شكل بلعيد عبد العزيز، المرشح لانتخابات الرئاسة القادمة الاستثناء في فسيفساء المتسابقين المتكون من زعيمة حزب العمال لويزة حنون وفوزي رباعين من عهد 54 وموسى تواتي من الجبهة الوطنية الجزائرية، وبطبيعة الحال الرئيس المنتهية ولايته عبد العزيز بوتفليقة. وبعكس بلعيد عبد العزيز المرشح الوحيد الذي ولد بعد الاستقلال، والمرشح للمرة الأولى، فإن تواتي وحنون ورباعين من المتعودين على الاشتراك في "السباق" ضد نفس المرشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وبقراءة بسيطة في هوية المرشحين الذين نجحوا في اختبار المجلس الدستوري، يتضح الفارق الشاسع في حظوظ النجاح بين المرشحين وخاصة بالعودة إلى خطاب الثلاثي حنون وتواتي ورباعين في الرئاسيات السابقة والأصوات المعبر عنها لصالح كل منهم في النتيجة النهائية. وبالعودة إلى نتائج انتخابات ابريل 2009، سحق عبد العزيز بوتفليقة منافسيه بحصوله على غالبية مطلقة بلغت 90.2٪ من أصوات الناخبين، وحصد بوتفليقة حسب أرقام وزير الداخلية يومها أصوات 12 مليون ناخب من أصل 15 مليونًا، بينما تحصل المترشح علي بن فليس على نسبة 6 بالمئة في رئاسيات 2004. ويستغرب مراقبون للمشهد السياسي الجزائري كيف تتجرأ بعض الوجوه على العودة لطلب منصب الرئاسة وهي التي لفظها الشعب في مناسبات سياسية عديدة وأهمها الرئاسيات. وفي الديمقراطيات الغربية العريقة ينكفئ السياسي الذي يفشل مرة أو مرتين ويختفي في بيته حياء ولا يعود للتحدي مجددا إلا بعد أن يصلح ما به من خلل في برنامجه ومشروعه الذي قدمه للمجتمع. وعلى عكس ذلك في الجزائر، حيث نجد الحرص الشديد والإصرار المبالغ فيه من زعماء بعض التشكيلات السياسية على المشاركة ولو من أجل المشاركة في كل موعد انتخابي، حيث أصبحت المشاركة في حد ذاتها نجاحا وليس النتيجة والمشروع. وبالعودة لنتائج 2009 حصلت زعيمة العمال لويزة حنون على 4.22٪ من الأصوات الصحيحة المعبر عنها بما يعادل 600 ألف صوت، ومع ذلك لم تتردد حنون في أن تطل برأسها مرة أخرى لتسجيل الحضور والمشاركة مرة أخرى، وموسى تواتي من الجبهة الجزائرية حل ثالثا ولكن ب2.31٪ من الأصوات المعبر عنها فقط، فيما حل رباعين فوزي في المرتبة خامسا بنسبة 0.93٪ من الأصوات الصحيحة المعبر عنها، بمعنى أنه ولا واحد ممن يدعي أنه سينافس بوتفليقة نجح في تحقيق الحد الأدنى الأخلاقي الحافظ لماء الوجه السياسي عند 5٪ من أصوات الناخبين. وتظهر النتائج مدى الضعف السياسي لمعسكر يدعي منافسة رئيس منتهية ولايته يعمل منذ 15 عاما على تنفيذ برنامج اقتصادي وتنموي خصص له ما يعادل 500 مليار دولار منذ عام 2001 ما يعادل 500 مليار دولار، كما تظهر الأرقام مدى فقر واقع الحياة السياسية في البلاد وتكشف أيضا مدى الإفلاس في الخطاب وفي الأفكار وفي البرامج وفي المشاريع الذي تعانيه معارضة سياسية صنعتها ظروف سياسة وأمنية واجتماعية انتقالية قاهرة في تسعينيات القرن الماضي.