شدّد محمد السعيد رئيس حزب الحرية والعدالة على أنّ تأمين الانتخابات القادمة لن يتحقق بالنوايا الحسنة والتعبير عن الإرادة السياسية، بل أثبت الواقع أن لا عبرة سوى بالأفعال في الميدان، وعلى خلاف أطراف في المعارضة، يظهر الرجل غير متفائل بتغيير فعلي في الخارطة السياسية عام 2017، وإن رفض التشكيك في رغبة رئيس الجمهورية في نزاهة الاستحقاقات التشريعية المرتقبة، فقد أوضح أنّ الإدارة والأحزاب المستفيدة هي التي تقرّر مصير الانتخابات. هذا، واعتبر محمد السعيد الذي نزل ضيفا على منتدى "الشروق" أنّ الحديث عن العهدة الخامسة في التوقيت الراهن يهدف إلى صرف الأنظار عن التحديات اليومية والحقيقية التي يواجهها الجزائريون بفعل تراجع أسعار النفط والأزمة المالية التي تتخبط فيها الخزينة العمومية . وفي شأن آخر، وصف وزير الاتصال السابق انسحاب وزراء حكومة سلال من المنتدى الإفريقي الجزائري للاستثمار خطأ سياسيا كبيرا مهما كانت الخلافات، داعيا للكشف عن نتائج التحقيق الذي باشرته رئاسة الجمهورية. قال إنّ نزاهة العملية لن تتحقق بالنوايا والأقوال "لا علم لي بتورط المخابرات في تزوير الانتخابات" يبدو محمد السعيد غير متفائل بشأن إمكانية تغيير عميق في المشهد السياسي في الانتخابات القادمة، على اعتبار أن العقلية والميكانزيمات التي تحكم اللعبة الانتخابية هي نفسها، وقال إن التغيير الوارد يهم إعادة ترتيب تموقع بعض الأحزاب السياسية أو تقليص عددها بفعل الإقصاء الناتج عن نسبة المشاركة. وأضاف المسؤول الحزبي، أن التفاؤل بالتغيير ساد في 2012، إذ كان هناك إجماع على استحالة فوز أي حزب بأكثر من مائة مقعد في البرلمان بما فيها حزب جبهة التحرير الوطني الذي كان يواجه أزمة داخلية حادة، لكن في النهاية فوجئ الجميع بمنح الحزب العتيد 220 مقعد، مشيرا إلى أن نفس السيناريو قد يعيد نفسه، خاصة وأن طريقة تشكيل الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات أغلقت الباب للطعن في النتائج، بالنظر إلى أن تشكيلتها معينة من القضاة والمجتمع المدني، وغابت عنها الأحزاب السياسية التي لا تمثيل لها خلافا للاستحقاقات الانتخابية السابقة. وقال محمد السعيد إنه لا يمكن نفي أو تأكيد تورط جهاز المخابرات أو مصالح الأمن في التلاعب بالنتائج، لكن هناك اتهامات توجه للإدارة، مستطردا: "أنا لم أسمع سياسيا تحدث عن تزوير المخابرات لنتائج الانتخابات، لكن حتى لو افترضنا وجود أدلة عن هذا التورط، فلا يمكن تحميل المخابرات وحدها المسؤولية لأن هناك في وسط القوى السياسية من يزوّر أو يستفيد من التزوير". واعتبر المتحدث في ذات السياق أن اختيار رئيس الهيئة العليا للانتخابات بالمواصفات المطلوبة، لن يمنع بالضرورة حدوث تجاوزات خلال الاستحقاقات التشريعية المقبلة، مؤكدا أنه لا يشك أبدا في نوايا رئيس الجمهورية التي عبّر عنها عبد الوهاب دربال، لكنه أوضح أن حزبه يرفض الأخذ بالنوايا كمعيار في الحكم على نزاهة الانتخابات المقبلة، وقال إن السياسة أقوال تتبعها أفعال، مشيرا إلى أن تأمين الموعد الانتخابي المقبل يكون باتخاذ وتطبيق إجراءات صارمة وشجاعة لضمان الشفافية، قائلا "إن التجارب بينت أن الأمور في الميدان غالبا ما تكون مناقضة للخطاب الرسمي، لكن ما هو غير مقبول أن لا يكون هناك رد فعل من الجهة التي أعطت التطمينات....