محمد خوان يتحادث مع رئيس الوفد الإيراني    هذه توجيهات الرئيس للحكومة الجديدة    النفقان الأرضيان يوضعان حيز الخدمة    رواد الأعمال الشباب محور يوم دراسي    توقيع 5 مذكرات تفاهم في مجال التكوين والبناء    الصحراء الغربية والريف آخر مستعمرتين في إفريقيا    مشاهد مرعبة من قلب جحيم غزّة    وفاق سطيف يرتقي إلى المركز الخامس    على فرنسا الاعتراف بجرائمها منذ 1830    الابتلاء المفاجئ اختبار للصبر    الخضر أبطال إفريقيا    ضرورة التعريف بالقضية الصحراوية والمرافعة عن الحقوق المشروعة    300 مليار دولار لمواجهة تداعيات تغيّر المناخ    فلسطينيو شمال القطاع يكافحون من أجل البقاء    بوريل يدعو من بيروت لوقف فوري للإطلاق النار    "طوفان الأقصى" ساق الاحتلال إلى المحاكم الدولية    وكالة جديدة للقرض الشعبي الجزائري بوهران    الجزائر أول قوة اقتصادية في إفريقيا نهاية 2030    مازة يسجل سادس أهدافه مع هيرتا برلين    وداع تاريخي للراحل رشيد مخلوفي في سانت إيتيان    المنتخب الوطني العسكري يتوَّج بالذهب    كرة القدم/كان-2024 للسيدات (الجزائر): "القرعة كانت مناسبة"    الكاياك/الكانوي والبارا-كانوي - البطولة العربية 2024: تتويج الجزائر باللقب العربي    مجلس الأمة يشارك في الجمعية البرلمانية لحلف الناتو    المهرجان الثقافي الدولي للكتاب والأدب والشعر بورقلة: إبراز دور الوسائط الرقمية في تطوير أدب الطفل    ندوات لتقييم التحول الرقمي في قطاع التربية    الرياضة جزء أساسي في علاج المرض    دورات تكوينية للاستفادة من تمويل "نازدا"    هلاك شخص ومصابان في حادثي مرور    باكستان والجزائر تتألقان    تشكيليّو "جمعية الفنون الجميلة" أوّل الضيوف    قافلة الذاكرة تحطّ بولاية البليدة    على درب الحياة بالحلو والمرّ    سقوط طفل من الطابق الرابع لعمارة    شرطة القرارة تحسّس    رئيس الجمهورية يوقع على قانون المالية لسنة 2025    يرى بأن المنتخب الوطني بحاجة لأصحاب الخبرة : بيتكوفيتش يحدد مصير حاج موسى وبوعناني مع "الخضر".. !    غرس 70 شجرة رمزياً في العاصمة    تمتد إلى غاية 25 ديسمبر.. تسجيلات امتحاني شهادتي التعليم المتوسط والبكالوريا تنطلق هذا الثلاثاء    مشروع القانون الجديد للسوق المالي قيد الدراسة    اختتام الطبعة ال14 للمهرجان الدولي للمنمنمات وفن الزخرفة : تتويج الفائزين وتكريم لجنة التحكيم وضيفة الشرف    صليحة نعيجة تعرض ديوانها الشعري أنوريكسيا    حوادث المرور: وفاة 2894 شخصا عبر الوطن خلال التسعة اشهر الاولى من 2024    تركيب كواشف الغاز بولايتي ورقلة وتوقرت    تبسة: افتتاح الطبعة الثالثة من الأيام السينمائية الوطنية للفيلم القصير "سيني تيفاست"    "ترقية حقوق المرأة الريفية" محور يوم دراسي    القرض الشعبي الجزائري يفتتح وكالة جديدة له بوادي تليلات (وهران)        مذكرتي الاعتقال بحق مسؤولين صهيونيين: بوليفيا تدعو إلى الالتزام بقرار المحكمة الجنائية    مولوجي ترافق الفرق المختصة    قرعة استثنائية للحج    حادث مرور خطير بأولاد عاشور    وزارة الداخلية: إطلاق حملة وطنية تحسيسية لمرافقة عملية تثبيت كواشف أحادي أكسيد الكربون    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"بركات" حركة احتجاجية تحاصرها التوجسات
الربيع العربي لم يعد يغري الجزائريين

يعتبر نحو ستين في المائة من المعلقين على موضوع حركة "بركات" الذي طرحه موقع الشروق أون لاين للنقاش، حركة مشبوهة لإثارة البلبلة في البلاد وتنفيذ أجندة خطِرة، يقف وراءها أعداء الديمقراطية الذين تسببوا في زرع الفتنة والاقتتال بين الجزائريين في العشرية الحمراء. بينما يؤيد نحو ثلاثين في المائة من المعلقين نشاط الحركة ويرون فيها نتاج مجهودات عملية فرضها الواقع هدفها استرجاع حقوق المواطن في الحرية والكرامة، ويرفضون ربطها بالرئاسيات ويؤكدون أنها حركة بعيدة المدى حتى إرساء أسس الدولة الديمقراطية دولة الحق والقانون.. أما البقية الباقية والتي لا تتعدى نسبة عشرة في المائة لا تبالي بالحركة و لا تعتبرها ذات تأثير على ضوء تجارب سابقة فشلت في التأثير على المسار...
أما فيما يتعلق بفرص نجاح الحركة في تحقيق أهدافها فإن نتائج الاستفتاء كانت معاكسة للنقاش إذ رأى حوالي خمسة وخمسين في المائة من المشاركين أن بركات ستنجح في تحقيق أهدافها، فيما يذهب نحو خمسة وأربعين في المائة من المشاركين إلى الاعتقاد بأنه ستفشل في ذلك... هذه النسب المتضاربة والمتناقضة في بعض الأحيان تؤكد التوجس العام الذي طبع موقف الجزائريين تجاه الحركة والشكوك التي تحوم حولها...
