سليمان بخليلي تهمة شراء "نسمة" لفرسان القرآن إشاعة هدفها تبرير استيلاء التلفزيون على البرنامج أعلن انسحابي النهائي من التعامل مع مؤسسة التلفزيون إلى حين رحيل العلمي! لم يكنْ في نيتي أبداً أن أتحدثَ يوماً في موضوع استيلاء مؤسسة التلفزيون من خلال مديرها العام عُنوةً على برنامج فرسان القرآن، فقدْ كُنتُ قبل أن يُدلي العلمي بحديثه للشروق أتهربُ من الخوضِ في موضوع أكرهُ أن أتحدثَ فيه، إجلالا مني لكلام الله عز وجل الذي أنزهه أن يكون موضوعَ صراع بين البشر، لكنني أجد نفسي الآن رغم تواجدي في فرنسا للعلاج بعد أن سبقني للكلام، مُجبراً للرد عن حديثه، توضيحاً للرؤيا وإظهاراً للحقيقة، وممارسة لحق الرد المكفول قانوناً. * فبالرغم من حيازتي على شهادة الملكية الفكرية للبرنامج الصادرة عن الديوان الوطني لحقوق التأليف، والمرفقةِ نسخةٌ منها، إلا أنني رفضتُ منذ أن استدعاني العلمي قبل ثلاثة أشهر وأخبرني بالحرف الواحد أنه قرر استرجاع البرنامج (دونَ أن أفهم َممنْ يريدُ استرجاعَه) رفضتُ أن أرفع دعوى قضائية ضد التلفزيون حتى لا أكون سبباً في توقيف برنامج فرسان القرآن وحرمان المشاهدين منه كما يأملُ من يريدونَ ذلك، أو إعطاء الفرصة من خلال الدعوى القضائية وما سيصاحبُها من ضجيج إعلامي أن أتهمَ بالمتاجرة بالقرآن، مع أنه من الشرف العظيم وأي شرفٍ أن تَكسبَ قوتك من القرآن، وقد رفضتُُ مقاضاة التلفزيون وأخبرتُ العلمي بذلك كتابيا في حينها لإيماني بأن كلام الله العزيز الحكيم أجل وأكبر من أن يكون محل نزاع قضائي بين البشر وأي بشر؟! * * * ففي معرض حديثه عن برنامج فرسان القرآن على هامش إعلان انطلاقته يوم الجمعة الماضي قال المدير العام كلاماً غير مفهوم مؤداه الحرفي: "إن التلفزيون مؤسسة وتتعامل مع المؤسسات وليس مع الأشخاص"، ورغم أن البعضَ منكم مع التأكيد على كلمة البعض يشهدُ لي بالحد الأدنى من الذكاء، إلا أنني أجدُ نفسي قاصراً عن فهم هذا الكلام كقصور أذكى شخص منكم عن فهم أغلبِ كلام المدير العام للتلفزيون الذي يستعينُ لإفهام محدثيه بتكرار عبارة: "مانيش عارف فهمتني والا لا؟؟" لقناعته المؤكدة بأن لا أحدٌ يفهمُه! * * والحقيقةُ أنه استوحى هذا الكلام مع استعمالٍ غامضٍ من قولي له ذات يوم عندما بلغني اعتبارُه لي بأنني من جماعة المدير العام السابق للتلفزيون، الأستاذ حمراوي حبيب شوقي: ( أنا مرتبط دائما بالمؤسسات التي أتعاملُ معها، ولم أرتبط يوماً بشخص، لأن الأشخاص زائلون والمؤسسات باقية، ولا يبقى من الأشخاص سوى أعمالهم)، تماماً كالأعمال الفنية الجميلة التي بقيتْ من شخص المدير العام السابق للتلفزيون وفي مقدمتها فرسان القرآن! * * * وإبراءً لذمة قناة أجنبية