ككل شهر رمضان من كل سنة، تتسابق الجمعيات الخيرية إلى إعانة مختلف شرائح المجتمع المعوزة، في صور تلاحم وتكافل تبعث على الارتياح، خصوصا أن جل الناشطين شباب في مقتبل العمر. إلا أن الغريب في الأمر هو قيام أعضاء هذه الجمعيات وحتى المتطوعين العاملين فيها، بتصوير الأنشطة التي يقومون بها من خلال مطاعم الرحمة، وتوزيع قفف رمضان، وتنظيم إفطار جماعي للفقراء أو اليتامى، ونشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، دون إذن أو استشارة الأشخاص المعنيين بالأمر. وهو ما يربك هؤلاء ويدخلهم في دوامة من القلق. المتتبع لمواقع هؤلاء، يجدها تضج بصور عائلات ومعوزين، وثّقت بهم جميع مراحل الأعمال الخيرية، دون الحصول على إذن الذين شملتهم الصور ولا أدنى اعتبار لمشاعرهم التي تخدشها هذه الخطوة. وقد يعتبر الكثير من هؤلاء أن هذا التصرف عادي، لكون مواقع التواصل الاجتماعي فضاء يمثل واجهة وأنشطة هذه الجمعيات، إلا أن الكثير ممن تحدثنا إليهم يعتبرونه إهانة وتشهيرا بالمعوزين والمحتاجين الذين يستفيدون من خدمات هذه الجمعيات، سواء عبر موائد الإفطار الجماعي أم الوجبات الساخنة أم حتى المشاركة في الحفلات المقامة على شرفها، إذ يجد المعوز نفسه مجبرا على السكوت وعدم الاحتجاج على أخذ الصور له مع جهله بنشرها على هذه المواقع، وذلك لأن من أهانوه، أطعموه أيضا، ولأن حاجته إلى الطعام في هذا الشهر الفضيل وعوزه وواجب إطعام أطفاله... تجعله يرضخ للأمر الواقع مجبرا لا مخيرا.