إذن هناك أزمة ثقة". وصف خطاب الرئاسيات بمحاولة القفز على المشاكل "النظام يحسم مسألة الحكم في "اللحظات" الأخيرة" يعتقد رئيس حزب الحرية والعدالة، محمد السعيد، أن الحديث عن العهدة الخامسة سابق لأوانه، ويُراد من ورائه صرف النظر عن الأمور الجوهرية وأمهات القضايا التي تواجه بلادنا، متسائلا عن الجدوى من طرح هذا الموضوع، في وقت لا يزال يفصلنا عن انقضاء العهدة الحالية قرابة ثلاثين شهرا. وقال محمد السعيد، خلال نزوله ضيفا على منتدى "الشروق"، إن الوضعية المالية والمشاكل الداخلية جعلت البعض يندفع للقفز فوق الحقائق، ويأخذ الرأي العام لنقاش آخر لا يزال أوانه بعيدا، مضيفا: "دائما نقول ليس العبرة في عدد العهدات، بقدر ما إذا كانت هذه العهدات في صالح الجزائر أم لا". ومن منظور ضيف "الشروق" فإن المستفيدين من ريع العهدات يريدون استمرار الوضع الحالي، ويتمنون عهدة أخرى للرئيس، لأنهم يعتقدون أن تغيير الشخص سيقضي على المواقع والامتيازات التي تحصلوا عليها، مشيرا إلى أن النظام معروف باختياره للدقائق الأخيرة، عندما يتعلق الأمر بمن سيحكم البلاد، وهذا تقليد سياسي قائم منذ الاستقلال على حد تعبيره. وفي سياق متصل، استبعد المتحدث وجود صراع خطير للأجنحة أو خلافات جوهرية داخل السلطة لتفسير التغييرات الأخيرة في قيادة الحزب العتيد، معتبرا بأن الأخير يبقى حزبًا مواليا للسلطة وأمينه العام منفذا لقراراتها، ومناضلو هذا الحزب أحرار في اختيارهم الذي يجب أن يحترم كيفما كان الحال. وفي قراءته لاستخلاف جمال ولد عباس لعمّار سعداني على رأس الأفلان، يشير محمد السعيد إلى أن الأخير نفذ مهمته بشكل جلب متاعب جديدة للسلطة، مما استدعى سحبه قبل أشهر من تشريعيات 2017 حتى لا ينعكس ذلك سلبا على موقع حزب جبهة التحرير في المشهد السياسي. وقال ضيف "الشروق" إن السلطة لا تقبل بأن يذهب الأفلان مفككا للاستحقاق القادم، وبالتالي هناك سعي لرأب الصدع داخل البيت لافتكاك أكبر قدر ممكن من المقاعد. ليتابع: "في قراءتي الخاصة لا يوجد جناح يسيطر على جناح آخر داخل السلطة، "لأن المصبّ والمنبع واحد"، مشيرا إلى أن صراع الأجنحة شكلي، لأنه في نهاية المطاف هناك رجل واحد يحكم وهو رئيس الجمهورية". قال إنّ تطبيق قانون الإعلام يتم تدريجيّا "التأخر في اعتماد القنوات الخاصّة "أمر واقعيّ" قال وزير الاتصال السابق محمد السعيد، إنّ الظروف التي شهدت صدور قانون الإعلام سنة 2012، ساهمت بشكل كبير في التأخر الذي طرأ على تطبيقه بشكل سليم في الوقت المناسب، حيث جاء تحت ضغط أحداث موجة الربيع العربي، لكنه أقرّ بالمقابل، أنّ التأخر لم يكن منطقيا، بل كان واقعيا، وهو حال أغلب القوانين في بلادنا حين توضع على عجل تحت ضغط الأحداث، ولا تأخذ حقها الكافي من الدراسة، ثمّ يأتي التطبيق بصفة انتقائية، ومردّ ذلك في تقديره هو ضعف ثقافة الدولة لدى أهل القرارالذين تهمهم السلطة أكثر من الدولة. وأضاف محمد السعيد أنه بالرغم من تلك الظروف، إلا أنه يتمّ الآن تدريجيا تجسيد هذا القانون بتنظيم قطاع الاتصال، وآخر إجراء هو تنصيب سلطة الضبط للسمعي البصري التي عهد إليها بتحديد واعتماد القنوات التلفزيونية الموجودة من عدمها، مشيرا إلى أن طاقة استيعاب مركز البث محدودة بأقل من عشر قنوات للقطاع الخاص بالإضافة إلى القنوات العمومية، وهو ما قد يدفع سلطة الضبط إلى التعامل مع باقي القنوات كمكاتب أجنبية لا