كشف وزير الثقافة "عز الدين ميهوبي"، الثلاثاء، عن إنجاب الجزائر لسبعين عملا روائيا هذا العام، رغم استمرار النظر للثقافة ك "طفل يتيم" أو "عجلة خامسة". لدى افتتاحه الملتقى الدولي الخامس عشر للرواية "عبد الحميد بن هدوقة" بحاضرة "برج بوعريريج" (234 كلم شرقي العاصمة)، أبرز "ميهوبي" أنّ "الجزائر تعيش حاليا زمن الرواية"، وأحال على غزارة إنتاج المتن الروائي في التسعة أشهر الأولى من السنة الحالية بواقع بلغ 70 رواية. وإذ استهجن استمرار النظرة النمطية للفعل الثقافي في الجزائر، فإنّه شدّد على استشعار مصالحه لأهمية تحريك السواكن، وألّح على عدم تردد الوصاية في دعم المواعيد الثقافية، سيما تلك المحتفية بمعالم الجزائر على منوال الراحل الحي الأديب الجزائري الكبير "عبد الحميد بن هدوقة" (9 جانفي 1925 – 21 أكتوبر 1996). وفي مقابل توكيده على أن "الدولة لا تصنع روائيين" بل "تدعم الإبداع لوجستيا"، فإنّ الوزير أبدى ألما لاقتصار تواجد الأدب الجزائري في الكتب المدرسية على 2 بالمائة فحسب (..)، مع أنّه يتعين تمكين أطفال الجزائر من التعرف على "أبو ليوس" مؤسس الرواية، محمد ديب، آسيا جبار، مرزاق بقطاش، السعيد بوطاجين وغيرهم. معرض سنوي لكتاب الطفل كخطة بديلة، كشف "ميهوبي" في لقاء صحفي عن تخطيط لتنظيم معرض لكتاب الطفل عشية افتتاح الموسم الدراسي من كل عام، وقال إنّ المجال سيكون متاحا لتسويق الكتاب المدرسي وشبه المدرسي، فضلا عن سائر المؤلفات الموجهة للأطفال، وهو موعد رأى بتشكيله قيمة مضافة وسيساعد المكتبات والناشرين على اكتساب حيوية أكبر. ونوّه "ميهوبي" بتموقع عاصمة "البيبان" كمنارة للإشعاع الثقافي ولاحظ أنّ الملتقى موصول بالسينما وفنون أخرى، مشيدا بإرث "بن هدوقة"، معتبرا الأخير قامة من قامات الأدب العربي، واستذكر الوزير بكثير من الحنين استفادته من "بن هدوقة" في رحلتي 1987 و1995 إلى السعودية وسوريا تواليا، مبرزا أنّ صاحب رائعة "ريح الجنوب" كان يملك حاسة نقدية رفيعة ومعلومات غزيرة، مثلما كان يحسن التوثيق والتدقيق وإعطاء المعلومات، خلافا ل "فريق من أدباء الراهن الذين يكتبون وفقط، ويقدمون معلومات مغلوطة" على حد توصيفه. مدرسة في العطاء الثقافي تابع "ميهوبي": "بن هدوقة مدرسة في العطاء الثقافي، وهو من المؤسسين للرواية في الجزائر، وظلّ بعيدا عن اللغط والغبار، رجل صاحب مبادئ لا تثيره الجعجعات، وكان مثقفا رصينا يساعد في بناء مجتمع جزائري مستقل وحر". وبجانب إشارته إلى ترجمة اتحاد الكتاب ديوان الأرواح الشاغرة" لبن هدوقة بمناسبة سنة الجزائر بفرنسا 2003، تابع الوزير: "الرجل من طينة متفردة في رؤيته للحياة والثقافة والابداع .. بن هدوقة لم يكن كاتبا عاديا .. تبوأ عدة مسؤوليات في هرميات الدولة، وكان منضبطا في أدائه تجاه وطنه، ومن المثقفين الأكثر احتراما في وطنهم وفي الوسط الثقافي والابداعي، وظلّ مسكونا بهاجس الزمن، وفي عمله الشائق "غدا يوم جديد" تشعر أنّه في زمن متحول". نفخ الروح أبدى "عبد السميع سعيدون" والي ولاية برج بوعريريج ابتهاجا باسترجاع ملتقى "بن هدوقة" النبض بعد توقف استمرّ منذ العام 2012، وفي كلمة بالمناسبة، أوعز الرجل الغيور على الثقافة: "تغمرني السعادة وأنا أسهم في إعادة نفخ روح الملتقى وإعادته إلى السكة الثقافية وتكريسه كموعد ثقافي سنوي". وأشاد "سعيدون" بالمكانة الرفيعة لقطاع الثقافة وإنجابه عدة أسماء، مثمّنا تعميق الموعد للبحث في أصول وخبايا وأبعاد الرواية.