أعلنت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، الأحد، عن معارضتها إعادة تفعيل عقوبة الإعدام، ووصفت الداعين إلى ذلك ب "الدواعش" ! على نقيض مطالبة فعاليات سياسية ومجتمعية بضرورة "القصاص" لوقف نزيف الاختطافات التي فتكت بالأطفال، شدّدت الرابطة على أنّها غير مستعدة ل "مسايرة مجموعة متعطشة للدماء وقطع الرؤوس مثل الدواعش" (..). وأياما بعد رحيل البرعمة "نهال سي محند"، ارتضت الرابطة في بيان وقّعه "هواري قدور" الأمين الوطني المكلف بالملفات المتخصصة، التنويه بنضالها منذ سنوات مع شركائها من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، واتهمت الحكومة ب "تحريك بعض الذمم والسياسيين للمطالبة بتطبيق الإعدام". وعلى نحو غريب، جاء في البيان: "في بلدان العالم الثالث بينها الجزائر، غالبا ما تطبّق عقوبة الإعدام على معارضي النظم السياسية وكذلك للفقراء والمهمشين، وليس على المسؤولين الكبار والأغنياء المواليين للسلطة". ورأت الرابطة أنّ الجزائر لم تلغي حكم الإعدام، مستدلة ب 150 حكما ينطق بها القضاة سنويا، عكس 160 دولة عضوة في الأممالمتحدة، ألغت حكم الإعدام كليا.
الترويج لثقافة الموت (..) أوعز "قدور": "بدون لبس ولا غموض ، منظمتنا لا تؤيد مسايرة الداعين للإعدام، هم مثل الدواعش الذين يروجّون ثقافة الموت وقطع الرؤوس"، وأردف: "الإعدام منذ قرون لم يحلّ المشكلة بل عقّدها أكثر، ومن يتهموننا بالتغريد خارج السرب وضدّ قتل الاطفال من أجل تمرير الاعدام، عليهم مسائلة أنفسهم: هل الإعدام الذي نُفّذ في حق العقيد محمد شعباني في بداية الاستقلال كان يسود فيه قضاء عادل ونزيه؟، وهل الحكم بالإعدام ضدّ الراحل حسين آيت أحمد كان صوابا، ولولا هروبه من السجن لكان من المعدومين والقائمة طويلة؟ وتسائل محرّر البيان: "لماذا تتعطشون للدماء وقطع الرؤوس ؟ من فضلكم ابحثوا عن حلول تعالج هذه الظواهر الغريبة على المجتمع الجزائري التي يجب معالجتها مع العلماء النفسانيين والاجتماعيين".
بين العدل والردع طرح "هواري قدور" أسئلة إضافية: هل العدالة الجزائرية مستقلة حقا؟، هل يمكن قبول تنفيذ إعدام للأشخاص أبرياء؟، هل هناك أدلة على أن عقوبة الإعدام وسيلة رادعة للجريمة في مختلف البلدان التي تطبق فيها الإعدام؟. وأحالت الرابطة على كونها رفعت عدة تقارير عن تزايد ظاهرة خطف وقتل الأطفال، وكانت من أشدّ المعارضين لقانون الطفولة الذي زكّاه البرلمان سنة 2015، ولفتت: "لم نسمع صوت واحد من القيادات الورقية، بالعكس كانوا جميعا ضدّ مواقفنا، فكيف يتعطش هؤلاء الآن إلى مناظر الدم، وقطع الرؤوس، وتناثر الأشلاء، التي هي بعيدة عن القيم الإنسانية، والأخلاقية.. وأن يدافعوا ويحسّوا بالمشاعر نحو الطفولة البريئة"، كما استطردت: "أغرب من ذلك لم يتحركوا حول عمالة الأطفال..".
الأولوية للنواحي الاجتماعية والاقتصادية والنفسية رأت الرابطة بكون الاهتمام يجب أن ينصب على النواحي الاجتماعية والاقتصادية والنفسية والمساواة، عبر معالجة الأسباب التي تدفع إلى اقتراف الجرائم، والتحدي يكمن – حسبها - في كيفية تطوير المجتمع بحيث يتم التصدي للمشكلات والآفات الاجتماعية، بعدما أصبحت نسبة 95 بالمائة من أسباب ظاهرة اختطاف الأطفال بالجزائر تعود إلى عوامل "اجتماعية". وطالبت الرابطة خبراء علمي الاجتماع والنفس أن يكونوا في مقدمة المجتمع المدني لمعالجة الآفات الاجتماعية التي أصبحت "واجبا وطنيا"، واقترحت حلولا كمحاربة عمالة وتسوّل الأطفال، محاربة تجار المخدرات والمشعوذين.