نشر موقع "ساسة بوست"، الأحد، تقريراً عن المسلمة الأمريكية "هوما عابدين" التي تشغل منصباً مهماً في حملة هيلاري كلينتون، المرشحة الديمقراطية في الانتخابات الرئاسية في الولاياتالمتحدة. تُفضل العمل في الكواليس خلف الستار، لا تتحدث للإعلام كثيراً، رافقت هيلاري كلينتون خلال 20 عاماً من حياتها السياسية، وترعرعت في أجواء دينية وثقافية متنوعة، إنها هوما عابدين، المسلمة الأمريكية، التي تعمل نائبة لرئيس حملة كلينتون الانتخابية، وتتمسك هيلاري بها، بالرغم من استغلال خصوم كلينتون الدعائي لوجود هوما في حملتها؛ بسبب أصول هوما المسلمة، وما يقال عن الفضائح الجنسية التي ارتبطت بأسرتها.
من مدارس السعودية إلى تحريك حملة كلينتون الرئاسية وُلدت هوما عابدين، في ولاية ميشيغان الأمريكية عام 1976، من زوجين أكاديميين من جنسيات مختلفة، فالأب هندي والأم باكستانية. عاشت هوما في أمريكا أشهر قليلة، قبل أن تنتقل مع أسرتها وهي في الثانية من عمرها، إلى مدينة جدة في السعودية. وخلال فترة الطفولة والمراهقة، تلقت هوما تعليمها في مدارس دولية في السعودية، قبل أن تعود إلى أمريكا في سن 18 عاماً، لتدرس الصحافة في جامعة واشنطن، وفي عام 1996 تقدمت هوما بطلب للتدريب العملي داخل قسم الصحافة في البيت الأبيض، حيث التقت بسيدة أمريكا الأولى آنذاك هيلاري كلينتون، وتوطدت العلاقات بينهما هناك، وبالأخص بعد قصة العلاقة الجنسية التي جمعت بين بيل كلينتون، وزميلة هوما في التدريب مونيكا لفينسكي، وهي الحادثة التي ظهرت فيها هوما أكثر ولاءً لهيلاري. "عندما كانت هيلاري كلينتون تفرقع بأصبعها وتقول: أريد علكة، كانت هوما عابدين هي التي تجلبها لها"، هكذا يقول صديق لعائلة كلينتون - رفض الإفصاح عن اسمه - لمجلة "نيوزويك"؛ ليُظهر مدى قوة العلاقة بين هيلاري وهوما، وإخلاص هوما لهيلاري، وقد وثقت هيلاري في هوما وقدرت إخلاصها؛ لتمنحها وظائف أكثر أهمية في مجلس الشيوخ، وخلال عمل كلينتون وزيرة للخارجية الأمريكية، شغلت هوما منصب نائب رئيس موظفي كلينتون في وزارة الخارجية في الفترة من عام 2009 وحتى عام 2013، كما عملت هوما في مؤسسة كلينتون. عندما تزوجت هوما في 2010، من السياسي الأمريكي أنتوني وينر، حضرت هيلاري حفل زفافهما وقالت "لدي ابنة واحدة، لو كان لدي ابنة ثانية لكانت هوما"، وتعمل هوما نائبة لرئيس الحملة الانتخابية لهيلاري، المرشحة عن الحزب الديمقراطي، في انتخابات الرئاسة الحالية، ويصف ماندي جرنولد - مستشار سابق للرئيس الأمريكي بيل كلينتون - هوما ب"هيلاري الصغيرة" ويقول "أينما تذهب هيلاري تذهب هوما"، موضحاً "عندما سافرت هيلاري إلى شيكاغو لمناقشة كيف ستكون السياسة الخارجية مع الرئيس باراك أوباما المنتخب حديثاً آنذاك، كانت هوما معها". ولفت أيضاً إلى وقوف هوما بجانب هيلاري أثناء استجواب الكونغرس لهيلاري؛ بشأن مقتل أمريكيين في الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي عام 2012، في استجواب استمر ل11 ساعة، مُضيفاً "أنا لست متأكد من أن هيلاري تستطيع أن تخرج من الباب بدون هوما". وتتنوع أوصاف الصحف والمجلات العالمية لهوما في منصبها الجديد ما بين "المحرك الأساسي لحملة كلينتون" و"ابنة كلينتون الثانية" و"سلاح كلينتون السري" خلال حملتها الانتخابية، ولا تزال هيلاري متمسكة بهوما، بالرغم من الدعاية المضادة التي نالت من كلينتون؛ بسبب هوما. اتهامات تلاحق هوما "إرهابية.. إخوانية.. جاسوسة للسعودية" تتنوع الاتهامات التي تُلاحق هوما بسبب خلفياتها الدينية وعيشها لفترة في السعودية، وقد أنشأ والدها قبل وفاته "مركز شؤون الأقليات الإسلامية"، ومجلة تحمل نفس الاسم، تديرها الأم حالياً، وهي مجلة علمية وأكاديمية تدرس القضايا المتعلقة بالأقليات المسلمة في المجتمعات الغربية، وقد عملت هوما فيها لعدة أعوام، وينفي رئيس المجلة أن يكون لهوما دوراً حقيقياً في المجلة، قائلاً لصحيفة نيويورك بوست: "كانت متطوعة، ولم تعمل كثيراً، ولم تتلقَ حتى أجراً على عملها"، وهو ما أكدت عليه حملة كلينتون، عندما أفادت بالمشاركة الضئيلة لهوما في المجلة. ولكن الجمهوريين يعتبرون، أن المجلة "إسلامية متطرفة" تروج ل"الشريعة المتشددة"، ويعتبر الجمهوريون هوما وأسرتها مشتبهاً بهم؛ لأن هيئة تحرير