يؤشر الحضور النوعي لممثلي أطياف عديدة في ندوة الانتقال الديمقراطي المزمعة بزرالدة، هذا الثلاثاء، على أنّ المعارضة الجزائرية في طريقها لعقد ثاني أكبر تجمع سياسي من نوعه بعد ذاك الذي احتضنته روما في 13 جانفي 1995، وأثمر آنذاك عقد سانت إيجيديو. أتى إعلان جبهة القوى الاشتراكية عن مشاركتها في اللقاء بعد 72 ساعة، ليزيد من (ثقل) ندوة الانتقال الديمقراطي، سيما مع تأكيد عرّابي الموعد أنّ كل الفعاليات التي جرى دعوتها وافقت من حيث المبدأ على الحضور، وبين هؤلاء شخصيات وازنة وتشكيلات من ألوان مختلفة نجد بينهم فعاليات وطنية إسلامية ويسارية. وإذا ما تأكّد فعليا هذا الحضور المكثف، فإنّ الندوة بنظر مراقبين ستستفيد من دعم يدفعها للمضي قدما في رهانها على تحقيق اتفاق على رؤية واضحة لشروط الانتقال الديمقراطي التعددي والسليم، طبعا إذا ما حصل هناك توافق وديمومة. وظلّت المعارضة على مدار التسعة عشر سنة المنقضية تعمل بشكل مشتت، حيث خابت كل المساعي لإنضاج خطط جماعية، بما فيها مبادرة (9 + 1) في 2004، أو المبادرة الثلاثية التي قادها الراحل "عبد الحميد مهري" مع كل من "حسين آيت أحمد" و"مولود حمروش" بين سنتي 2005 و2007. ويبقى حوار عقد روما المعروف بلقاء "سانت إيجيديو"، الأكبر من نوعه في تاريخ المعارضة بالجزائر(شتاء 1995) شاركت فيه ثمانية أحزاب وجمعيات بينها الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة، فضلا عن عبد الحميد مهري أمين عام جبهة التحرير الوطني وقتذاك، عبد الله جاب الله رئيس حركة النهضة آنذاك، الراحل محفوظ نحناح، نور الدين بوكروح رئيس حزب التجديد، المحامي علي يحيى عبد النور، جبهة القوى الاشتراكية بزعامة حسين آيت أحمد، الحركة من أجل الديمقراطية بقيادة الرئيس الراحل "أحمد بن بلّة"، والشيخ الحسين السليماني الذي لعب دورا فعالا في ذاك اللقاء. وأنتج اجتماع روما أرضية للخروج من الأزمة السياسية غداة الذي حدث في شتاء 1992، وتوافق المشاركون حينها على إدانة وإيقاف العنف بمختلف أشكاله، والتفاوض بين الأطراف المتصارعة، وكان لعقد روما صبغة رسمية، حيث حضر حفل التوقيع رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الإيطالي ومندوبون عن بعض الأحزاب الإيطالية وعن سفارات أمريكا وفرنسا وإسبانيا، بيد أنّ السلطة آنذاك رفضت عقد روما بشكل قاطع. ويبقى التساؤل حاليا، إذا كانت السلطة تجاهلت عقد روما واتهمت عرّابيه ب"الخيانة" و"العمالة" متكئة على أنّ الأرضية تمّ إنتاجها على أرض أجنبية، فكيف ستتعامل السلطة ذاتها مع الأرضية التي ستتمخض عن قمة زرالدة (الوطنية)؟