يشارك الأفلان في المشاورات التي يقودها أحمد أويحيى بشأن مسودة الدستور برأسين، وبلجنتين تقوم كلاهما بصياغة مقترحات سيتم إرسالها إلى الرئاسة، بسبب تمسك بلعياط بكونه منسق الحزب، وإصرار القيادة على رأسها عمار سعداني بوصف جماعة بلعياط بأنها تغرد خارج السرب. تطور الخلاف داخل حزب جبهة التحرير الوطني إلى استدعاء ثمانية قياديين، للمثول أمام لجنة الانضباط، في مقدمتهم وزير النقل السابق عمار تو، وقد تلقى هؤلاء استدعاءات عن طريق المحضر القضائي، وسط تهديدات بفصل المعنيين في حالة عدم المثول، ويحدث هذا تزامنا مع قيام أعضاء اللجنة المركزية الغاضبين على القيادة والذين يتمسكون بعدم الاعتراف بعمار سعداني بصفته أمينا عاما، على تنصيب لجنة لدراسة مشروع مسودة الدستور، وصياغة مقترحات سيتم إرسالها لاحقا إلى رئاسة الجمهورية، وهو ما أكده عبد الرحمان بلعياط منسق التقويميين، الذي يرى بأن الاستشارة التي أطلقتها الرئاسة والتي تستهدف أحزابا وشخصيات، لا تعني جهة معينة في الأفالان بل كل الحزب، وهي لا تستهدف مباشرة عمار سعداني، قائلا بأنهم تجاوبوا مع مشروع مسودة الدستور باسم الأفالان، لذلك قاموا بتنصيب فوج عمل يضم نوابا وأعضاء في اللجنة المركزية ومنتخبين محليين ومناضلين، في حين سيتم إرسال المقترحات التي تعكف تلك المجموعة على صياغتها لاحقا إلى الرئاسة، التي تعترف حسب المتحدث بالأفالان وليس بعمار سعداني، ويعتقد بلعياط بأن الرئاسة لن تتجاهل آراءهم فيما يتعلق بتعديل الدستور، بل ستأخذ برأيهم. في حين أشارت مصادر من اللجنة لمركزية بأن المقترحات التي يتم صياغتها سوف تتجنب الانشقاق داخل الأفالان، وستركز خاصة على إعادة الاعتبار لهذه التشكيله بصفتها القوة الأولى في البلاد، بعد أن خيب التعديل الحكومي الأخير آمال القيادة، التي كانت تنتظر أن يحظى الحزب العتيد بمكانة أفضل ضمن الجهاز التنفيذي، ولا يعتقد التقويميون أن يتجاهل أحمد أويحيى مقترحاتهم، طالما أن الأرضية التي صاغتها الرئاسة فتحت المجال أمام كل الجزائريين للمساهمة في مناقشة مسودة تعديل الدستور، بدليل استدعاء شخصيات من الحزب المحل، لذلك فإنه لا يمكن أن لا يقبل مدير الديوان بالرئاسة أحمد أويحيى بمقترحات التقويميين، وفق رأي نفس المصادر. في حين ترفض قيادة الحزب الاعتراف بأعضاء اللجنة المركزية المنشقين عنها، ويؤكد في هذا السياق مصطفى معزوزي عضو المكتب السياسي للأفالان بأن الأمانة العامة نصبت لجنة مختصة لمناقشة مسودة الدستور برئاسة سعيد بن دعيدع عضو المكتب السياسي، معتقدا بأن الاستشارة التي أطلقتها الرئاسة لا تعني التقويميين، بدعوى أنهم مجموعة خارجة عن الإطار القانوني للحزب، "ويمكن لبلعياط أن يقول ما يشاء"، كما يدعي بأنه منسق الحزب، في حين إن قوانين الحزب لا تنص على هذا المنصب، "كما نسب إلى نفسه عضوية المكتب السياسي"، ويصر معزوزي بأن القيادة الوحيدة المعترف بها تتمثل في الأمين العام عمار سعداني إلى جانب المكتب السياسي، معتقدا بأن المنشقين يريدون إضعاف الحزب، لذلك فإن مشاركتهم في المشاورات قد تكون بصفتهم شخصيات وطنية إذا كانوا مصنفين ضمنها، وليس ممثلين عن الأفلان، مذكرا باستدعائهم من قبل لجنة الانضباط للمثول أمامها، موضحا بأن الرئيس له كل الحرية في استشارة من يراه مناسبا، غير أن القيادة الشرعية للحزب هي الأمين العام عمار سعداني، ويعتبر معزوزي بأن بلعياط يغرد خارج السرب. مع العلم أن إصرار جناحي الأفلان على المشاركة في مشاورات تعديل الدستور بصفة منفردة سيعمق الخلاف داخل هذه التشكيلة، التي عجزت عن جمع صفوفها رغم أنها مقبلة على مواعيد جد مهمة، وهي المصادقة على مشروع الدستور وكذا الانتخابات التشريعية المسبقة التي سيتم تنظيمها الربيع المقبل، وهو ما قد يهدد انحصار تواجد الأفلان داخل الغرفة التشريعية، مقابل بروز تشكيلات صاعدة تقوم بالبحث عن مكانة لها.