حملة التشكيك هذه لم تقتصر على جزء من الرأي العام فلم تخفي بعض الحزاب والشخصيات تحفظها تجاه الحركة واهدافها.. وراح البعض يقارنها بحركات مماثلة ظهرت فيما يعرف بدول الرربيع العربي ليؤكد بانها تختلف عنها اختلافا جذريا باعتبارها حركة ظرفية احادية الهدف وهو رفض العهدة الرابعة فقط وليس التنضال من أجل الديمقراطية والحرية..
حركة بركات تكون لمست هذا التحفظ من لدن شرائح واسعة من المجتمع فحرصت على أن تنفي عن نفسها أية علاقة لها بالسلطة أو جهات صنع القرار، أو تبعيتها لأجنحة متصارعة في هرم السلطة، أو حتى احزاب المعارضة.. وما فتئت تؤكد أنها حركة مواطنة وطنية مستقلة كانت نتاج ظروف سياسية عصيبة تمر بها البلاد، هدفها القضاء على الظلم والحقرة وبناء دولة ديمقراطية ينعم فيها كل الجزائريين بالحرية والتقسيم العادل للثروة الوطنية.. ولعل هذا ما يؤيده فيها بعض الأحزاب الوطنية، وترى فيها بارقة أمل لفرض التغيير عن طريق الشارع...

عضو حركة "بركات" عبد الوكيل بلام ل"الشروق":
لسنا عملاء لأحد ونحمل النظام مسؤولية أي انزلاق
يتحدّث عضو حركة "بركات" السيّد عبد الوكيل بلام في هذا الحوار ل"الشروق" عن العديد من التّهم الموجهة للحركة من علاقتها بصراع الأجنحة والاستخبارات الأجنبية واستنساخها لتجارب أخرى، كما يذكر أسباب عدم خروج الآلاف معهم في الوقفات، وإن كانت الحركة تدعم مرشّحا آخر على حساب بوتفليقة.
يزعم البعض أنّكم تستنسخون تجربة "كفاية" و"تمرّد" المصريتين فما صحّة ذلك؟
لا شكّ أنّ ردود الأفعال في كلّ دول العالم تبقى على نفس الخطّ، لأنّ الدكتاتورية واحدة، ومن ذلك المجتمعات العربية التي عانت الدكتاتورية العسكرية، ما أدّى إلى مخاض في حركات المجتمع تلاقت في بعض جوانبها، ونحن وإن كنّا لم نستلهم التجربة من كفاية المصرية، بل استلهمناها من آبائنا الذين خرجوا ضدّ اقتتال الأشقّاء، وقالوا "سبع سنين بركات"، إلا أنّ هذا لا يمنع اشتراكنا معها في مناهضة الظلم، أمّا تمرّد فحركة تمرّدت على الشرعية وصنعت على أعين العسكر لإسقاط رئيس منتخب شرعيا ونرفض أن نشبّه بها.
ماذا عن اتهام الحركة بالاختراق من أطراف خارجية؟
هذه أسطوانة قديمة، ويجب على هؤلاء أن ينشئوا خلايا إعلامية متخصّصة، ذلك أنّهم لا يعرفون حتّى فبركة التّهم، حتّى أنّ الوزير السابق سلاّل وصفنا ب"الناموس".
لكن هذه الاتهامات جاءت تبعا لبعض القرائن كتصريح الخارجية الفرنسية؟
أزيدك، زعمهم أنّ الحركة لها علاقة مشبوهة مع السفارة الفرنسية، وأنّها سعت للاتّصال بالخارجية الفرنسية لاستخراج بيان للتنديد بالقمع، وكلّ ذلك غير صحيح، والمشكل أنّهم لا يفهمون أنّ فرنسا دولة ديمقراطية، تحترم شعبها وتنظّم لقاءات إعلامية مع صحفييها، وهو ما حدا بصحفي لطرح الإشكال على المتحدّث باسم الخارجية فأجاب إجابة معهودة على الدبلوماسية الفرنسية، وليست خاصّة فقط بالجزائر، وإلا فالاعتبارات التاريخية والتخوّف مما يحصل في الجزائر وتأثيره على المصالح الفرنسية ألقى بظلاله على المؤتمر، ما جعل الصحفي يطرح سؤاله، وهذا ليس مثل النظام الجزائري الذي لا يحترم الشعب ولا يعرف له قيمة حتّى يعقد لقاءات صحفية.
كيف تفسّر أنّ بعض أعضائكم يساندون مرشّحا آخر، وهو بن فليس ويتظاهرون ضدّ ترشّح بوتفليقة؟
هؤلاء يقاسموننا نقطة الرغبة في تغيير النّظام، والحركة مفتوحة لكلّ من يجد فيها طريق التغيير، والحركة فيها مساندون للمرشّح بن فليس وحنّون وهذا أمر عادي شريطة أن يتركوا عند حديثهم باسم الحركة علاقاتهم بالشخصيات والأحزاب جانبا.
هل صحيح أنّكم مدفوعون من بعض أجنحة الدّياراس؟
هذه التّهمة كيلت لنا في بداية المسيرة، ولكن سرعان ما تبيّن للنّاس من خلال تصريحاتنا والشعارات المرفوعة عدم صحّتها، فكيف يتّهم بالعمالة للدّياراس من لا يؤمن أصلا بوجود شرخ في النّظام، ويطالب بذهابه بأكمله، فالدّياراس بتصرّفاتها نناوئها ونعاديها ونخاصمها ونطالب بانسحابها من الشأن السياسي، وأن لا تحكم الجزائر بالوكالة.
