موقعان متخصصان في الجزائر يتصفّحهما 27 ألف شخص يوميا الأشغال العمومية والصناعة أكثر قطاعين يوظفان عبر الانترنت التوظيف الإلكتروني.. مفهوم قد يبدو جديدا على الجزائريين وغريبا على الجزائر التي لازالت بعيدة نوعا ما عن هذه التقنيات الرقمية رغم أنها تطمح إلى إنشاء »الجزائر الالكترونية« ابتداء من 2013، لكن الذي قد لا يعلمه القارئ أن هذه الصيغة الجديدة للتوظيف نجحت في أن تكون وسيطا فعالا بين الباحث عن العمل والمؤسسة، بتوفير حوالي 12 ألف منصب شغل في 2009 فقط، بفضل وجود موقعين إلكترونيين متخصصين يتصفحهما يوميا حوالي 27 ألف شخص من داخل الوطن وخارجه بحثا عن فرص عمل في مختلف التخصصات تمنحها أكثر من 2500 شركة ومؤسسة وإدارة. * رغم التأخر الذي تعاني منه الجزائر في مجال استغلال تكنولوجيات الإعلام والاتصال والرقمنة، مقارنة بغيرها من البلدان العربية حتى لا نقول الأوروبية، فإن المؤشرات الحالية تبرز نموا مشجعا في امتلاك هذه التقنيات واستغلالها بوجود 4.5 ملايين مشترك جزائري في الانترنت في 2009 بعد أن كان عددهم لا يتعدّ 4.2 ملايين في 2008، 200 ألف منهم في صيغة "آدي.أس.أل"، بالإضافة إلى 6 آلاف مقهى إنترنت. * وفي إطار مساعيها لدعم قطاع تكنولوجيات الإعلام والاتصال وتشجيع استعمالها في المجالات الاقتصادية، تعكف الحكومة على تطوير استراتيجية سمتها »الجزائر الإلكترونية 2013«، بدأت أولى خطوات تجسيدها باستعانة وزارة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال بأحد موقعي التوظيف الإلكتروني ليكون ضمن الطاقم الفني لدراسة وتنفيذ هذه الاستراتيجية. * * 800 ألف متصفح شهريا وتوفير 12 ألف منصب في 2009 * أومبلواتيك (Emploitic) وتوظيف (Tawdif) هما أكبر موقعين إلكترونيين للتوظيف عبر الانترنت في الجزائر، اُنشأ الأول في أفريل 2006 ويتصفح موقعه يوميا 15 ألف شخص، أي ما يعادل 450 ألف متصفح شهريا، كما يحصي 200 ألف مترشح وباحث عن العمل مسجل و2500 شركة ومؤسسة مسجلين كأعضاء دائمين يقدمون عروض العمل. أما عن مناصب العمل التي منحها خلال 2009، فقد بلغت 7 آلاف منصب حسب إحصائياتها. * أما موقع "توظيف"، فقد أطلق في سبتمبر 2007، ويشهد هو الآخر إقبالا كبيرا، حيث يسجل 350 ألف زائر شهريا من داخل الجزائر وخارجها وأكثر من 1020 زبون من الشركات والمؤسسات العامة والخاصة، بالإضافة إلى 65 ألف مترشح مسجل خلال الموسم 2008 2009. * وينشر هذا الموقع حوالي 3500 عرض عمل، يتم تصفح عرض العمل الواحد بمعدل 13900 مرة ويترشح له حوالي 385 شخص، وهو ما يبرز التوافد القوي على هذه التقنية الجديدة. أما عن عدد المناصب التي تمكن الموقع من توفيرها خلال نفس الفترة فقدر ب4500. * * فوائد التقنية كبيرة وتأخر استعمالها راجع لجهل المديرين بها * أعرب العديد من أصحاب الشركات والمؤسسات التي كانت حاضرة مؤخرا في الصالون الدولي للتوظيف والموارد البشرية بالعاصمة في طبعته السادسة، عن تفاؤلهم بمستقبل التوظيف من خلال المواقع الإلكترونية