غاب المخرج رشيد بوشارب وأبطال فيلم "الطريق إلى إسطنبول" عن العرض الجزائري الأول في مهرجان وهران، رغم حضور بعض الممثلين الجزائريين، الذين قدموا أدوارا ثانوية جدا. لم يكن العرض الجزائري الأول للفيلم البلجيكي– الفرنسي– الجزائري في مستوى توقعات وانتظار جمهور المخرج رشيد بوشارب، ولا في مستوى الهالة الإعلامية التي رافقت مراحل تصويره. الفيلم الذي دخل المنافسة في مهرجان للفيلم العربي لم يكن "عربيا" ولا "جزائريا" لا من حيث الطرح الذي قدمه السيناريو المضبوط على الإيقاع الغربي ولا من حيث "الكاستينغ". قدم بوشارب فيلما "تلفزيونيا" رصد معاناة أم بلجيكية، "إليزابيت"، تفقد ابنتها، "إيلودي"، صاحبة 18 ربيعا، التي تعتنق الإسلام ثم ترتدي الجلباب وتسافر رفقة صديقها المهاجر ذي الأصول المغاربية، إلى تركيا ومنها إلى سوريا. تعامل بوشارب بسطحية كبيرة مع أخطر قضية مطروحة في العالم الآن. فظهر متساهلا وغير دقيق أو مهتم بالقضية الأم، وهي "داعش"، بينما أعطى مساحة أكبر لمعاناة الغرب من التطرف. اختار أن يتناول زاوية تهم المهرجانات الأوروبية والشركات والقنوات التي ساهمت في تمويل العمل. وفشل بوشارب في "كاستنيغ" الشخصيات السورية المعنية بالقصة. ذلك أن اختياره لكل من فوزي صايشي وعزيز بوكروني ومراد خان كان من دون مبررات فنية.. فهم لم يتقنوا اللهجة السورية وتحدثوا بلهجة "هجينة" لا هوية لها بل وقدمهم في صورة لا تليق بمشوارهم الفني. واختار بوشارب أن يصور بعض الأحداث في تلمسان بدل مدينة هاتاو الحدودية رغم تصويره في إسطنبول أحداث العثور على الفتاة في أحد المستشفيات مبتورة الساق بعد أن نجت من انفجار وتوفي زوجها الشاب الذي عرفته منذ طفولتها زميل دراسة ثم سرعان ما تغيرت أفكاره بعد تصادمه الدائم مع والده وطرده من المنزل العائلي.. الفيلم لم يبرر سبب التحاق الفتاة بالتنظيم الإرهابي واكتفى بالإشارة إلى أن والدها هجر العائلة وهي في سن صغيرة. ولم يفرق بين الإسلام والتطرف، بينما بذل ياسمينة خضرا ورشيد بوشارب وأوليفيي لورال وزيو غالرون جهدا كبيرا لإبراز حجم معاناة الأسر البلجيكية التي تأثر أبناؤها بأفكار أصدقائهم من أبناء المهاجرين.. فهل وصلت الفكرة؟ نعم.. وصلت رسالة الفيلم واضحة جدا. والدليل أن الناقد السينمائي أحمد بجاوي الذي ناب عن فريق العمل، اعترف بتقديم المركز الوطني للسينما الذي دعم العمل بعض الملاحظات الفنية للمخرج. والدليل أيضا أن الفنان السوري أيمن زيدان غادر قاعة "المغرب" مستاء من تسطيح القضية واختيار زاوية تهم الغرب في حين تعيش سوريا الدمار على كل المستويات. وللإشارة، فإن بطلة الفيلم البلجيكية استريد ويتنال حفظت ماء وجه بوشارب بأدائها الرائع وتحكمها في الدور باحترافية عالية على مدار ال92 دقيقة.