القذافي وبرلسكوني يدشنان طريقا تربط بين مصر وتونس تحتفل ليبيا الثلاثاء الفاتح من سبتمبر بالذكرى الأربعين لتولي العقيد معمر القذافي السلطة، وذلك وسط تحولات ملفتة تشهدها الجماهيرية وخاصة على صعيد علاقاتها مع الغرب الذي كان قد فرض عليها حصارا لسنوات ترك آثارا سلبية على الشعب الليبي. * وقرر العقيد أن تكون احتفالات هذه السنة مميزة، حيث سخرت السلطات إمكاناتها لتنظيم حفل ضخم اليوم بحضور رؤساء وزعماء دول عربية وافريقية وحتى غربية، يقام خلاله عرض عسكري تشارك فيه وحدات مسلحة من جيوش افريقية وأوروبية مختلفة، وستحلق في سماء العاصمة طرابلس 80 طائرة عسكرية. كما سيشارك أيضا حوالي 800 راقص في هذا الحفل.. * ويسعى العقيد القذافي من خلال هذا الحفل الضخم إلى إيصال رسالته إلى العالم وبالتحديد إلى القوى الكبرى ومفادها أنه مايزال الزعيم القوي القادر على قيادة بلده وجعله يساير التطورات والتحولات الجارية في العالم. وتفتخر ليبيا القذافي بنجاحها في تخطي صعاب المرحلة التي تمر بها المنطقة العربية عموما منذ سنوات، ولم تسقط مثلما سقط عراق صدام حسين، حيث أنها شكلت حالة فريدة في طريقة تعاطيها مع الضغوط الغربية من خلال سياسة براغماتية أخرجت الجماهيرية من عزلتها في مقابل تنازلات قدمتها للطرف الآخر مثل تخليها عن برنامجها النووي. وتتزامن احتفالات صعود معمر القذافي إلى السلطة هذا العام بانتصارات حققتها الدبلوماسية الليبية على الغرب أهمها افتكاك في 20 أوت من الشهر الجاري حرية عبد الباسط المقرحي المدان بتفجير طائرة لوكربي، وانتزاع اعتذار رسمي من سويسرا عن اعتقالها نجل العقيد حنبعل. وبالإضافة إلى كل ذلك، فقد نجحت ليبيا العام الماضي في توقيع معاهدة الصداقة مع ايطاليا تمحي من خلالها تاريخها الاستعماري في هذا البلد، وهي المعاهدة التي قدمت فيها روما اعتذارات غير مسبوقة إلى طرابلس مرفقة بتعهد بدفع تعويض عن استعمارها ليبيا قيمته خمسة ملايي دولار. * عملية إطلاق سراح عبد الباسط المقرحي لم تكن من فراغ، إذ أن السلطات الليبية قايضت الغرب وبالتحديد بريطانيا بعقود نفطية مقابل إطلاق سراح هذا الرجل الذي هو في نظر هذا الغرب "إرهابي". وقد اعترف سيف الإسلام القذافي بهذه الحقيقة عندما أعلن في تصريحات صحفية مؤخرا أن موضوع إطلاق سراح المقرحي كان "حاضرا على طاولة المفاوضات خلال بحث عقود النفط والغاز" بين الجانبين، الليبي والبريطاني. ورغم نفي الحكومة البريطانية لهذه الحقائق، إلا أن رئيس الوزراء غولدن براون يواجه ضغوطا داخلية كبيرة على خلفية هذا الموضوع، حيث تتهمه المعارضة بمقايضة "إرهابي" بمصالح تجارية. وأعرب 74 بالمائة من البريطانيين، حسب آخر استطلاعات الرأي عن مخاوفهم من أن يؤدي قرار الإفراج عن المواطن الليبي إلى إلحاق الضرر بسمعة بلادهم. ويذكر أن الحكومة الاسكتلندية ربطت قرار الإفراج بأسباب إنسانية.. * ويرى مراقبون أن ليبيا، البلد النفطي نجحت في أن تفضح نفاق الدول الغربية التي عزلت هذا البلد لسنوات طويلة، فالعديد من الرؤساء والزعماء يتهافتون اليوم عليه ويطلبون صداقته وتطبيع العلاقة معه، رغم معارضة شعوبهم، فالولايات المتحدة انفتحت على هذا البلد وكذلك الأوروبيين يتسابقون فيما بينهم للتقرب من هذه الدولة. وتشير المصادر الليبية الرسمية إلى أن بعض الرؤساء مثل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلسكوني وكذلك الرئيس الروسي ديمتري مدفيدف ورئيس وزرائه فلاديمير بوتين، هؤلاء سيشاركون في احتفالات الفاتح من سبتمبر الثلاثاء. وماتزال المعلومات غير مؤكدة من طرف هؤلاء المعنيين.. * وكان برلوسكوني قد زار الأحد طرابلس ووضع مع القذافي حجر الأساس لطريق سريع تمتد 1200 كلم على طول السواحل الليبية في منطقة طويشة على بعد 50 كلم شرق طرابلس. وتطالب ليبيا بهذه الطريق السريعة منذ وقت طويل في إطار تعويض 30 عاما من الاستعمار الايطالي لها بين العامين 1911 و1942 وستمول روما المشروع الذي سيعبر البلاد من الشرق إلى الغرب، وتحديدا من الحدود التونسية حتى نقطة السلوم الحدودية المصرية.