الرقم يخصّ فترة 6 أشهر والخبرة العقلية لكشف الحقيقة كشفت مصادر قضائية ل "الشروق" أن 289 متهم من الرجال و 15 من النساء على مستوى محاكم العاصمة تم تحويلهم خلال ستة أشهر الماضية إلى مصالح مستشفى الأمراض العقلية "دريد حسين" لادعائهم الجنون خلال مراحل التحقيق, حيث أسفرت نتائج المتابعة على أن معظمهم حاول الهروب والإفلات من المسؤولية الجزائية. * وحسب مصادرنا فإن هذه الأرقام تمثل فقط عدد المتهمين الذين أدخلوا بالفعل إلى مستشفى الأمراض العقلية بعد ادعائهم الجنون بطلب من النيابة أو المحامين من أجل إخضاعهم للخبرة الطبية, بغض النظر عن الأعداد الهائلة من الحالات التي أصبحت تشاهدها سلطات التحقيق في العديد منها حيث تم اكتشاف تلاعب المتهمين قبل تحويلهم إلى المستشفى. * وفي هذا السياق, كشفت لنا مصادر قضائية على مستوى محكمة "عبان رمضان" عن تحقيق أجري مع 47 متهما في قضية تكوين جماعة أشرار والسرقة بالإكراه في محطة القطار "أغا", حيث ادعى 5 منهم الجنون, إذ بدأ كل متهم يمارس حركات غريبة, أمام النيابة وانتهى المشهد بطبيعة الحال وبطلب من المحامين بتحويلهم إلى مستشفى الأمراض العقلية "دريد حسين" إلا أن النيابة صممت في هذه القضية بالذات على اكتشاف الحقيقة وتم تكليف أحد رجال المباحث للتنكر في شخصية متهم وتم حبسه مع باقي المتهمين, إذ استطاع بعد عدة أيام قضاها داخل الحبس أن يكتشف أن زعيم العصابة قد أصدر أمره لهؤلاء الرجال بادعاء الجنون للهروب من العقاب, ليتم تحويلهم إلى السجن ومعاقبتهم بعشر سنوات سجنا نافذا. * ونفس القضية تقريبا عرفتها محكمة الشراڤة حيث ادعى شاب في الثلاثين من عمره تورط في قضية الإعتداء على قاصر وعند تقديمه أمام وكيل الجمهورية لذات المحكمة بدأ يصرخ تارة ويسقط على الأرض تارة أخرى, ويقوم بحركات جنونية, الشيء الذي جعل وكيل الجمهورية يصدر أمرا بتحويله إلى مستشفى الأمراض العقلية "دريد حسين ", لكن في نفس الوقت تم تشديد الرقابة عليه من بعيد إلى أن افتضح أمره واعترف بالجريمة التي اقترفها وتم تحويله إلى سجن الحراش في انتظار محاكمته. * والغريب في الأمر أن ادعاء الجنون لم يعد يظهر فقط بعد ارتكاب الجريمة, لكن أصبح يمارس بذكاء خطير, حيث يلجأ بعض الأشخاص قبل ارتكاب جريمة دخول المستشفى والحصول كما يقول أحد الأطباء في مستشفى "دريد حسين", على ما يسمونه المادة 4 من قانون الأمراض العقلية التي تشير إلى أن هذا الشخص خطر على نفسه وخطر على الغير وبالتالي تعفيه من المسؤولية الجنائية. * وحسب المعلومات المتوفرة فإن اللحظة التي يقرر فيها إرسال المتهم الذي يدعي الجنون إلى مستشفى الأمراض العقلية لفحصه تعتبر في نظر هؤلاء المتهمين نصف الطريق إلى نجاح خطتهم التحايلية, لكن يجدون أنفسهم أمام كم هائل من الأطباء المطالبين ليس فقط باكتشاف ادعاء الجنون من عدمه ولكن أيضا استخلاص نوع معين من هذه الأمراض التي تنطبق على حال كل مدع للجنون.