الغيث قطرٌ ثم ينهمر! لذلك فنحن لا ننصح أحدا أن يرشح نفسه، ولكن لا أرى ما يمنع الشعب المسلم إذا كان في المرشَّحين من يعادي الإسلام وفيهم مرشَّحون إسلاميون من أحزاب مختلفة المناهج، فننصح والحالة هذه كل مسلم أن ينتخب من الإسلاميين فقط ومن هو أقرب إلى المنهج العلمي الصحيح الذي تقدم بيانه. * أقول هذا وإن كنت أعتقد أن هذا الترشيح والانتخاب لا يحقق الهدف المنشود كما تقدم بيانه من باب تقليل الشر، أو من باب دفع المفسدة الكبرى بالمفسدة الصغرى كما يقول الفقهاء". * وقال أيضا رحمه الله "ونضيف إلى ذلك أن لا يكون همُّكم معشر الجبهة الإسلامية الوصول إلى الحكم قبل أن يصبح الشعب مهيَّئًا لقبول الحكم بالإسلام، ولا يكون ذلك إلا بفتح المعاهد والمدارس التي يتعلم فيها الشعب أحكام دينه على الوجه الصحيح ويربَّى على العمل بها ولا يكون فيهم اختلاف جذري ينشأ منه التحزب والتفرق كما هو الواقع الآن مع الأسف في الأفغان قال رسول الله "لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا إخوانا كما أمركم الله" رواه مسلم. * فعليكم إذن بالتصفية والتربية بالتأني، فإن "التأني من الرحمان والعجلة من الشيطان" كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام ولذلك قيل: من استعجل الشيء قبل أوانه ابتلي بحرمانه، ومن رأى العبرة بغيره فليعتبر، فقد جرب بعض الإسلاميين من قبلكم في غير ما بلد إسلامي الدخول في البرلمان بقصد إقامة دولة الإسلام، فلم يرجعوا من ذلك ولا بخفي حنين! ذلك لأنهم لم يعملوا بالحكمة القائلة: "أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم لكم في أرضكم"، وهكذا كما قال رسول الله: "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم" رواه مسلم". انتهى * فالتغيير عن طريق الحزبية هي طريقة غير شرعية ويرفضها العقل، وقد أدّت كما لا يخفى على العاقل اللبيب إلى مفاسد جمّة، ولو لم يكن من مفاسدها إلاّ مفسدة التفرّق والشقاق الذي أحدثته في الأمّة لكان منعها أولى من إباحتها، ولكن ماذا نقول أحزاب تسمّى بالإسلامية فرّقت الأمّة ومزّقتها كلّ ممزّق، وقد رأينا كما رأى غيرنا أنّ أصحاب هذه الأحزاب أصبحوا يوالون ويعادون لأحزابهم وليس لله، فإذا لم تكن في حزبه فأنت عنده من أعدائه ولو كنت تصلي معه في الصف الواحد، وكلّنا يعلم عند إقرار التعددية الحزبية كيف كان المسلمون في المسجد الواحد ثلاثة طوائف أو أكثر يهجرون بعضهم البعض ولا يسلمون إلاّ على من كان في حزبهم وفلكهم، فمع كلّ هذه المفاسد التي سبق ذكرها نراها لم تحقق شيئا لا تغييرا في المجتمع ولا تغييرا في السلطة والحكم، فمفسدتها أكثر من نفعها ورحم الله الشيخ العلامة البشير الإبراهيمي رحمه الله حينما قال وفي الإعادة إفادة "أوصيكم بالابتعاد عن هذه الحزبيات التي نجم بالشر ناجمها، وهجم ليفتك بالخير والعلم هاجمها، وسجم على الوطن بالملح الأجاج ساجمها، إنّ هذه الأحزاب كالميزاب، جمع الماء كدرا وفرقه هدرا، فلا الزلال جمع ولا الأرض نفع". *