حتّى لو زعمتم هذا، فإنّ وقفاتكم عنوانها في وسائل الإعلام "ضدّ العهدة الرابعة"، وهذا ما يخدم الطرف الآخر؟
العهدة الرابعة لم تكن في مسيرة "بركات" إلا العنصر المفجّر، والشباب الجزائري يحمل الحقد والكره لهذا النّظام، إلا أنّه لم ينتظر أن يرشّح له إنسان "شبه حي"، فكان عنصرا مفجّرا، ونحن غير مسؤولين عمّا تقوله الجرائد المنبطحة لأي طرف، والذي يعبّر عنّا فقط الصفحة الرسمية والأعضاء والموقع قيد الإنشاء.
الملاحظ، ينظر أنّ نسبة الاستجابة مازالت محصورة في العشرات، ألا ترى أنّها رسالة من الشارع برفضكم؟
الشارع العاصمي والجزائري عموما مازال يرهب التجمهر السلمي، والسلطة التي قمعت من تظاهر ضدّ القاتل شارون وجزّار دمشق وسفّاح رابعة لا يمكن أن يأمنها الشعبي إن تظاهر ضدّها، خاصّة بعد أن وصل بالشرطة أن جاءت بالكلاب لتخويف رؤساء أحزاب وشخصيات وطنية أرادت التعبير عن موقفها، فنحن ومن سبقنا بالتّظاهر من الأشخاص والحركات نضع مسمارا في نعش الرعب الذي شيّده النّظام ،ومتى سمح لنا بالتحسيس والتظاهر السلمي سنرى مئات الآلاف في العاصمة.
يأتي تحرّككم في وقت لزمت فيه أغلب الشخصيات الوطنية المعارضة كحمروش والإبراهيمي بيوتها؟
أيّ مجد نبحث عنه ونحن نساق إلى مخافر ومحافظات الشرطة وتروّع بذلك نساؤنا في البيوت، المجد هو أن نرى أنفسنا في جزائر القانون والعدالة لا الصورة والبروز. أمّا الشخصيات الوطنية كالإبراهيمي وبوحيرد وغيرهم فقد قدّموا ما عليهم وما بدّلوا، ومن العيب أنّ شبابا مثلنا يطلب العون من شيوخ كبار، وإن كنّا نجلّ كل خطوة منهم كبيان أو حضور معنا مثل ما حصل مع ناصر جابي وغيره.
هل ستتحمّلون مسؤولية أي انزلاق يحدث، خاصّة في ظل قانون حظر التظاهر في العاصمة؟
لا أعترف بقانون حظر التظاهر، ونحن نصمّم على الخروج ضاربين بقوانين حظر التظاهر في العاصمة عرض الحائط، ونحن إذ نعلم بوقفاتنا قبل أسبوع نحمّل الجهات الأمنية المكلّفة بالحماية مسؤولية أيّ انزلاق، إذ نحن لا نفاجئهم بما نقوم به، ولو قمنا بوقفة فجأة فساعتها نقول بأنّا نتحمّل ذلك.

قراء الشروق أون لاين منقسمون
"بركات".. معادلة صعبة في الصراع بين النظام والمعارضة !
شكّلت حركة بركات المعارضة للعهدة الرابعة بعد ترشح إعلان عبد العزيز بوتفليقة لرئاسيات 17 أفريل المقبلة، محورا رئيسيا في آراء ومواقف ثلاث فئات من قراء موقع "الشروق أون لاين"، حيث رأت الفئة الأولى، بأن الحركة مشبوهة هدفها تنفيذ أجندة خارجية لزرع الفوضى والعبث بأمن وإستقرار البلاد وهو مايمثل الرأي الغالب على التعليقات، بينما رأت الفئة الثانية بأن "بركات" تمثل رقما مهما في معادلة الصراع السياسي الدائر بين المعارضة والنظام، حيث أعلنت نفسها طرفا ثالثا، وسط محاولات التشويه والتشكيك بقدرتها في الاستمرار، كما رأت الفئة الثالثة بأنها تنظيم لا يملك قيادة منتخبة بل قيادة جماعية لنشطاء وأن وجودها من عدمه سواء، مستدلين في كلامهم بتجارب سابقة.
وقد كانت آراء قراء موقع "الشروق أون لاين" في معظمها ضد فكرة اعتبار "حركة بركات" قوة إقتراح فرضت نفسها من أجل إيجاد حل سياسي سلمي مدني توافقي للخروج من الأزمة، وهو الأمر الذي ظهر من خلال أرضيتها وهويته التي قال عنها الكثيرون من المعلقين بأنها "مجهولة"، وهو ما آثار جدلا كبيرا بين المعلقين الذين إنقسمت آراؤهم حول مصداقية الحركة وتركيبتها وهويتها التي شكلت مصدر قلق شعبي ورسمي، وهو الأمر الذي أكده المعلق خالد من الجزائر عندما قال إن حركة بركات و من يسير في فلكها صنيعة من كانوا ينادون بإغتيال الديمقراطية وزرع الفتنة في العشرية السوداء، حيث رأى المعلق بأن فتيل الإحتجاجات الحالية لم يكن وليد رئاسيات أفريل، معتبرا أن الشعب يعرف جيدا الانتهازيين الذين تسببوا في زرع الفتن سواء كانوا أحزابا أو منظمات أو أفراد.
