إلى زمن قريب كنا ننظر إلى مصر على أنها مدرسة إعلامية كبيرة، وكنا ومازلنا نتمتع بالأداء الإعلامي لحسنين هيكل وحمدي قنديل وغيرهما.. ونجعل منها مدرسة إعلامية نغرف منها كما نغرف من المدارس العريقة بفضل أسبقيتها في الأداء ونوعية ما تقدمه.. ولكن منذ أن سقط الهرم الإعلامي بمعاول فرعونية إدعت أنها "كباتنة" زمانها، تغير الحال وصار الأمر يثير البكاء وكان يثير الإحترام في عهد التوأم أمين وفي الزمن المشرق للأهرام وغيرها من المنابر الإعلامية المصرية المحترمة. * ما نشاهده اليوم زاد من رقعة المهازل الكاريكاتورية، وتحول المشهد الإعلامي لأشبه بالأفلام الإباحية الممنوع مشاهدتها بالنسبة لمن تقل أعمارهم عن الثامنة عشرة، بل ممنوع مشاهدتها على أي رجل محترم في أي بيت عربي أو إسلامي محافظ .. فالذين ادعوا على مدار أشهر أنهم علمونا اللغة العربية وأخرجونا من الظلمات إلى النور وعاثوا في قدسية الرسالة الاعلامية فسادا، بحجة الدفاع عن بلدهم وقيادتهم وشعبهم عادوا الآن بعد أن تركهم منافسهم الجزائري يضربون الهواء لوحدهم في حلبة أنجزوها بأوهامهم، فتارة يسقطون بالضربة القاضية وأخرى يسقطون أيضا بالضربة القاضية، بعد هذه المنازلة الوهمية التي كانوا فيها المنافس الوحيد والخاسر الوحيد إنهالوا الآن على بعضهم، ولم تعد فضائية عربية تمضي يومها دون أن يقوم إعلامي مصري بذبح زميله، وليت الأمر توقف عند هذا الحد، بل صرنا نتابع مهازل أخلاقية لا يمكن مشاهدتها حتى في الصحف البريطانية الصفراء من تسجيلات إباحية وشهادات متلفزة عن تورط هذا الإعلامي أو ذاك في الوساخة والنجاسة ومن نسج زملائه الإعلاميين وفي كل الحالات يسقط الاثنان وليس المتهم فقط. * من بيروت إلى أبو ظبي إلى القاهرة يتوالى ويتكرر المشهد الإعلامي المصري ويزداد وساخة، ولا ينجو منه إلا القلة، وصارت الصحف المصرية لا تنشر إلا فضائح هذا الإعلامي أو ذاك، وتجد أحيانا في الصفحة الأولى صورة أحمد شوبير بدلا عن صورة مواطن مصري يتزاحم على رغيف العيش، أو صورة عمرو أديب بدلا عن ما يحدث في غزة على بعد كيلومترات من مصر.. العالم بعد أن شاهد الصور الكاريكاتيرية لإعلام مصري أضحك المتفرجين خلال الأزمة التي افتعلوها مع الجزائر يشاهد الآن مقاطع ساخنة فيها الكثير من الإباحية ورائحة المخدرات والرشوة وكأننا في محكمة أو في غابة بولونيا بباريس، حيث كل شيء مباح. * والخلاصة هي بالتأكيد درامية، فالذين ادعوا أنهم مدافعون عن الشرف المصري والتاريخ المصري من البلطجية صاروا الآن بلطجية يترصدون بعضهم البعض ولطخوا صورة الإعلام المصري وأم الدنيا التي أجبروها في هذا المشهد على أن تبتلع أبناءها.