المختصة، معتبرين إيّاها الوسيلة الأفضل لإيجاد المهارات المطلوبة، »بالرغم من أن خدمات التوظيف الالكترونية متوفرة ومستخدمة بشكل مشجع في الجزائر، فلم يصل استخدامها حتى الآن إلى المستوى المطلوب؛ ذلك أن كبار المديرين والمسيرين ليسوا على دراية دائماً بمنافعها أو بسبب عدم اطلاعهم الكافي على كيفية استخدام الحل الالكتروني الفعّال«، علق ممثل أحدى الشركات الخاصة. * وكخطوة لتفعيل هذه التقنية، فقد تم الكشف في هذا الصالون عن إنشاء أول صالون افتراضي للتوظيف في شمال إفريقيا يمكن الراغبين في الحصول على عمل من الاستفسار والاطلاع على مناصب الشغل التي تمنحها مختلف الشركات انطلاقا من الموقع الرسمي للشركة، وهي الخطوة التي اعتبرها المشاركون في الصالون بمثابة نقلة نوعية وتقنية في الوساطة بين الشباب والشركات. * أما عن فوائد التوظيف الإلكتروني، فعدّدها طارق درغال، المدير العام والمسؤول عن موقع »توظيف.كوم« للشروق اليومي في محورين: »يخص المحور الأول المترشحين الذين تمكّنهم هذه التقنية الجديدة في البحث عن فرص عمل من التسجيل على الموقع مجانا، ومن سهولة وعملية في تصفح عروض العمل التي يبثها الموقع على مدار اليوم وطوال أيام الأسبوع، بالإضافة إلى تحديث يومي لطلبات العمل والسماح بإعطاء تفاصيل أكثر عن السير الذاتية مقارنة مع الطبعة الورقية، ناهيك عن ربح الوقت والجهد وسهولة البحث، فيكفي إدخال كلمة مفتاحية ليقوم محرك البحث بالباقي. أما المحور الثاني، فيخص المؤسسات التي تضمن لهم هذه التقنية نشرا سريعا لعروض العمل وسهولة في جمع طلبات المترشحين وتسييرا سهلا لهذه الطلبات وتخفيض تكلفة التوظيف وكذا الوقت، فضلا عن إمكانية إيجاد أحسن الكفاءات في جميع أنحاء الوطن وسهولة في تبادل المعلومات. * * شباب يعلّقون آمالا على التقنية وآخرون لم يسمعوا بها أصلا! * تباينت آراء الشباب الذين استجوبناهم حول هذه التقنية الالكترونية في التوظيف بين جاهل لها وآمل في تطورها أكثر فأكثر... »نبيلة«، خريجة حقوق منذ سنتين وبطالة، أخبرتنا أنها لم تسمع بأن هذه التقنية معمول بها في الجزائر، حتى أنها استغربت عندما أخبرناها أن هناك على الأقل موقعين مختصين، »لقد جربت كل الطرق التقليدية في البحث عن عمل سواء إرسال طلبات عمل إلى الجرائد أو قراءة عروض العمل المنشورة أو توصية أقربائي ومعارفي بالبحث عن منصب يناسب تخصصي... لكن لاشيء من هذا كان له جدوى... لكنني لم أسمع عن التوظيف الإلكتروني بالجزائر، ربما لأن علاقتي بالانترنت ليست وطيدة«. * مريم، 27 سنة، خريجة معهد الترجمة، تحكي مغامرتها مع التوظيف الإلكتروني »في البداية عندما تخرجت وجدت، عن طريق أحد معارفي، عملا بسيطا في إحدى وكالات الإشهار، فقبلت، لكنني في الآن ذاته كنت أسعى إلى تحسين قدراتي المهنية بالتكوين في ميادين عديدة، كما كنت أبحث عن عمل آخر يكون في تخصصي فسمعت بأن هناك مواقع متخصصة يعرض فيها عدد كبير من الشركات مناصب عمل مهمة، فقررت أن أتصفحها وفعلا بعد مدة وجدت منصب مترجم في إحدى الشركات الخاصة الكبيرة، فقدمت ترشحي وتم قبولي وأنا أعمل بها منذ سنة... وأسرّ لكم أنني لا أزال أتردد على هذه المواقع علّني أجد منصبا أحسن... أظن أنها تقنية أكثر فعالية مقارنة مع القنوات التقليدية«. * * مترشحون من مختلف الأعمار والمستويات و70 بالمائة يبحثون عن مناصب أحسن * أفادت الأرقام والإحصائيات التي تحصلنا عليها بشأن التوظيف الإلكتروني بالجزائر، بأن الباحثين عن العمل عبر الشبكة العنكبوتية من مختلف الأعمار والمستويات، حيث أشارت دراسة قام بها موقع »توظيف« إلى أن معظم هؤلاء المترشحين هم رجال بنسبة 66.59 بالمائة مقابل 33.41 بالمائة نساء. * الدراسة أوضحت أيضا أن نسبة معتبرة (30 بالمائة) من المسجلين في هذا الموقع ليسوا بطالين، بل يشغلون مناصب لكنهم يبحثون عن فرص أخرى تكون أحسن أو في مجال تخصصهم، مقابل 69.5 بالمائة بطالين يبحثون عن عمل. * دراسة أخرى أجراها موقع »أوبلواتيك« حول المستوى التعليمي والمهني للمترشحين لديه، ذكرت نسبة أكبر لهذه الفئة التي تملك عملا، حيث أشارت إلى أن 70 بالمائة من طالبي العمل يشغلون مناصب أو لديهم خبرة ويبحثون عن الأفضل، وأن 10 بالمائة منهم يشغلون منصب إطار مسير و30 بالمائة بين خبير ومرسّم، مقابل 17 بالمائة طلبة. * أما عن مستواهم التعليمي، فإن أكبر نسبة سجلت لدى الذين يملكون شهادة الليسانس فما فوق ب62 بالمائة، تليها مستوى النهائي + سنة أو سنتين في الجامعة ب19 بالمائة ومستوى النهائي فقط ب19 بالمائة أيضا. * لخبرة المهنية أيضا تتفاوت، لكن تبقى أكبر نسبة في المترشحين لعروض العمل من ذوي الخبرة المحدودة، حيث أن 39.8 بالمائة منهم ممن تقل خبرتهم عن سنة، في حين تقدر ب19.8 بالمائة بالنسبة للذين يملكون بين سنة وسنتين من الخبرة وفقط 8 بالمائة ممن يملكون خبرة تعادل 10 سنوات أو أكثر. * * الأشغال العمومية والصناعة أكثر قطاعين يوظفان عبر الانترنت * تصدّر قطاع البناء والأشغال العمومية قائمة القطاعات التي تعرض أكبر نسبة من مناصب الشغل على الانترنت، حسب الدراسة التي قام بها موقع »توظيف« بنسبة وصلت إلى 26 بالمائة، في حين سجلت أدنى نسبة في مجال الإعلام الآلي والاتصالات. * الترتيب الذي أوردته دراسة الموقع المنافس »أومبلواتيك« جاء مختلفا عن الأول، حيث كانت المراتب الثلاثة الأولى من نصيب كل من قطاع الصناعة ب29 بالمائة والتجارة والتوزيع ب21 بالمائة والاتصالات والإعلام الآلي ب16 بالمائة. * وعن قطاع البناء والأشغال العمومية، الذي احتل صدارة الترتيب في الدراسة الأولى، فقد أشارت هذه الدراسة إلى أنه يعرف نموا مذهلا بين 2008 و2009 وصل إلى 10 بالمائة من المؤسسات التي توظف عبر الانترنت. * المصدر ذاته أوضح أن أغلب المؤسسات التي توفر عروضا للعمل متمركزة في العاصمة بسبب التواجد الكبير للشركات متعددة الجنسيات والإدارات، حيث أن 87 بالمائة من عروض العمل تخص الوسط، يله الغرب ب9 بالمائة ثم الشرق ب2 بالمائة والجنوب ب2 بالمائة أيضا.