تم حشرُها عمداً في موضوع برنامج فرسان القرآن من أجل تبرير انتزاع إنتاجه مني، أقسمُ لكم بالله العلي العظيم وأنا أحفظ ُ القرآن الكريم عن ظهر قلب، ويشهدُ لي بالإيمان من يرتاد مسجد الحي من الجيران، وتشهد لي شركة الكهرباء والغاز والمياه بالمواطنة الصالحة، أنه لم يتصلْ بي أحدٌ من هذه القناة بالتحديد، مما يؤكدُ استغلالَ إدارة التلفزيون لاسم هذه القناة من أجل تبرير الاستيلاء على البرنامج ، بل إن هذه الإدارة لم تكتفِ بهذا التبرير الواهي، فاهتدتْ لاختلاق مبرر آخر لن يكون الأخير بالتأكيد، لكنه أكثر تأثيراً وأبلغَ وقعاً في النفوس، وذلك باستغلال موجة البضاعة الرائجة في البلاد هذه الأيام: بضاعة الفساد وسوء التسيير لتحشُرني فيها، حيث يشيعُ محيط المدير العام أنني أسأتُ مالياً تسيير إنتاج برنامج فرسان القرآن الذي كانَ حسبَهم يكلفُ مبالغ طائلة في فترة المدير العام السابق، كبُرتْ كلمةً تخرجُ من أفواههمْ لأنني لم أنتجْ في عهد الأستاذ حمراوي سوى طبعة واحدة، وبنفس مبلغ إنتاج الطبعة الثانية التي أنتجتُها العام الماضي في عهد العلمي، وكلتا الطبعتين تم إنتاجهما بنفس المبلغ : 59 مليون دينار جزائري، وبتمويل من مؤسسة جيزي، بينما سيتم إنتاج طبعة هذه السنة من طرف قناة القرآن بتمويل من مؤسسة التلفزيون بمبلغ يفوق 90 مليون دينار جزائري! * * لكن السؤال الأكثر إلحاحاً: كيف يستكثرُ السيد العلمي مبلغ 50 مليون دينار يُصرفُ عن القرآن الكريم وتشجيع المواهب الشابة في ميدان التجويد ولم شمل العائلة الجزائرية حول كتاب الله عز وجل طيلة ليالي رمضان بشكل غير مسبوق منذ 28 أكتوبر 1962، وبمجموع زمني لحلقات البرنامج يساوي 1088 دقيقة، أي 18 ساعة بث، ولا يتورّع عن توقيع عقد كوميديا موسيقية مدتها ساعة ونصف فقط بمبلغ 11 مليار سنتيم، مع احترامي لتوّجهه العلمي وميوله باعتبار أنه بدأ مساره المهني في فرقة موسيقية! * * وعندما يبرر ذلك بأن ملف إنتاج هذه الكوميديا تم إعداده في فترة المدير العام السابق ولم يقُمْ هو إلا بتحرير العقد وتوقيعه، فإن هذا الكلام مردود عليه لأن أحداً لم يجبره على التوقيع، فهل أجبره أحد على انتزاع البرنامج مني!؟؟ * * * أنا أعرفُ جيداً ومن زمنٍ بعيدٍ براعة العلمي في كسب الأعداء واختلاق التبريرات لاتخاذ الناس أعداء ً، ومع ذلك فقد كنتُ ومازلت أترفع عن مثل هذا الخلق المشين، حيث لا عدو لي سوى الشيطان، ولا خشية لي إلا من الله، ولذلك، فأنا لن أتفاجأ ولا أريدكم أن تتفاجؤوا إنْ علمتمْ في الأيام القليلة القادمة أن هذه البراعةَ اهتدتْ لاتهامي بتهمةٍ أخرى قد لا تَخطرُ على بال أحد، لكنني أشهِدُ الله أمامكم من الآن أن تهمتي الوحيدةُ هي نجاحي، والذنبَ الوحيد لبرنامج فرسان القرآن هو انتشاره والتفاف الجزائريين من حوله، هؤلاء الناسُ الطيبونَ الذينَ يعرفون أنني عملتُ طوال أكثر من ربع قرن في ميدان الإنتاج التلفزيوني أرفعُ رأس بلدي عالياً، ولا أقدم عملاً إلا بعد أن أراجعَه ألف مرة، سواءٌ من خلال خاتم سليمان أو ساعة من ذهب أو فرسان القرآن، لكنني أجدُ نفسي الآن مضطرا لأعتذرَ لهم وأستأذنَهم في الانصراف إلى حين رحيل المدير العام الحالي الذي لم يثنن انتزاعُه برنامجَ فرسان القرآن مني أن أتقدمَ له بمشروع برنامج خاتم سليمان، في إطار مناقصة مشاريع برنامج رمضان المقبل (حيث صار العلمي يعامل الفنان والمبدع والعمل الفني بنظام المناقصات، مثلُه مثلُ منْ يتقدم للحصول على مشروع لإنجاز قنوات صرف المياه، وذلك بدعوى الشفافية في التسيير رغم أن العكس تماماً هو الحاصل، حيث يضربُ الغموضُ مبدأ حياد لجنة الاختيار، ويحيط بأسباب رفضها أعمالا وقبولها لأخرى في إطار هذه المناقصة) ومع ذلك ، تقدمتُ كغيري بملف إنتاج خاتم سليمان لهذا العام، وتم رفضُه بطبيعة الحال دونَ أن يشكل ذلكَ مفاجأةً بالنسبة لي، وهنا أفندُ ما ورد في جريدة الشروق بشأن بيع برنامج خاتم سليمان لقناة نسمة التي لم تتصلْ بي أصلاً في الموضوع، رغم أنني سأتصلُ الآنَ بها وبغيرها من الفضائيات العربية، طالما أنني مرفوض حالياً في التلفزيون الجزائري، بتهمةِ أنني لا أحسِنُ مع الأسفِ وبشهادةِ الجميع إنتاجَ الرداءة! * * * لا أريد أن أكشفَ اليوم أسبابَ غلق العلمي لأبواب مؤسسة التلفزيون في وجهي، حيث ُ سيأتي اليوم الذي يقتضي فيه الأمر كشفَ الأمور، لكنني أقول كما قال الأديب الكبير أمين الزاوي ذات يوم:"أعطوني التلفزيون 24 ساعة فقط، وأتحدى إن لم أ ُعَوضْ للجزائريين قروناً من الرداءة السابقة واللاحقة"، فقد مضتْ قرابة 24 شهرا عن مجيء المدير العام الحالي دون أن يتقدم التلفزيون الجزائري خطوة إلى الأمام، بل على العكس، فقد تراجعَ ليصبحَ تلفزيون الأرشيف يُعيدُ عرض أفلام المفتش الطاهر وبوبڤرة التي لم تعدْ تضحكُ جيلَ الفضائيات اليوم، ويُغلقَ الأبواب في وجه كل الكفاءات الخلاقة المبدعة، بدءا من جعفر قاسم، مرورا بالأمين مرباح، وليس انتهاءً بسليمان بخليلي، ويواضبُ مديره العام على أخذ قيلولة يوميا لمدة ساعتين، في حين لايواضبُ على متابعة الرداءة التي تتخبط فيها قنواتُه الخمس، ولولا الأحداث الرياضية التي صاحبتْ فترة مجيئه وغطتْ عن رداءة التلفزيون، لطالبَ المشاهدونَ والمنتجونَ بتحويله لتسيير المناقصات المفتوحة مادام بارعاً في تسييرها، تحقيقا لمبدأ الجزائر الخالد عبر الزمن: الرجل المناسب في المكان المناسب، بدلا من جعلنا أضحوكة بين الفضائيات العربية!.