الروائي الطاهر وطار عادت الأحد رواية "الحوات والقصر" للطاهر وطار، في شكل فني آخر، فكان أول عرض مسرحي ضمن منافسة المهرجان الوطني للمسرح المحترف، اقتبسه عنها عمر فطموش للمسرح الجهوي بقسنطينة. * انطلق نفس الحوات من نفس الخشبة التي كان قد أعلن منها رحلته إلى القصر العام الماضي في إطار عاصمة الثقافة العربية. رحلة شاقة سافر الحضور من خلالها إلى سبع عوالم غريبة، هي عوالم الإنسان التائه الباحث عن نفسه بين أكوام الظلم والضياع. هي رحلة استطاع أبطالها وهم كمال فراد وعلاوة زرماني وأحسن بن عزيز ومحمد الطيب دهيمي وأزام الزبير ونجلاء تارني وعتيقة بلازمة ورداف عيسى وأسماء خريف نصر الدين وشاهيناز نقاوش وناصر بوحفص وألوم محمد وسيف الإسلام بوكرو وموسى بوعلام.. * أبطال اختلفت أدوارهم وآراؤهم أيضا بين مؤيد ومعارض للحوات أو "صياد السمك" الذي يصطاد سمكة ويريد تقديمها هدية للملك فيواجه في طريقه إلى القصر صعوبات جمة. ساهمت الموسيقى ومجموعة من الأشعار في اكتشاف شخصية الرجل الساذج والطيب المحب للخير والذي يبذل قصارى جهده في سبيل تقديم الهدية. * اشتغل المخرج عز الدين عبار على رحابة الفضاء ليعكس شمولية الفكرة، وساهمت سينوغرافيا عبد الحليم رحمون في رسم فضاءات الرحلة زمنيا ومكانيا. * جاء النص قويا جدا من حيث الدلالة السياسية والاجتماعية، خاصة وهو يرصد العوالم السبعة أو المدن السبع التي كان على الحوات المرور بها للوصول إلى قصر الملك. رصد واقع الإنسان في أمكنة معينة، اختلفت جغرافيا ولكن القاسم المشترك كان الفوضى والدمار والغيبة والنميمة، كان الألم واللا أمن. * وبقي الحوات مصرا على الوصول بالهدية إلى الملك فكانت نهايته مؤلمة. لأن حادثة قتل الرجل الذي غامر بحياته قالت كل شيء وأماطت اللثام عن المحظور سياسيا في كل أرجاء العالم. كما استطاع عز الدين عبار مواكبة هذه القوة في رؤيته الإخراجية التي جاءت مفتوحة ومتحررة غير مقيدة، مما سهل على الممثلين الأداء بثقة وبتوازن بين الحركة على الخشبة وتجسيد الطاقة الداخلية من خلال الغضب والفرح والحزن. جاء العرض متكاملا ومليئا بالإيحاءات والإسقاطات على واقع الانسان.