ولعل هذا الرأي الذي ثمنه العديد من قراء موقع "الشروق أون لاين" يؤيده الكثيرون ممن يعتبرون سياسة الإحتجاجات السلمية المنتهجة ما هي إلا تدعيم غير مباشر لأطراف خارجية تريد إستنساخ رياح الربيع العربي في الجزائر، حيث يختبئون وراء شعار إرساء الديمقراطية وبناء دولة القانون، وهو ما وضحه المعلق عمار من ولاية غليزان الذي قال بأن الحركة تدعي بأنها نشأت بعفوية ضد العهدة الرابعة للرئيس و لكنها مسيسة ومخترقة من طرف أيادي خارجية تعمل على زعزعة الإستقرار في الجزائر بهدف اللحاق بدول الربيع العربي وهذا من أجل تفتيت ماهو قائم إلى كيانات بدليل أن بعض الرؤوس المؤسسة لها نزعة جهوية. فالظاهر - يضيف المعلق ذاته- بأنها حركة مدنية نابعة من المجتمع المدني و لكن في الواقع هي غير ذلك فهي داعمة - يقول المعلق- لأجندة غربية تسعى إلى هدم الدولة الوطنية .
وفي الوقت الذي أكد فيها أحد الناشطين في حركة بركات، أن هذه الأخيرة لا ترتبط بالإنتخابات الرئاسية المقبلة فحسب، وأن طموحها هو إرساء نظام ديمقراطي دائم ومستمر يكفل الحريات في البلاد، يؤكد بعض المعلقين، بأنها نسخة مشوّهة لحركة كفاية المصرية التي أدت بمصر إلى الهاوية، متسائلين في الوقت ذاته حول دور قيادي حركة بركات إبان العشرية السوداء، كما تم إسقاط كيفية إنشاء الحركة على سلسلة من المبادرات الجماعية منذ التسعينات، ربطت بعض التعليقات هذا الإسقاط بما قامت به وزيرة الثقافة الحالية خليدة مسعودي، أين قالت "بركات للنظام"، والخرجات السابقة لزعيم حزب الأرسدي سعيد سعدي، وهو ما توجس منه بعض القراء بأن تكون هذه الحركة على نفس الشاكلة.
ومن جهتها أكدت الفئة الثانية من قراء الموقع على أن حركة "بركات" هي نتاج زخم جماعي لإسترجاع الكرامة للمواطن الجزائري والحق في المشاركة السياسية واحترام الرأي وحرية التعبير وحق التجمع والتظاهر، وترسيخ العدالة الاجتماعية وضمان توزيع عادل للثروات الوطنية وهو ما أكده معلقو هذه الفئة الذين رأوا أنها حركة أصيلة ولدت من رحم الحزن والضمير الوطني لما أصيب البلد من طوفان الفساد وبيع الذمم وتمييع الأشياء وإحتقار الناس، حيث إعتبرتها هذه الفئة منبر الأحرار وشوكة في حلق الطغاة لا يكرهها سوى سارق أو مستبد، وهو ما أكده المعلق كمال من موريتانيا الذي حذر في تعليقه من المندسين و الإنتهازيين.
بينما رأت الفئة الثالثة التي إعتبرت نفسها "محايدة" في إعطاء وجهة نظرها حول حركة بركات بأن وجودها في الوقت الراهن من عدمه "سواء" وأن نجاحها أو فشلها ستحدده نزاهة من يحركها وكسر حاجزالخوف الذي أجبر نخبة المجتمع على السكوت لسنوات طويلة، وأن هذه الأخيرة ما هي إلا سحابة عابرة لا تمطر ولا تحركها رياح لأن اللعبة السياسية في نظرهم مغلقة.
وتشيرالأرقام الأولية لغاية كتابة هذه الأسطر للإستفتاء الذي نظمه موقع "الشروق أون لاين" حول نجاح أهداف حركة بركات من عدمه، إلى أن نحو54.82 في المائة من المصوتين (أي 1841 مشارك) قالوا أن الحركة ستنجح في أهدافها المسطرة بينما أكدت نسبة 45.18 في المائة ممثلة في (1517 مشارك) قالوا بأن الحركة ستفشل في مهامها في الوقت الذي يبقى فيه الإستفتاء مفتوحا للمشاركين.

بركات..ولادة من عمق الأحداث!
ما إن انفضت الوقفة الاحتجاجية التي شارك فيها العشرات من الشباب والمواطنين الخميس 27 فيفري أمام الجامعة المركزية بالجزائر العاصمة، حتى أذيع عبر موقع التواصل الاجتماعي"فيسبوك" خبر تأسيس (حركة بركات)، وقيل عنها بأنها حركة مستقلة، غير مهيكلة تظم مجموعة من الشباب والحقوقيين والصحافيين وطلبة وأطباء، إلا أن تجرد المؤسسين من الانتماء والتبعية لأية جهة كانت، لم يجنب حركة بركات العديد من الأسئلة حول أهدافها وما تملكه من وسائل وأدوات الاستمرارية؟
ترشح الرئيس عجل بولادة "بركات"
بعد إعلان الوزير الأول عبد المالك سلال يوم السبت 22 فيفري من عاصمة الغرب ولاية وهران، عن ترشح الرئيس بوتفليقة للعهدة الرابعة، أخذ الوضع في الشارع الجزائري منحا آخر، حيث سارعت فعاليات شبابية ومثقفون لتنظيم وقفات احتجاجية أولاها كانت تلك التي قادتها الطبيبة أميرة بوراوي بمشاركة طلبة وصحافيين أمام جامعة الجزائر"2" ببوزيعة، بساعات قبل إعلان سلال ترشح بوتفليقة لخلافة نفسه، وتوالت الاحتجاجات المتفرقة بعدة مناطق من القطر الجزائري، إلى أن أعلن ميلاد "حركة بركات" التي نجحت في توسيع دائرة الرفض للعهدة الرابعة، وسببت الحرج حتى لأحزاب المعارضة القابعة داخل مقراتها بعيدا عن الشارع.
