يمر أكثر من شهرين ونصف على مصادقة البرلمان على الدستور الجديد الذي دخل حيز التنفيذ بعد صدوره في الجريدة الرسمية بتاريخ 7 مارس الفارط، لكن الحديث عن القوانين العضوية المنبثة من الدستور يغيب كليا، وكأن الأخير لم يعد ضمن أولويات السلطة التي تعيش "تراخيا سياسيا" يثبت أن الرهان كان فقط ربح معركة تمرير الدستور على أنه آخر حلقة من حلقة الإصلاحات السياسية. ولا يقتصر الأمر على عدم إفصاح وزارة الداخلية والجماعات المحلية عن القوانين التي تعمد على تحضريها أو تكيف بعض موادها مع نص الدستور، بل يتعداه إلى أحزاب الموالاة التي كانت تروج للدستور وكأنه الحل لكل المشاكل التي تعيشها البلاد، ليتحول بعدها النقاش من إصلاحات الدستور إلى عودة وزير الطاقة الأسبق شكيب خليل وجولاته إلى ولايات الوطن، بالإضافة إلى أزمة البترول والتحديات الاقتصادية التي طغت على المشهد السياسي في الأشهر الأخيرة. وترى الخبيرة في القانون الدستوري فتيحة بن عبو، أن السلطة ليست مربوطة بأي نص قانوني يفرض عليها ضرورة التعجيل في الإفراج عن النصوص القانونية المعدلة أو التي سيتم تكييفها، بالنظر إلى أن الدستور لم يأت بتعديلات جوهرية تمس بطبيعة النظام ولهذا فإن السلطة مرتاحة سياسيا في ملف الدستور وبإمكانها مواصلة العمل بالقوانين السارية المفعول حاليا، وتقدم الخبيرة الدستورية مثالا ببعض المواد التي مرت عليها 20 سنة لكن لم تعدل لغاية الآن. وتضيف فتيحة بن عبو، ل"الشروق" أن الأولويات تغيرت في أجندة السلطة، فالأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، والضائقة المالية ومعضلة تنويع الاقتصاد غطت على كل الملفات، وباتت تجبر السلطة على التفكير بها جديا قبل فوات الأوان خاصة أن كل المؤشرات تدل على أن الجزائر ستدخل في سنوات عجاف. وتعتقد الخبيرة أن الدستور كان بمثابة تحد لرئيس الجمهورية، وتم الترويج له على أنه ثمرة من ثمرات الإصلاح ليس إلا، وهذا التحدي تم غلقه بمجرد مصادقة البرلمان على القانون. وتتوقع محدثنا أن تبادر السلطة بالإفراج عن قانونين عضويين قبل نهاية شهر جويلية ويتعلق الأمر بالقانون العضوي الذي ينظم العلاقة بين الحكومة والبرلمان بغرفتيه وقانون الانتخابات باعتبارهما قانونين استعجاليين وضروريين لعمل الهيئة التشريعية، وبحكم أن الجزائر مقبلة على الانتخابات التشريعية عام 2017، وتعهد الرئيس بإنشاء لجنة وطنية مستقلة لمراقبة الانتخابات وتوسيع دور المعارضة البرلمانية.