في سنوات انتشار الضّلال الشيوعي في وطننا كان أحد عليمي اللسان ممن أوحى إليهم الشيطان بهذا الضلال، كان "منافقا شيوعيا"، أي يتبنى الأطروحات الشيوعية بلسانه، ويعيش عيشة البرجوازيين.. وكان في دعواه ساخرا من "المغفلين" الذين يصفقون له وهو "يتمشدق" عليهم، و"يشطح" على نغمة "الدين أفيون الشعوب"، وعندما يغيب "عقله" - إن كان له عقل- في "الحضرة الشيوعية"، يصيح: إن الإسلام دين رجعي، وأنه يدعو إلى الطبقية.. ولكي يقنع "الأغرار" - جمع غرّ- بضلاله يورد الآية الكريمة "والله فضل بعضكم على بعض في الرزق"، فيزداد تصفيق "البلّة" حدة وحرارة، ويخيّل إليه أنه بلغ المقصود.. وهو صد الناس عن سبيل الله.. وانتصر ل"إلهه" الذي ظل عليه عاكفا.. ثم ينصرف ممتطيا أغلى سيارة، إلى قصره المشيد.. حيث يمارس شهواته من اللحم المشوي ومن "اللحم الحي".. ضاحكا - عمليا- على أولئك الذين كانوا يصفقون له، ويصدقون دعواه.. إن التفاضل في الرزق إنما يصنعه الإنسان، فالعامل المجتهد ليس كالإنسان الخامل الكسول المتسكع.. والتفاضل في الرزق تصنعه "السياسة الفاجرة" التي "ترفع" جاهلا إلى منصب سام فيمد يده إلى المال الحرام، فيأخذ منه بالسرقة، والرشوة.. ولكي يحافظ على مكتسباته غير الشرعية وغير الشريفة يلجأ إلى أساليب شيطانية، منها الإدلاء إلى من بأيديهم مقاليد الأمور بطائل الأموال حتى يوفروا له الحماية اللازمة، والاستمرار فيما هو فيه. ومع ذلك فإن التفاضل "في الرزق" في الإسلام ليس معناه التفاضل (بالرزق)، فقارون كانت مفاتيح خزائنه تنوء بالعصبة أولى القوة، ولكنه لم يكن يساوي في موازين الشرف والمروءة شِسْعَ نعل هارون - عليه السلام-، الذي لم يكن يملك من حطام الدنيا إلا ما يسد به رمقه ويقيم صلبه.. وإن فرعون الذي زعم أن له ملك مصر، وأن الأنهار تجري من تحته لم يكن يساوي "عصا موسى" - عليه السلام- الذي قال لله -عز وجل- معترفا بفضله عليه وبفقره إليه: "رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير"، وتعاقد مع شيخ مَدْين ثماني حجج يعول بمدخولها البسيط نفسه وأهله.. وإن سيد الأولين والآخرين - صلى الله عليه وسلم- لم يكن يشبع من خبز الشعر، وكان يربط الحجر على بطنه الشريف.. في حين كان أبو جهل وأمثاله يملكون مكة شجرا، وحجرا، وبشرا.. إن ادعياء الشيوعية اليوم يعيشون - رغم إصرارهم عليها وتمسكهم بها - عيشة المترفين.. ومع ذلك فإن كثيرا من شيوعيي الدول الأجنبية أشرف وأنبل وأصدق من شيوعيينا، فأولئك عاشوا مع أقوامهم، ولم يخادعوهم، كما فعل شيوعيونا، الين باعوا "الهوى" و"بحر الشيطان" للناس، بينما هم يعيشون في رُفَهْنِيّة لم يحلم بها حتى كثير من الأغنياء..