تعليمة وزير المالية كريم جودي تخلط الأمور * توقيف العمل بالتأشيرة التقنية لمكاتب الدراسات عرقل وتيرة التنمية كشفت مصادر مطلعة "للشروق"، أن مصالح الإدارة العمومية تجتاز مرحلة حرجة للغاية، بسبب الاضطرابات التي خلقتها تعليمة مصالح وزير المالية الأخيرة وملحق قرار مصالح المدير العام للخزينة العمومية مؤخرا بشأن إعادة تفعيل إجراء "التأشيرة التقنية الممركزة" * فبإقرار توقيف العمل بالتأشيرة التقنية لمكاتب الدراسات المعتمدة على مستوى محاضر المشاريع التنموية الحديثة بمناطق الجنوب ثم إقحام هياكل الإدارة العمومية في دائرة الفراغ القانوني؛ عراقيل تسببت حسب المختصين في تعطيل سير وتيرة التنمية بمعظم المشاريع الكبرى بولايات الجنوب، ناهيك عن تأخر الفصل في قضية دفع مستحقات مؤسسات الأشغال العمومية والمقاولات الخاصة على مستوى مصالح الخزينة العمومية وخزينة مابين البلديات، فضلا عن ردود الفعل التي سجلت حول إعادة تصنيف ملفات الصفقات العمومية التي تم منحها لمقاولات كبرى ثم توقيف مهامها مؤقتا خلال فترة تحريك تعليمة الوزارة والخزينة العمومية بخصوص قضية "تأشيرة المصالح الممركزة" لم يسبق أن عرفت مصالح الإدارة العمومية بعموم مناطق الجنوب اضطرابا في سير المصالح الحكومية كالذي تعرفه هذه الأيام، بسبب ما أفرزته تعليمة وزير المالية وقرار الخزينة العمومية من تعطيل ملحوظ بعد مراسلة السيد "أحمد ملفوف" والي ولاية ورقلة الخاصة بالاستفسار على مدى مصداقية التأشيرة التقنية لمصالح الإدارة العمومية في متابعة مختلف مشاريع التنمية بأقاليم الجنوب، فقد حملت الأخبار المحلية أن العديد من الولاة بكبريات المدن الجنوبية أصبحوا أمام وضع محرج بسبب الضغط المتواصل على مصالح الخزينة العمومية ومكاتب خزينة مابين البلديات من طرف أرباب مؤسسات الأشغال والمقاولات الكبرى من أجل تحصيل مستحقات المراحل المتقدمة لمعظم المشاريع الكبرى التي تم إنجازها حسب الاتفاقيات المبرمة بين هذه الأخيرة والإدارة العمومية فيما يخص التأشيرة التقنية الممركزة المطلوب تثبيتها عبر كامل مراحل مراقبة سير الأشغال بأي مشروع وعدم الاكتفاء بتأشيرة مكاتب الدراسات الخاصة المعتمدة، الأمر الذي تسبب حسب مسؤولي الجهاز التنفيذي بهذه النواحي من الوطن في تعطيل السير العادي لمصالح الإدارة بلغت حدته تسجيل تأخر ملحوظ في انطلاق مشاريع تنموية بهذه المناطق وصفت بالهامة، فضلا عما ترتب عن بقاء بعض ملفات المقاولات الخاصة عالقة على مستوى لجان الصفقات. * * إعادة التأشيرة الممركزة يثقل كاهل أرباب العمل * هذا الوضع الذي وقعت فيه مصالح الإدارة العمومية بهذه المناطق، ترجعه مصادر عليمة إلى الاستعمال الواسع لتأشيرة مكاتب الدراسات التقنية المعتمدة التي باتت تحرك حسب مصدرنا في نطاق لا يخضع لرقابة الإدارة ويفقد مصداقيته القانونية عندما يتعلق الأمر بترشيد وصرف المال العام، وهو ماركزت عليه تعليمة الوزارة الأخيرة من خلال إعادة تفعيل التأشير التقنية الممركز، لكن الخطأ التي ارتكبته الوصاية، التي لم تختر حسب ذات المصادر التوقيت الصحيح للقيام بإجراءات إعادة تحريك التأشيرة التقنية الممركزة عبر المصالح المالية المحلية والجهوية، فخلافا لفترة تغاضي مصالح الدولة عن هذا الإجراء لمدة تجاوزت العشر سنوات تضيف مصادرنا فإنه لم يحدث أن شهدت مصالح الإدارة العمومية قرارات أكثر ثقلا من هذه، خصوصا بعد أن تم تبليغها إلى المصالح المعنية عقب اعتماد المقاولات ومكاتب الدراسات المكلفة بمتابعة مشاريع المخطط