الإسم والمغزى
حركة "بركات" بموقفها الذي برزت به ليست وليدة لحظة الرفض لترشح بوتفليقة فقط، بل امتداد لمبادرات أخرى حملت نفس الاسم والمعنى الذي يقصد به( كفى أو يكفي)، فقد خرج الشعب الجزائري ثائرا في الأشهر التي سبقت إعلان الاستقلال من الاستعمار الفرنسي سنة 1962، هاتفا (سبع سنين بركات) الصرخة المرفوعة في وجه الخلافات التي نشبت بين الجزائريين (تكفينا سبع سنوات من التقتيل)، ورفع الشباب البطال المحتج في الجنوب وفي كل مناطق الوطن طوال العهدة الثالثة للرئيس بوتفليقة شعار ( يا نامار ) بمعنى "سئمنا" و"كرهنا" كأن لسان الحال يقول أيضا كفانا "حقرة" و "تهميشا".
وفي سنة 2009 وبالضبط عندما نفذت السلطة خطة تعديل الدستور وفتح العهدات الرئاسية، ظهرت حركة "محتشمة" عرفت على موقع "فيسبوك" بحركة "بزاف" « mouvement bazaf » قادها نشطاء من بينهم إعلاميون، ومن بين ما نددت به "حالة الغلق الإعلامي"، ومنع الحركات الجماهيرية من التعبير عن أرائها في وسائل الإعلام العمومية، وتعرض نشطاء من هذه الحركة ومن بينهم الإعلامي عدلان ميدي للاعتقال والمساءلة من طرف الشرطة. وغلق صفحة تواصل الحركة على "فيسبوك".
أحزاب: "بركات" بذرة غضب في عمق الشعب الجزائري
من وجهة نظر حركة النهضة اعتبر القيادي امحمد حديبي "حركة بركات" مجموعة نشطاء لهم توجهات سياسية لكن حركتهم غير حزبية، ولا تنتمي لأية جهة، ولا يقف وراءها "بحسب علمنا" أي حزب سياسي، وهي تعبير عن غضب عميق داخل المجتمع الجزائري إزاء سلطة ونظام حكم يتجاهل مطالبه وطموحاته.
ويرى المتحدث باسم حركة النهضة أن "حركة بركات" أمام اختبار استمرارها، فهي في رأيه تعبر عن مطلب التغيير الذي يناشده كل جزائري، لكنها تواجه امتحان الاستمرارية والقدرة على البقاء.
اما رئيس حزب الجيل الجديد جيلالي سفيان فقد أكد في تصريحه ل"الشروق أون لاين" أن حركة بركات نتيجة من نتائج الشرخ الموجود بين الشعب والسلطة التي تحكم البلاد، ولذلك "نحن أيدنا مطالبها ووقفنا معهم".
ويرى جيلالي سفيان هذه الحركة "غير متحزبة، رغم أن نشطاءها لهم موقف وقناعات سياسية"، وسيستمر مفعولها، ما دامت أسباب وجودها باقية.
وقفة الجامعة المركزية بالعاصمة ترفع أسهم "بركات"
ارتفعت أسهم "بركات" بعد التجمع الاحتجاجي الرافض لترشح بوتفليقة والمندد بالانتخابات المغلقة، المنظم
السبت 01 مارس أمام الجامعة المركزية بوسط العاصمة، وواجهته قوات الأمن باعتقال نحو مائة متظاهر من بينهم ما لا يقل عن 50 صحفيا، فلم تكاد تنفض الوقفة الاحتجاجية عن آخرها حتى أعلن عن ميلاد "حركة بركات" وبرزت فيها أسماء الناشطة أميرة بوراوي، والناشط حفناوي غول، والإعلامي مصطفى بن فوضيل، وعقدت الدكتور ة أميرة بوراوي أولى لقاءات التنسيق بعد يوم من الوقفة الاحتجاجية التي نظمت السبت أمام الجامعة المركزية بالعاصمة.
ودعت "حركة بركات" لثاني وقفة احتجاجية لكن هذه المرة باسمها ومن تنظيم نشطائها بساحة أودان بالقرب من الجامعة المركزية بالعاصمة يوم الخميس 06 مارس وتم أيضا اعتقال العشرات.
فور هذه الوقائع تحولت "بركات" إلى مكون جديد في الساحة السياسية، ومن المتابعين من يرى أن ظهورها وخروجها للشارع، دفع بالأحزاب والشخصيات المعارضة، للخروج من حديث المقرات والصالونات، إلى ملامسة الواقع وسلوك مسلك الاحتجاج في الشارع وحشد الجماهير للضغط على السلطة.

"بركات".. قيادة جماعية لمواجهة الاحتواء
تميز الحراك الحاصل في الساحة السياسية عشية الانتخابات الرئاسية ببروز أول حركة لناشطين ترفع سقف المطالب إلى الإطاحة بالنظام الحالي فضلا عن رفض كل القوانين التي تمنع التظاهر خاصة بالعاصمة والسعي لتوسيع نشاطها إلى كل الولايات بشكل يستدعي البحث في هوية "بركات" وطريقة عملها باعتبارها سابقة في الساحة.
كان منع أول وقفة احتجاجية وتوقيف العشرات من الناشطين أمام الجامعة المركزية يوم الفاتح من مارس الماضي بمثابة إعلان تأسيس حركة "بركات" ولو أن الفكرة كانت جاهزة لدى عدد من روادها قبل ذلك بمجرد بروز مؤشرات حول جدية مشروع العهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة.
