وقع الجمعة الأخير الرئيس الأمريكي، جورج بوش، مرسوما يحظر التعذيب ضد أشخاص يشتبه بتورطهم في الإرهاب، محتجزين في السجون السرية لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي ايه"، من بينها معتقل غوانتنامو بالقاعدة الأمريكية بكوبا، والذي به ما لا يقل عن 26 جزائريا معتقلا منذ سنوات. الرئيس الأمريكي طلب من "سي آي إيه" الالتزام باتفاقيات جنيف في هذا المجال، ويحظر المرسوم "المعاملة والعقوبات الوحشية وغير الإنسانية والمذلة"، و"أعمال العنف الخطيرة إلى درجة يمكن اعتبارها شبيهة بالقتل والتعذيب والتشويه".. وأوضح المتحدث باسم البيت الأبيض، توني سنو، بأن المرسوم يحظر "الأعمال الفاضحة التي تتم عن وعي وتهدف إلى إذلال الفرد أو تحقيره بطريقة خطيرة يمكن معها لأي شخص مدرك أن يعتبرها تجاوزا لحدود الاحترام البشري"، كما يمنع المرسوم "الأعمال الهادفة إلى احتقار الأديان والممارسات الدينية والرموز المرتبطة بديانة المعتقلين"، ويضمن في المقابل حصول المعتقلين على "ضرورات الحياة" من الطعام والماء والملجأ والملابس والعناية الطبية الأساسية. وكانت عدة تقارير دولية كشفت ممارسات التعذيب الحاصل داخل معتقل غوانتنامو، من بينها ما قاله محامي المعتقلين الجزائريين، الأمريكي روبرت كيرش، بأنه زار هؤلاء عدة مرات، خاصة الجزائريين الستة الذين اعتقلوا بالبوسنة سنة 2001، مشيرا إلى تعرض هؤلاء سلأبشع أنواع التعذيب خلال السنوات التي قضوها في المعسكر، وقد مروا بفترات عصيبة، حيث لا يسمح لهم بالنوم لساعات طويلة خارج الأوقات يمثلون فيها للتحقيق وكلهم يعانون من اضطرابات نفسية وجروح جراء تعذيبهم.. وقد تطرقت مؤخرا "الشروق اليومي" لقضية الاحتجاجات التي أعلنها المعتقلون في غوانتنامو، على خلفية عملية "تعذيب تعرّض لها السجين الجزائري المدعو عبد الرحمان"، وهو ما أثار حفيظة أهل المعتقلين الجزائريين، وهي العملية التي أدانها مركز الحقوق الدستورية بنيويورك. ومن جهة أخرى، قررت المحكمة العليا الأمريكية، قبل أيام، الفصل في الدعوى التي رفعها مواطن جزائري، يدعى بومدين، مسجون منذ خمس سنوات بغوانتنامو، ضد الرئيس الأمريكي، جورج بوش، بعد اعترافات أحد الضباط السامين الأمريكيين بأن البنتاغون "كان يزيف الأدلة لإدانة المسجونين بالإرهاب"، وقدم المحامون، بهذا الصدد، شهادة مكتوبة، أدلى بها العقيد "ستيفن إبراهام"، أحد المحامين في الجيش الأمريكي، الذي أكد أن مسؤولين في البنتاغون كانوا "يراجعون بدقة ملفات السجناء التي كانت ترسلها اللجان المكلفة بتلفيق التهم على كل واحد منهم". المرسوم الذي وقعه بوش جاء في وقت قضت فيه محكمة استئناف اتحادية أمريكية بضرورة السماح لمحاميي معتقلي غوانتنامو بالاطلاع على كل الأدلة الحكومية تقريبا، حتى يمكنهم الطعن في توصيف المعتقلين بأنهم "مقاتلون أعداء غير شرعيين"، وقالت المحكمة إنه يجب أن يكون من حق محاميي المعتقلين الإطلاع على المعلومات السرية المتصلة بقضايا موكليهم، وقد طالب محامو المعتقلين في منتصف ماي الماضي بتمكينهم من مراجعة كل الوثائق التي أعدتها الحكومة الأمريكية، وليس ما قدم فقط للمحكمة العسكرية، بما قد يساعدهم على تبرئة المعتقلين. وبشأن الجزائر، انطلقت منذ أسابيع مفاوضات بين هذه الأخيرة وواشنطن، للتباحث حول مصير المعتقلين بغوانتنامو، وقد ركز وفد أمريكي حل بالجزائر على "مرحلة ما بعد تسليمهم...، وحسب ما نشرته "الشروق" مؤخرا من معلومات فإن "شروط" واشنطن تتمثل تحديدا في "عدم توقيف المرحلين، وبالمقابل ضمان عدم التحاقهم بالنشاط الإرهابي...، وهي شروط يرفضها الجانب الجزائري قلبا وقالبا، على أساس أنها ضرب للسيادة الوطنية، ومن بين النقاط المحورية، كذلك، التي تثير الخلاف بين الجزائر وأمريكا، هو رغبة هذه الأخيرة، في إرسال وفد قضائي أمريكي إلى الجزائر، بصفة دورية ومنتظمة، بعد عملية تسليم معتقلي غوانتنامو، في مهمة لمتابعة "تطور وضعية المرحلين..." وكان مبعوث كاتبة الخارجية الأمريكية، كوندوليزا رايس، السفير الأمريكي المتنقل، كلينت ويليامسون، حل بالجزائر، أواخر أفريل الماضي، وأجرى "مشاورات مع المسؤولين الجزائريين حول غلق معتقل غوانتانامو"، وتباحث معهم حول وضعية المعتقلين الجزائريين ال26 "، وتشير المعلومات إلى أن 6 أو 7 من بين المعتقلين يحملون الجنسية البوسنية، وقد اعتقلوا في كل من أفغانستان وباكستان والبوسنة. ونقلت أنباء إعلامية، خلال الأشهر الماضية، بأن السلطات الجزائرية شرعت منذ نشر وزارة الدفاع الأمريكية للقائمة الجزئية بأسماء وجنسيات نحو .. من معتقلي غوانتنامو، في فحص قائمة الجزائريين، من خلال التحقيق في هوية هؤلاء وعلاقاتهم بالتنظيمات الإرهابية داخل الجزائر وخارجها. جمال لعلامي