الخماسي للتنمية لسنة 2009 / 2010 ورصد المخصصات المالية لكل مشروع عبر لجان الصفقات، إذ كان من المفروض تضيف مصادرنا أن يتم تفعيل مثل هذه الإجراءات القانونية الشائكة قبل موعد تسليم المشروع للمتعامل الخاص لتفادي إحداث اضطرابات إدارية، غير أن الذي تؤكده مصادرنا القانونية بخصوص القضية هو أن إشكالية التوقيت المذكورة أصبحت أمام وضع قانوني تميزه الاستثنائية لا يشكل عائقا أمام ما تم تسجيله من تجاوزات ضبطت على مستوى تنفيذ قرارات التصديق على ملفات الرقابة التقنية لعديد المشاريع المهمة. وقد شهدت بعض مديريات القطاعات، ذات الصلة بالقضية، اختلافا فيما يتم اعتباره مراحل متقدمة من مشاريع التنمية الكبرى كما أثقل كاهل أرباب العمل. * * مشاريع هامة توقفت بسبب الإجراء الجديد * أصبح أصحاب مكاتب الدراسات الخاصة هم أنفسهم مسيرو المشاريع ميدانيا، وهو تجاوز قانوني يدفع بالشبهات حول نوعية ومعايير الإنجاز المعتمدة تقنيا بهذه المشاريع، ما دفع بمصالح الإدارة العمومية إلى طلب إعادة العمل بإجراء التأشيرة التقنية الممركزة، وهو ما تم تسجيله منذ شهر أفريل الماضي، أين تم توقيف قرارات التنفيذ بالنسبة لمحاضر الأشغال وتحويلها إلى المصالح الحكومية بغرض إتمام إجراءات التأكد من تثبيت ختم مصالح الدولة الممركزة، مثل ما يحدث حاليا بولاية غرداية، فبعد أن أن تم إصدار قرار توقيف التنفيذ لمحاضر الأشغال إلى غاية تطبيق إجراء المعاينة الميدانية لمختلف المشاريع وتصديق مصالح الحكومة الممركزة على طبيعة سير الأشغال، اختلطت الأمور بمحيط مكاتب الدراسات الخاصة المعتمدة وبعض المديريات المعنية بالقرار الوزاري الأخير، حيث شهدت مصالح ميزانية ما بين البلديات ضغوطات متتالية من طرف رؤساء المجالس الشعبية الذين أصروا، في عديد المناسبات، على تسوية الوضع المالي العالق لكل المشاريع التنموية المرتبطة والمصنفة ضمن المشاريع البلدية. إلا أن جميع الملفات المعنية بتأشيرة مصالح الدولة الممركزة لاتزال عالقة، أبرزها ملف مشاريع قطاعات الري والبناء والتعمير والتجهيز، الأمر الذي تسبب في اضطراب حركية التنمية بعدد من الولايات الجنوبية، سيما النائية منها، التي تعتمد أساسا منذ سنوات على احتواء مشكل البطالة وسط فئة الشباب باستقطاب أكبر عدد ممكن من طالبي العمل إلى ورشات الأشغال الكبرى بالجنوب. * * المقاولات الحديثة ضحية التشريع * أما ببعض الولايات الأخرى، فذكرت مصادرنا أن العديد من المقاولات حديثة النشأة ممن تقرر تحويل ملفاتها إلى المعاينة والكشف القانوني، قد تم توقيف نشاطها مبدئيا من طرف مصالح الإدارة، لأسباب مختلفة تتعلق جلها بمراحل المتابعة التقنية لفترات تسيير أشغال الإنجاز. ويبدو أن وسط المتعاملين الخواص بهذه الولايات لم يستحسن خطوات الوزارة المتخذة إزاء العمل بتأشيرة الهيئة التقنية الممركزة، التي أخلطت الأمور حسبهم وأوقفت نشاط العديد من مؤسسات الأشغال الكبرى المرتبطة بالتزامات عامل الزمن أمام مصالح الضرائب وتعهدات وأوقات التسليم المتفق عليها مسبقا، فضلا عن مصير رواتب العمال البسطاء التي أصبحت مرهونة بنتائج المعاينة النهائية لمراحل الأشغال لدى ربّ العمل، وهو ما يرشح الوضع إلى التطور بسبب طريقة معالجة هذا الملف التي يرى هؤلاء أنها غير مبررة، لكون هذا الإجراء سبق له وأن تم التعامل به منذ ما يقارب العشر سنوات عندما كانت مصالح الحكومة تكتفي بإجراء تأشيرة مكاتب الدراسات المعتمدة المشرف الوحيد على متابعة سير الأشغال بأي مشروع تنموي بالجنوب.