جاء في بيان تأسيس هذا التنظيم "نعلن ميلاد حركة بركات، وهي حركة مواطنة سلمية مستقلة ترفض العهدة الرابعة وتناضل من أجل التأسيس لنظام ديمقراطي حقيقي".. وتبنى المشروع في بدايته عدد محدود من النشطاء والصحفيين لكن سرعان ما توسع مع مرور الأيام وازداد عدد أعضاء الحركة والمتعاطفين معها.
ووجدت الحركة في العالم الإفتراضي على شبكة الانترنيت مجالا خصبا لنشاطها حيث تلقى بياناتها رواجا كبيرا على شبكات التواصل الاجتماعي. ووصل عدد المشتركين في صفحة الحركة على موقع فايسبوك في ظرف عشرة أيام من فتحها أكثر من 25 ألف شخص مما يعكس انتشارها السريع بين مرتادي هذه الشبكة فضلا عن تداول منشوراتها على نطاق واسع على الشبكة.
ورغم اعتماد التواصل الإلكتروني كأهم وسيلة لتفعيل نشاط التنظيم خاصة مع الإنتشار الواسع للأنترنيت مع إطلاق تقنية الجيل الثالث فإن مؤسسي "بركات" وقيادييها يعقدون اجتماعات دورية لتحديد توجهات الحركة وتحركاتها على مستوى الشارع . وعن طريقة سير التنظيم من حيث الهيكلة يؤكد قياديون في البركات أنه "تنظيم شعبي" لا يمكن ربطه بقواعد بيروقراطية مثل تحديد المسؤوليات والانتخاب .
وأشارت مصادر من "بركات" أنها تنظيم غير معتمد وبالتالي فلديها حرية النشاط مع التأكيد على نقطة واحدة هي طابعها السلمي فضلا عن انها تسير بطريقة جماعية اين يفتح نقاش بين أعضائها ويتم اتخاذ القرارات بالأغلبية رغم ان هناك انسجاما في التوجهات بين قيادييها.
ووفق قيادات في الحركة فإن اعتماد هذه الطريقة في العمل يجعل من التنظيم مرنا في تحركاته فضلا عن إبعاد طابع الزعامة على نشطائه وقيادييه بشكل يسهل عملها إلى جانب جعل محاولات احتوائها بالضغط على أحد القياديين صعبا والأهم من ذلك وفق ذات المصادر الإبقاء على طابعها الشعبي بأنها تنظيم مفتوح على كل الحساسيات التي تتفق مع أعضائها على مسعى معارضة النظام الحالي وضرورة رحيله.
وتؤكد الحركة في بياناتها أنها " تعتبر نفسها إطارا جامعا يسعى لتحقيق الطموحات المشروعة للشعب الجزائري من اجل تغيير النظام الحالي ومن اجل دولة ديمقراطية ذات سيادة ومن اجل جزائر عصرية".
وأوضحت أنها "تعتبر نفسها قوة اقتراح وعمل من اجل إيجاد حل سياسي سلمي مدني توافقي للخروج من الأزمة التي سببها النظام. وسائلها العملية التظاهرات السلمية والمرافعة العقلانية والحوار الجاد والبناء مع جميع الأطياف السياسية الناشطة التي تشاركها في تحقيق مشروع المجتمع المنشود وترفض كل أنواع العنف.

بين دعاوى التخوين وهتافات التمجيد
"بركات".. تنتظر حُكم الشارع بالبراءة أو الإدانة
تقول الناشطة والقيادية في حركة "بركات"، الطبيبة أميرة بوراوي، إن فكرة تأسيس "بركات" نشأت "مباشرة في أعقاب اغتصاب الدستور عند تعديله سنة 2008 من أجل فتح العهدات الرئاسية من عهدتين إلى ما لا نهاية من العهدات" على حد وصفها، وتضيف "هذا ما أراده الرئيس بوتفليقة، فسرق عهدة ثالثة واستطاع أن يترشح للرابعة".
ويوضح تصريح بوراوي حول ميلاد "بركات" (التصريح كان بتاريخ 05 مارس الجاري)، أنها نشأت من أجل منع بوتفليقة من التمديد، وهو كلام كان سيُثبت أن الحركة لم تنشأ من أجل إسقاط نظام الحكم ولكن من أجل منع بوتفليقة من الفوز بعهدة رابعة، لولا أن الحركة أعلنت بيانا تأسيسيا في 13 مارس جاء فيه "بركات تأسست من أجل إقامة مرحلة انتقالية تسيّر من قِبلِ القوى الوطنية الحية الفعالة، بهدف إقامة الجمهورية الثانية وإنهاء 52 عاما من التهميش".
ويظهر من خلال تصريحات بوراوي وبيان التأسيس أن "بركات" تربط نظام بوتفليقة بالنظام القائم منذ الاستقلال ربطا عضويا، وهنا تتقاطع رغبة الداعين إلى رحيل بوتفليقة مع المنادين برحيل النظام القائم، ما يعني أن "بركات" أفلتت، مؤقتا، من الحُكم بالتشكيك في مهمتها من طرف قطاع عريض من السياسيين والجزائريين.
فلقد توجس كثير من السياسيين خاصة الإسلاميين منهم، من هذه الحركة، التي تضم ناشطين حقوقيين وإعلاميين ومثقفين وجامعيين، إذ اعتقدوا أن "بركات" "نزوة" تأسست من أجل منع بوتفليقة من عهدة رابعة فقط وأنها لا تنادي بإسقاط النظام، وهو المطلب الأول للأغلبية الغالبة من الجزائريين، وهو ما جعلها (بركات) محل شكوك.
