يعرف النشاط الخيري مع العائلات المعوزة خلال شهر رمضان بولاية وهران، انتعاشا ملحوظا تعكسه العمليات التضامنية المتمثلة في فتح مطاعم الإفطار وتوزيع قفة رمضان التي يمولها المحسنون الخواص الذين يتاجرون مع الله سبحانه وتعالى. وتعد لجنة مسجد “أبن تيمية” المتواجدة بوسط مدينة وهران واحدة من أيادي الخير التي تمتد للمحتاجين خلال هذا الشهر الكريم، حيث تقوم بتجهيز وجبات الإفطار يوميا لتوزيعها على المرضى الذين يرقدون بمختلف المؤسسات الاستشفائية والمرافقين لهم خلال شهر رمضان، لاسيما وأن العديد منهم قدموا من الولاياتالغربية والجنوبية الغربية من الوطن، طلبا للعلاج. حيث يعكف الشباب المتطوع منذ الصباح، على تحضير أطباق وجبة الإفطار بمقر الإتحاد العام للعمال الجزائريين، المتواجد بنفس الحي كخلية نحل، كل واحد منهم منشغلا بأداء العمل المنوط به، وهذا ما وقفنا عليه خلال زيارتنا للمقر، حيث تعتمد اللجنة في تمويلها على ما يقدمه المحسنون من مواد استهلاكية وكذا الخضر، الفواكه واللحوم بأنواعها، ملتزمين بشروط النظافة، الحفظ والتبريد قصد تقديم وجبة صحية وغنية للمرضي والأشخاص المرافقين لهم. وتصل عدد وجبات الإفطار التي تقوم اللجنة بتوزيعها إلى 200 وجبة يوميا، منها الوجبات الخاصة بالمصابين بالأمراض المزمنة الذين يتقيدون بالرجيم، حسب ما أكده لنا أحد المتطوعين الشباب الذي أضاف أن اللجنة شرعت في هذا العمل التضامني منذ ثلاثة سنوات، وذلك على مستوى مستشفى مسرغين الذي كانت تحضر به وجبات الإفطار، وأصبحت حاليا تحضر بمقر الاتحاد بعدما توسعت العملية لتمس جميع المرضى والمرافقين لهم، من المتواجدين بالمؤسسات الاستشفائية لولاية وهران، ماعدا تلك التي رفضت الإدارة المبادرة الخيرية، على غرار مستشفى أول نوفمبر بإيسطوا ومستشفي السرطان بمسرغين. وبالموازاة مع ذلك، تقوم اللجنة خلال هذا الشهر الكريم بتوزيع قفة رمضان على العائلات المعوزة التي يتم إحصاؤها على مستوى بلديات ولاية وهران، بعد أن يتم التأكد من عوزها، وقد تم توزيع خلال العشرة أيام الأولى من الشهر الفضيل 350 قفة، لتستفيد نفس العائلات المعوزة من المساعدة ذاتها خلال العشرة أيام الثانية والأخيرة من الشهر، حسب تبرعات المحسنين التي تصل يوميا إلى المقر، حيث يقوم الشباب بتجهيزها لتوزيعها فيما بعد على مستحقيها، كما يتم التحضير حاليا لمبادرة لباس العيد لفائدة الأطفال اليتامى والعائلات المعوزة، حيث استفاد 4 ألاف طفل من ألبسة العيد. ولا يتوقف النشاط الخيري الذي تقوم به لجنة مسجد إبن تيمية على شهر رمضان الكريم فقط، كما أوضحه المتحدث لنا، بل يتواصل طوال أيام السنة من خلال المشاركة في المناسبات الدينية الأخرى؛ كإطلاق مبادرة “كبش اليتيم” التي تعطي فيها الأولية لليتامي لإدخال الفرحة عليهم، حيث استفادت السنة الماضية 140 عائلة من أضحية العيد. ويقوم أعضاء لجنة الحي الذين يمثلون مختلف الفئات العمرية، بتنظيم زيارات أسبوعيا للمرضى عبر جميع المؤسسات الإستشفائية للإطمئنان عليهم والرفع من معنوياتهم، لاسيما مرضى السرطان الذين يحتاجون للدعم المعنوي والمادي، لتتجلي بذلك مظاهر التكافل والإحسان بالمجتمع الجزائري في أبهي صورها. أما جمعية “جزائر الخير” التي تحصلت على اعتمادها الشهر الماضي، فقد دخلت مجال العمل التضامني بكل قوة خلال الشهر الكريم، من خلال فتح 05 مطاعم إفطار موزعة عبر أحياء مدينة وهران، على غرار حي يغمراسن وخميستي، والعدد مرشح للارتفاع خلال الأيام المقبلة، حسب ما أكده المكلف بالإعلام على مستوى الجمعية، السيد موات جمال، نظرا للإقبال الواسع للعائلات المعوزة، عابري السبيل وعمال ورشات البناء التي تضطرهم ظروف العمل لقضاء شهر رمضان بعيدا عن العائلة، وتصل الوجبات المقدمة بها يوميا إلى 1000 وجبة، يشرف على العملية طاقم يضم 150 متطوعا من الجنسين يعملون طيلة اليوم، وبعد الإفطار في جو حميمي، حسب ماأكدته الآنسة “صليحة” طالبة جامعية، تعد تجربتها الأولى في العمل التطوعي الذي اختارته للمساهمة في تقديم يد المساعدة لهذه الشريحة المحرومة من المجتمع. والملاحظ خلال هذا الشهر خلافا عن السنوات الماضية، الإقبال الواسع للأفارقة القادمين من دول الساحل والعائلات السورية، للإفطار بمطاعم الرحمة، علما أن مطعم الإفطار المتواجد بحي يغمراسن التابع للهلال الأحمر الجزائري فرع وهران، يستقبل يوميا أزيد من 150 فردا من العائلات الإفريقية. وتتجلى كذلك مظاهر العمليات التضامنية في حملات التبرع بالدم التي تنظمها هذه الأيام الجمعيات الخيرية، بالتنسيق مع مركز حقن الدم على مستوى عدد من مساجد مدينة وهران بعد الإفطار، والتي تعرف إقبالا للمصلين، إلى جانب عمليات الختان الجماعي التي إعتادت الجمعيات القيام بها خلال هذا الشهر الكريم، كما هو الشأن مع جمعية “الأمل فن وأصالة” التي أطلقت هذه الأيام حملة بين أوساط العائلات الوهرانية الراغبة في ختان أبنائها، بالتقدم لتسجيلهم ، حسب ما أعلنته رئيسة الجمعية السيدة “بالفار نصيرة”، حيث ستتكفل الجمعية بتقديم اللباس التقليدي للطفل وتنظيم سهرة ختان جماعي على شرف الأطفال، كما ستنظم إفطارا لمقيمات دار العجزة المتواجدة بحي السلام، وستكون الوجبة الرئيسية هي طبق “الرقاق بالمرق والدجاج” تلبية لرغبتهن، حسب ما أكدته لنا رئيسة الجمعية، وذلك قصد إضفاء جو من البهجة والسمر على هذه الشريحة التي حرمت من دفء وحنان العائلة.