غير. وعن القنوات التي سيتم اعتمادها، أكد ذات المسؤول الحزبي أن القانون يخضعها لمواصفات معينة محددة في دفتر الشروط، وفي كل الحالات تبقى السلطة التقديرية لسلطة ضبط السمعي البصري قائمة. وفي سياق متصل، وصف محمد السعيد، حادثة وفاة الصحفي محمد تامالت في السجن بالمأساوية والمؤلمة، مشيرا إلى أن وفاة صحافي في السجن تعتبر سابقة في الجزائر المستقلة، وذكّر ببيان حزب الحرية والعدالة الصادر في حينه، والداعي إلى إجراء تحقيق لكشف ملابسات الحادثة، تفاديًا للابتزاز من أيّ طرف. وإن أعاب وزير الاتصال السابق طريقة تناول محمد تامالت رحمه الله للأحداث والوقائع، من خلال التهجم على الآخرين وعائلاتهم وقذفهم بكتاباته وتصريحاته من مقر إقامته بلندن، إلا أنه اعتبر أن تامالت مواطن مسجون موضوع تحت حماية الدولة، ودخل في إضراب عن الطعام، واشتكت عائلته من تقصير في عدد زياراتها لابنها، كما أن محاميه يطالبون بفتح تحقيق مستقل، مشددا على أن كل هذه الأسباب تستدعي إجراء تحقيق معمّق، حتى لا تكون هذه القضية مطية لجهات أجنبية للضغط على الجزائر. وأوضح محمد السعيد، بأنه شخصيا كان يفضل أن تلجأ إدارة السجن إلى التعامل مع قرار دخول محمد تامالت في إضرابه عن الطعام بإجباره بالوسائل الطبية على إنهاء إضرابه بعد أن أصبحت حياته في خطر، وتمكين عائلته من زيارته بصفة منتظمة دفعا لأي لبس. وستبقى هذه القضية مع الأسف كما قال مفتوحة وانتكاسة لمساعي بناء دولة القانون طالما استمر الشك في أسباب الوفاة. انسحاب الحكومة من المنتدى الإفريقي خطأ ونطالب بكشف التحقيق استبعد محمد السعيد، رئيس حزب الحرية والعدالة، فرضية الخطأ البروتوكولي في قراءته لما وقع خلال انعقاد المنتدى الإفريقي للأعمال والاستثمار بالجزائر، مؤكدا بأن طريقة انسحاب أعضاء الحكومة مؤسفة، وأضرت كثيرا بصورة الجزائر، خاصة وأنها وقعت أمام أعين الأجانب. ويعتقد ضيف "الشروق" أن الخطأ البروتوكولي يبقى سياسيا بالدرجة الأولى، مضيفا بأن الرسائل الضمنية للحادثة، تضعنا أمام احتمالين، إما أنّ منتدى رؤساء المؤسسات "الباترونا" أراد استعراض عضلاته كقوة مؤثرة في الجزائر، أو أن جهات تريد أن تُبرز أنّ أصحاب المال والأعمال بلغوا من القوة ما يجعلهم قادرين على مقارعة الحكومة. ويؤكد محمد السعيد أنه مهما كانت الأغراض والنوايا، فإنّ الحكومة تسرّعت في ردة فعلها، وكان بإمكانها تأجيل خلافاتها- إن كانت هناك خلافات- مع رجال الأعمال إلى ما بعد المنتدى والاكتفاء بإرسال إشارات خفية إلى رئاسة مكتب الملتقى، بدل تبني خيار نشر الغسيل أمام الأجانب. ويرى محمد السعيد أن النصر الدبلوماسي المحقق في اجتماع الطاقة المنعقد بالعاصمة، والذي استطاعت فيه الجزائر إقناع الدول الفاعلة في أوبيك، بمراجعة مواقفها وتخفيض إنتاجها من النفط، سرعان ما غطّت عليه حادثة المنتدى الإفريقي ليتابع: "..الغريب أن كل هذا يأتي من داخل النظام، ومن الصعب إيجاد جواب مقنع...