وقد أكد البيان السياسي الأول للحركة أن "بركات تأسست في خضم صراع مرير لنظام وصل إلى نهايته، يريد فرض استمراريته كحل لشرعية ضمن مسار انتخابي".
وجاء في البيان أيضا "بركات حركة مواطنة وطنية سلمية مستقلة غير حزبية تسعى لإرساء الديمقراطية وبناء دولة القانون في الجزائر، وإنها نتيجة الوعي الجماعي للأزمة المتعددة التي تمر بها البلاد من طرف نخبة من المواطنات والمواطنين الساعين للحفاظ على مستقبل الجزائر".
ولو توقفت "بركات" عند التصريح الأول لبوراوي، لتأكّد لقطاع عريض من الجزائريين أنها حركة لم تتأسس من أجل منع النظام الحاكم من الاستمرار في الحكم أي أنها لم تنشأ لسماعدة الشعب على "الخلاص" من نظام يغيّر الرؤساء ولا يتغير، وهو ما يعني أنها حركة ستسقط في الماء تلقائيا، لأن الشعب لن يحتضنها مهما ألقت إليه من "ثورة".
ويكاد يكون هناك تطابق كبير بين "بركات" الجزائرية و"كفاية" المصرية. فالحركة المصرية نشأت وناضلت في عهد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك وتحدّته وتحدّت نظام الحكم القائم منذ عهد الضباط الأحرار وعبد الناصر، نظام العسكر والجنرالات، كما أن "بركات" الجزائرية نشأت في عهد بوتفليقة وهي تسعى للقضاء على نظامه وعلى النظام القائم منذ الاستقلال، وقد سمعنا رؤوسا من الحركة ينادون في ساحة أودان قبالة الجامعة المركيزة "لا بوتفليقة لا توفيق".
وقد أشار القيادي في "بركات"، عبد الوكيل بلام، أنّها حركة سياسية مفتوحة لكل الفعاليات من مختلف التيارات الإسلامية والعلمانية والشبابية، وبهذا تكون الحركة الوليدة قد دخلت ساحة "الشعبية" وابتعدت كثيرا عن حيز "المناسباتية" و التخندق في معسكر ضيق لديه حسابات مع ندّ سياسي في السلطة يريد أن يصفيها معه بأية أداة.. بما فيها "بركات"!
وستبقى "بركات" تحت أنظار الشارع، الذي يملك وحده، ووحده، الحق في الحكم عليها بالبراءة أو الإدانة، بعيدا عن دعاوى "التخوين" التي يرميها بها زيد أو عمر من الناس وهتافات التمجيد التي تُغازلها.. فمِن قائل إنها "وليدة مخابر المخابرات" تريد إسقاط بوتفليقة ليس أكثر، ومِن قائل إنها "دسيسة خارجية أجنبية" تريد شرا بالجزائر، ومن مدافع عنها يقول "إنها ابنة الشعب وُلدت من رحم أحزانه وغضبه ونكده من نظام القائم".. كل هذه الدعاوى سيستبين الحق منها من الباطل في محكمة الشارع، وإلى ذلك الحين تبقى ل"البركات" العبرة فيمن سبقها من الحركات العربية، ولئن صدقت فسيكون الشارع كل الشارع معها كما كان الشارع المصري مع "كفاية".

"بركات" تحيي الحديث عن منع الاحتجاجات السلمية
المسيرات محظورة في العاصمة بقوة القانون، وبقانون القوة خارجها
يعود الجدل في الجزائر مع اقتراب كل استحقاق انتخابي خصوصا من مستوى الانتخابات الرئاسية، حول جدوى الاحتجاجات والتظاهرات التي تلجأ إليها ما تسمى بالمعارضة لرفض واقع سياسي أو اجتماعي معين ضد سلطة تأبى أن تستجيب للمطالب المرفوعة والتكيف مع المعطيات الشعبية إلا بعد تحرك الشارع في الميدان لفرض منطق تريده أطراف أو أخرى أن يطبق بحق أو بغير حق.
الحديث عن الاحتجاجات يقود بالضرورة إلى الكلام عن قرار حظر المسيرات في العاصمة الساري منذ جوان 2001 بسبب الانزلاقات الخطيرة التي عرفتها مسيرة الخميس الأسود التي دعت إليها حركة العروش آنذاك في 14 جوان والتي تحرّك بموجبها آلاف الشباب من ولايات القبائل للتظاهر في العاصمة على خلفية الأحداث التي شهدتها منطقة القبائل في أفريل من السنة نفسها أو ما اصطلح على تسميته بالربيع الأمازيغي، فقد عرفت المسيرة أحداث عنف وتخريب غير مسبوقة في الجزائر وسقط على إثرها عدة ضحايا بينهم صحفيون، ومنذ ذلك التاريخ اقتصرت التظاهرات في العاصمة على التجمعات في القاعات المغلقة لسهولة تحكم المنظمين فيها.
ورغم أن السلطة كانت تتحجج في كل مرة بحالة الطوارئ التي تم فرضها في 9 فيفري 1992، لتبرير قرار حظر المسيرات في العاصمة، إلا أن الواقع يثبت عكس ذلك تماما فقد شهدت الجزائر العاصمة مسيرات شعبية كثيرة طيلة فترة التسعينيات في أوج الأزمة الأمنية التي عرفتها البلاد آنذاك، أبرز هذه المسيرات تلك التي تبعت الإعلان عن نتائج الانتخابات المحلية والتشريعية في 1997 للتنديد بالتزوير المفضوح الذي طال العملية الانتخابية.
