25 جزائريا ذاقوا ويلات العذاب، 14 أفرج عنهم و11 لا يزالون مسجونين رغم تبرئة 9 منهم .. عادوا من أمريكا لكن حالهم ليس ككل العائدين من بلد العم سام.. رجعوا إلى الوطن بجيوب فارغة، بل إنهم عادوا بويلات قد لا تمحوها سنوات ما بقي لهم من عمر.. * * هم معتقلو غوانتنامو، قيل الكثير عن طرق تعذيبهم لكن لا أحد تطرق لحياتهم بعد العودة.. كيف يعيش هؤلاء بعد سنوات العذاب؟ هل تمكنوا من استرداد وظائفهم وأموالهم وهل اندمجوا في الحياة مجددا؟ * بشير مهلال واحد من أبناء أم البواقي، قادته رحلة البحث عن عمل إلى قطع أشواط ومحطات بحثا عن قوت يسترزق به في بلدان جنوب شرق آسيا، قبل وصوله إما إلى أندونيسيا أو ماليزيا حط الرحال بباكستان، لكنه لم يكن يدري أنها ستكون محطة أخيرة باتجاه معتقل غوانتنامو، يتحدث قائلا: ''كغيري من العرب وجدت نفسي أقتاد إلى سجن الظلام في ''باغرام'' أدركت حينها أني سقطت ظلما في مستنقع غياهب السجن، تمر السنين لأجد نفسي في معتقل غوانتنامو، مع الوقت أدركت أن تهمتي الوحيدة أني أحمل جنسية بلد عربي مسلم. * * .. طلبت من أهلي إن مت فليدفنوني بقميص غوانتنامو * كنت أعتقد أنه من الصعب أن ننبش في ماضي تعذيب معتقلي غوانتنامو، لكني وجدت أن الأصعب من ذلك أن تحدثهم عن حياتهم بعد العودة، عندما عاد بشير إلى أرض الوطن وإطلاق سراحه بتاريخ السادس عشر من جانفي 2009 واجه الكثير من الصعوبات لكن أكثرها ألما الإندماج مجددا في المجتمع، سألته فيما إذا كان يعمل أم لا فرد باحتشام ".. عندي محل أقتات منه لقمة العيش..". * بشير شخصية خجولة جدا، كنت كلما أطرح عليه سؤالا يرفض الإجابة عنه، إلا أني عرفت أن أحد الجرائد الوطنية ورطته في حوار مزعوم مما جعله ينفر من الصحفيين قبل أن أؤكد له أن موضوعي سيكتفي بحياتك بعد العودة ليوافق بعدها ويرد على سؤالي ''بشير هل أنت سعيد في حياتك بعد العودة؟". يرد قائلا ''... لو كانت السعادة التي أشعر بها تمنح للشعب الأمريكي لأسعدتهم، سجنوني وأهانوني ظلما.. لكنهم قربوني من ديني أكثر''. * وعندما طلبت منه أن يتكلم عن أبسط مطالبه نحو السلطات أكد لي أن السلطات لم تتخلّ عنهم، لكنه اغتنم الفرصة لطلب خجول.. أن يشعر بأنه كباقي المواطنين يملك جواز سفر لا للغربة مجددا وإنما كما قال لي "حتى أشعر بوطنيتي...'' وعن أمنيته الأخيرة يقول بشير ''طلبت من عائلتي إذا مت أن يدفنوني بقميص غوانتنامو..''. * * عابد أحمد عائد من غوانتنامو.. منسي في غرداية * عائد آخر في صمت من سجن غوانتنامو يدعى عابد أحمد ابن مدينة غرداية، لعله أكبر سجناء غوانتنامو الجزائريين 50 سنة من عمره، قضى منها نحو سبع سنوات سجنا ظلما في غوانتنامو، وعندما أفرج عنه عام 2008 وجد نفسه وحيدا في غرداية، حسب أصدقائه ممن تحدثت إليهم "الشروق اليومي". * أحمد مثله مثل جمال ابن مدينة سيدي بلعباس عائد من غوانتنامو قضى سنتين في سجن ''باغرام'' قبل أن يحول إلى الجزائر لقضاء عقوبة أخرى هو الآخر، حوّل سجن غوانتنامو حياته إلى جحيم آخر. * * فلذة كبدي ذهب ليبحث عن عمل في إنجلترا فحولوه إلى مفجر "القاعدة" * إذا كان حال العائدين من سجن غوانتنامو قاسيا ومؤلما فعائلات من تبقى سجينا ومعتقلا ليست أقل ألما، ويلات الانتظار والحرقة لرؤية أبنائهم لا تقل هي الأخرى عن عذاب ما يحدث في غوانتنامو.. من هؤلاء والدة برهومي سفيان من الجزائر العاصمة.. عندما حدثتنا عن حرقة الانتظار انهمرت الدموع من عينيها واكتفت بالجملة التالية: ''فلذة كبدي ذهب بحثا عن عمل فحولوه إلى مفجر القاعدة''. * احمد بلباشا معتقل آخر يتحدث شقيقه بأنهم ألصقوا به تهمة الجنون حتى لا يتمكن من العودة إلى عائلته في الجزائر. * ياسر. ح معتقل آخر مكث سبع سنوات في سجن غوانتنامو لا يزال معتقلا، عائلته لم تدري به إلا مؤخرا، تتحدث واحدة من أقاربه تعمل كصحفية في إحدى الجرائد الوطنية بأنه أصغر سجين بين المعتقلين، ويلات هذا السجين ازدادت ألما لأنه حتى السلطات هنا لم تكن على علم بوجود سجين جزائري بهذا الاسم ضمن سجن غوانتنامو... * قصة العائدين من غوانتنامو لا تنتهي عند سرد أساطير التعذيب والويلات، فمعاناتهم بعد العودة لا تقل ألما عن الصور التي ترفض أمريكا نشرها.