هذا يكشف على الأقل عن غياب الانسجام داخل السلطة"، متسائلاً عن نتائج التحقيق الذي قيل إن مصالح رئاسة الجمهورية باشرته عقب الحادثة! "نحن ضد الكرسي الشاغر والجزائر تعيش أزمة تسيير الماليّة" تخوّف رئيس حزب الحرية والعدالة من مضاعفات تراجع القدرة الشرائية للمواطنين وتفشي البطالة على نطاق أوسع على الوضع الأمني، بسبب ما سماه أزمة التسيير المالي في الجزائر، مرافعا لضرورة التعجيل في إيجاد حلّ توافقي لرسم خارطة طريق المستقبل. وبشأن التصريح التلفزيوني للوزير الأول عقب توقيع رئيس الجمهورية على قانون المالية للسنة الجديدة، قال محمد السعيد إن كلام سلال يرسم آفاقا لمواجهة تراجع مداخيل النفط بأقل التكاليف... في هذه الحالة وفي كل الحالات، العبرة بالتطبيق لأن المواطن ينتظر آثار هذا التصريح في الأسواق وفي سوق العمل والخدمات... وفي تقديره فإن الاستقرار الاجتماعي لن يكون حقيقيا إلا إذا كان هناك ربط بين الرواتب والأجور وأسعار المواد الأساسية والخدمات، موضحا أن تجميد الرواتب والأجور دون الأسعار يؤثر سلبا على القدرة الشرائية للمواطن مهما حاولت الحكومة التحكم في نسبة التضخم. وقال محمد السعيد بأن انهيار أسعار البترول كان متوقعا قبل 2014، وكل الخبراء حذروا من تراجع سعر برميل النفط إلى 30 دولارا أو أقل، لكن لم تتخذ الاحتياطات الكافية، مشيرا إلى أن السلطة لا تزال تملك مخارج النجدة إن قررت ذلك، وأضاف بأن التوافق مهم جدا في هذه المرحلة، لأنه إذا انفجر الوضع غدا- لا سامح الله-، سيكون تحقيق التوافق صعبا، خاصة إذا جاء بعد التوجه إلى الاستدانة الخارجية عبر صندوق النقد الدولي، لأن هذا الخيار يفقد الجزائر سيادة القرار. بالمقابل عبر رئيس حزب الحرية والعدالة، عن رفضه لسياسة الكرسي الشاغر في تلميح إلى موقف الحزب من الانتخابات المقبلة، لكنه أردف أن المؤتمر العادي الأول للحزب الذي سينعقد نهاية جانفي المقبل سيفصل في مسألة المشاركة من عدمها... وقال: "شخصيا، أنا ضد الكرسي الشاغر ولا أؤمن بجدوى التطرف في المعارضة، وشعار حزبنا هو: التحلي بالواقعية، الأخذ بالممكن، والتدرج في التنفيذ". تحالف الإسلاميين في فائدة المعارضة... ولكن حذار! بارك رئيس حزب الحرية والعدالة، محمد السعيد التحالفات المعلنة بين الأحزاب الإسلامية، معتبرا التقارب بينها في فائدة المعارضة، لكنه شدّد على "أن تكون تلك التحالفات مؤسسة على قواعد صلبة، وليس مجرد عناوين وواجهات، هدفها انتخابي فقط، لأن ذلك قد يخلق خيبة أمل أخرى لدى الرأي العام فيما بعد". كما أوضح ضيف "الشروق"، أن ظرفيّة التنسيقيات ناتجة عن غياب ثقافة المعارضة، قائلا "لكي تكون المعارضة ناجحة، لابدّ من نكران قيادات الأحزاب لذاتها عند دخولها في أي تكتل"، وأضاف "يجب أن يكون الهدف من التكتلات هو الدفاع عن المصلحة المشتركة للجميع، وتلك هي بداية العمل الجماعي الجاد والمأمول". واعتبر بالمقابل أن مقاطعة أحزاب المعارضة للعمليات الانتخابية لن تمكّن من تغيير النظام القائم بل ربما تساعده على تكريس واستمرار الوضع القائم، مضيفا أن مصداقية المعارضة وقدرتها على التغيير تكون أكثر فعالية بالمشاركة والنزول إلى الميدان، ودعا محمد السعيد إلى المراهنة على عنصر الشباب الذي يحتاج إلى القدوة وعامل الزمن، من أجل الظفر بفرصة التغيير، محذرا في نفس الوقت من تجييش الشارع خاصة في الظروف الراهنة التي نحن فيها في أشدّ الحاجة إلى جبهة داخلية قوية لحماية حدودنا. وفي حديثه عن المرحلة الانتقالية التي تنادي بها بعض أحزاب المعارضة، أكد وزير الاتصال السابق، أن هذا الخيار ممكن تبنيه إذا كان ثمرة توافق وطني بين جميع التيارات والقوى السياسية، وفي كل الحالات فالسلطة التي تملك أدوات التنفيذ بل والتغيير أيضا، تظل طرفا في الحل مهما كانت طبيعته".