أكثر من 40 شابا في مدينة واحدة هي مستغانم، اختاروا ليلة الخامس أكتوبر من أجل تنفيذ حلمهم بالهجرة السرية نحو اسبانيا. قبل 21 عاما، مئات الشباب أحرقوا الشارع في ثورة الخبز الأبيض، واليوم، يحرقون البحر بحثا عن "الهربة"؟ ! * السلطات لا تردّ على مطالب الشعب إلا بمزيد من المراسيم التنفيذية التي تحتاج إلى تنفيذ، فكان أن أكثرت على الشباب الباحثين عن الهجرة والهدّة، مجموعة المراسيم التي تحولت إلى رسوم تشكيلية، من صنف الشكليات و"الشكيل" الذي لا يُصدّقه أحد؟ ! * هل ينكر المشرّعون لتلك المراسيم، والباحثون عن التصديق عليها، دون مصداقية، أن حزب "ياكلني الحوت ولا ياكلني الدود" أصبح أكثر مصداقية منهم ومن مراسيمهم التي لا تنفع إلا لملئ الجريدة الرسمية؟ ! * أكثر من ذلك، أليست شبكات المافيا وبارونات تهريب البشر، وزعماء تيار الحرقة أكثر تموقعا داخل المجتمع، وأقوى من كل الرسميين الذين تخصصوا في طرد المواطنين وتطفيشهم وزيادة معدلات الانتحار بينهم؟ ! * مئات الشباب الذين صدّقوا وزير التضامن يوما حين قال أن مديريات النشاط الاجتماعي في كل الولايات على استعداد لمساعدة الحراقة بمنحة 40 مليون وأكثر، اصطدموا برفض تلك الملفات وطردهم من طرف السيد البواب، وكيل البيروقراطية التاريخي والمفوض السامي لإراحة المدير من سماطة الشعب؟ ! * من يُصدّق سياسة المنح التي تحولت في هذه البلاد إلى محن، لا يتم تشريعها إلاّ للتمرد عليها والخروج عن مبدأ الالتزام بها؟ ! * أكتوبر السياسي تم اغتياله من طرف طبقة حزبية لقيطة لا تهش ولا تنش، ووأدته زعامات لا تقترح حلولا وبدائل للأزمات، بل تزيد في تعنيفها وتعفينها، أما أكتوبر الاجتماعي فلا يزال مفتوحا على مزيد من الأشكال العنيفة والمتمردة، وما الحراقة إلا مظهر من مظاهر أكتوبر ونتيجة طبيعية لإهمال مقاصده الحقيقية وتمييع أهدافه؟ !