ومنذ فيفري 1992 وحتى فيفري 2011، كانت الجزائر تحت حالة الطوارئ التي ضاعفت من القيود المفروضة على حرية التجمع، إذ منحت وزارة الداخلية سلطات موسعة، منها الحق في منع أي تجمعات عامة يُرجح أن تبث الاضطراب في النظام العام والسكينة العامة.
ولعل ما يدعو للتساؤل أكثر هو منع وعدم الترخيص للمسيرات في باقي الولايات رغم أن قرار وزير الداخلية والجماعات المحلية آنذاك يتعلق بمنع المسيرات في العاصمة فقط، غير أن هذا الحظر امتد بطريقة آلية إلى مختلف الولايات دون الاستناد إلى قرار قانوني معين.
والغريب في الأمر أن السلطة ومن ورائها الإدارة المحلية تتعامل مع المسيرات على أساس الموضوع وهدف المسيرات بشكل أكثر من استنادها إلى نصوص قانونية تنظم المظاهرات والمسيرات، وكذلك إلى مكان تنظيم المسيرات فهي تسمح بتنظيمها في ولايات محددة وتمنعها في ولايات أخرى، مثال ذلك المسيرات التي نظمت طيلة العشرية الماضية في ولايات القبائل (تيزي وزو، بجاية والبويرة) حول مضامين سياسية مختلفة ، اجتماعية أو حتى أمنية، بينما يتم منع المسيرات وعدم الترخيص لها في العديد من الولايات حتى وإن كان مضمونها المطالبة بتعبيد طريق في بلدية نائية.
وترد السلطة في كل مرة على المطالبين برفع الحظر عن المسيرات في الجزائر العاصمة بإجابات مفادها أن الجزائر ما تزال عرضة للتهديدات الإرهابية خاصة بعد انتشار العمليات الانتحارية والأحزمة الناسفة وأن تسلل الانتحاريين وسط المتظاهرين احتمال غير مستبعد وهو ما من شأنه تعريض حياة الأبرياء للخطر.
ويبطل العجب حينما تأتي إجابة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في مجلس وزراء تأكيدا لمواصلة حظر المسيرات في العاصمة، موضحا "أن الحظر لا علاقة له بالحريات السياسية أو حرية التعبير وأنه إجراء الهدف منه الحفاظ على الأمن العام، وعرض في المقابل على الراغبين في التعبير عن مواقفهم أو آرائهم على الملأ من أحزاب سياسية وجمعيات معتمدة تنظيم تجمعات داخل القاعات أو التظاهر خارج العاصمة في بقية ولايات الوطن".
وينص الدستور في المادة 41 على أن حرية التعبير وإنشاء الجمعيات والتجمع مضمونة للمواطن، لكن المشرع قيّد هذا المواطن بترسانة من النصوص القانونية تضمنها القانون رقم 89-28 المعدل بالقانون رقم 91 – 19 المتعلق بالاجتماعات والمظاهرات العمومية ووضع أطرا تنظيمية تحدد شروط تنظيم المظاهرات العمومية والتجمعات.
وتضمن القانون المتعلق بالاجتماعات والمظاهرات العمومية تعريفا للمظاهرات العمومية على أنها المواكب والاستعراضات وتجمعات الأشخاص و بصورة عامة جميع التظاهرات التي تجري على الطريق العمومي، على أن تخضع المظاهرات العمومية إلى ترخيص مسبق.
كما يجب تقديم طلب الترخيص للوالي ثمانية (8) أيام كاملة على الأقل قبل التاريخ المحدد للمظاهرة، تحدد فيه صفة المنظمين، يوقع الطلب ثلاثة منهم يتمتعون بحقوقهم المدنية والسياسية، وكذا الهدف من المظاهرة والمسلك الذي تسلكه إضافة إلى الوسائل المادية المسخرة لها لضمان سيرها منذ انطلاقها إلى غاية تفرق المتظاهرين، على أن يسلم الوالي فورا بعد إيداع الملف وصلا بطلب الترخيص.
ويقوم الوالي بإصدار موافقته أو رفضه للتجمهر قبل خمسة أيام على الأقل من الموعد المزمع. يمكنه هو أو أحد مرؤوسيه منع أي تجمع بأن يخطروا المنظمين بأنهم يمثلون خطراً حقيقياً باضطراب النظام العام، أو إذا كان يبدو بوضوح أن الغرض الحقيقي من التجمع يمثل خطراً على النظام العام. كذلك فإن القانون يحظر أية أنشطة في التجمعات المتعارضة مع الثوابت الوطنية، أو التي تضر برموز ثورة الأول من نوفمبر، أو بالنظام العام أو الآداب العامة.
ويواجه القانون 91- 19 المتعلق بالاجتماعات والمظاهرات العمومية انتقادات حادة من طرف الجمعيات والأحزاب السياسية المعارضة وكذا المنظمات الدولية كونه ضيق كثيراً على الحق في حرية التجمع، إذ غيّر المتطلبات القانونية لعقد المظاهرات، وطالب الجماعات التي تعتزم التجمع، أن تلتمس تصريحات رسمية من السلطات وليس إخطارها فحسب.
وعمقت السلطة من مآسي المواطن ومصادرة حقه في التجمع بمواد قانونية عقابية تفرض الحبس على كل من يشارك أو يدعو الآخرين للمشاركة في مظاهرة غير مُعلنة يُعاقب عليه بموجب القانون نفسه بالحبس ثلاثة أشهر إلى عام وغرامة 3000 إلى 15 ألف دينار جزائري، وأحالت المخالفات في هذا الشأن المواد من 97 إلى 101 من قانون العقوبات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.