المجلة، تضم السعودي عبد الله عمر نصيف، وهو أستاذ جامعي، والأمين العام السابق ل"رابطة العالم الإسلامي"، ويعتبرون أنه كانت لها علاقات بمنظمات تدعم المجاهدين في أفغانستان وتنظيم القاعدة. ويتحدث موقع القنطرة عنه "يقال إن له علاقات بجماعة الإخوان المسلمين، وفي أمريكا لا يعلم سوى القليلين أن وضع جماعة الإخوان المسلمين ليس جيداً منذ عدة سنوات في السعودية، وقد تم حظرها هناك في عام 2014 كمنظمة إرهابية". ولا تتوقف محاولات أخونة هوما على الجمهوريين فقط؛ إذ تسعى الصحف المؤيدة للنظام المصري أيضاً إلى أخونتها، وجاء عنوان مقال رأي في صحيفة الأهرام تحت عنوان "الإخوانية هوما عابدين"، زعم بوضوح أن هوما "عضو بجماعة الإخوان المسلمين"، وذهب الكاتب عمرو سمير، في مقال له في الصحيفة نفسها إلى ما هو أبعد، عندما قال إن هوما تسعى "بخطة ماكرة" إلى إقناع هيلاري بأن جماعة الإخوان المسلمين تمثل الإسلام المعتدل، مضيفًا "الأمريكيون لن يفهموا؛ بسبب التجاهل المعروف لديهم، أن جميع الجماعات الإرهابية الإسلاموية قد نشأت من جماعة الإخوان المسلمين". وفي السياق ذاته، اتهم روجر ستون - وهو مستشار غير رسمي لحملة المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأمريكية دونالد ترامب - هوما بأنها قد تكون "جاسوسة للسعودية"، وقال إن لهوما ماض "مثير للقلق"، مضيفاً "إنها تأتي من العدم، ومن الواضح أن لديها أموالاً طائلة حتى قبل أن تعمل مع هيلاري". وتابع "لذا يتعين علينا أن نسأل، هل لدينا جاسوسة سعودية في وسطنا؟ هل لدينا عميلاً إرهابياً". واستمر ستون في اتهاماته الدعائية لهوما "أعتقد الآن أن الإرهاب الإسلامي سيكون في الصدارة والوسط، سيكون هناك تركيز جديد على ما ستكون عليه هذه الإدارة، إدارة هيلاري كلينتون (اخُترقت) على أعلى المستويات من المخابرات السعودية وغيرها ممن ليسوا أمريكيين أوفياء". وخرجت عابدين أحياناً عن صمتها الملحوظ، وواجهت التصريحات العنصرية الموجهة ضدها من الجمهوريين، عندما كتبت تغريدة على موقع تويتر، قالت فيها: "أنا فخورة بكوني أمريكية، وفخورة بكوني مسلمة، وأخدم هذا البلد العظيم بفخر. الفخر بدلاً من الأحكام المسبقة". الزواج الذي جلب الفضائح الجنسية واستغله ترامب في عام 2010، تزوجت هوما عابدين، بالسياسي الأمريكي أنتوني وينر، ووينر يهودي الديانة، وعضو في الحزب الديمقراطي، وخلال ست سنوات من الزواج، لم تتوقف الفضائح الجنسية لوينر؛ إذ شهدت سنوات زواجه بهوما ثلاث فضائح جنسية، ففي 2011 استقال وينر من عضويته بالكونغرس بعدما تكشّف إرساله صوراً فاضحة له إلى فتيات عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وبعد شهور قليلة من عودة وينر للسياسة، وترشحه لرئاسة ولاية نيويورك، في عام 2013، تكشف إرساله صور فاضحة له لامرأة تبلغ من العمر 22 عاماً؛ مما ساعد على فشله في الحملة الانتخابية، ومع ذلك استمرت هوما معه، ومع ابنهما "زين" الذي وُلد في ديسمبر من عام 2011، وقالت هوما في مؤتمر صحافي عقب الفضيحة الجنسية الثانية لزوجها "ما أريد أن أقوله هو أنني أحبه وسامحته وأثق به، وقلت منذ البداية أننا مستمران معاً". وفي أوت الماضي، جاءت الفضيحة الجنسية الثالثة لوينر، عندما تكشّف إرساله صورة فاضحة له وابنه نائماً بالقرب منه، العام الماضي، إلى امرأة مطلقة عمرها 40 عاماً، الأمر الذي لم تتحمله هوما هذه المرة مُعلنة الانفصال عنه، في مؤتمر صحافي قالت فيه "بعد تفكير طويل وشاق، اتخذت قراراً بالانفصال عن زوجي.. لا نزال، أنا وزوجي، قادرين على القيام بالأفضل لابننا، الذي يضيء حياتنا خلال هذا الوقت العصيب. أطلب من الجميع احترام خصوصيتنا". ولكن الطلب الأخير، بالطبع لم يستجب له ترامب الذي استغل الأمر دعائياً، واتهم كلينتون بعدم قدرتها على التحكم في الأمور بفطنة، وقال عن هوما - اليد اليمنى لهيلاري - إنها متزوجة من رجل خارج عن السيطرة، مُلمحاً "إنه (وينر) شخص مريض، وكما تعرفون إنها (هوما) المطلعة على معلومات سرية للغاية، ومن المرجح للغاية أن أنتوني وينر قد يكون على علم بالكثير من هذه المعلومات. وهذا أمر فظيع"، ولكن هيلاري لا تزال متمسكة بها، وسط تكهنات صحافية بإعداد هوما لكي تكون وزيرة خارجية أمريكا، إذا ما نجحت هيلاري في الوصول للبيت الأبيض.